بالفيديو ... المشهد الجديد للعُزّاب في المنامة: سرقاتٌ وتحرشاتٌ بالأطفال والنساء
المنامة - صادق الحلواجي
القصص المتعلقة بتداعيات تفاقم أزمة سكن العزاب في العاصمة المنامة، واكتظاظ منازل ومبانٍ بالعشرات بل المئات منهم، جعلت وقائع دخيلة وغريبة تتكرر بشكل شبه يومي، ففي شهر رمضان المبارك الماضي 1437هـ (2016م)، شهدت أحياء متفرقة من المنامة سرقات متواترة وبالآلية نفسها.
وذكر الأهالي أن عدداً ممن تعرضوا للسرقة قدموا بلاغات لدى السلطات الأمنية على خلفية 8 سرقات على الأقل شهدوها خلال فترة أسبوعين، أي بمعدل سرقة كل يومين، وتركزت غالبيتها في سرقة السيارات المركونة في مختلف الأحياء.
وتتمثل في قيام المجهولين بتكسير إحدى نوافذ السيارة وفتحها والتفتيش في محتوياتها بقصد سرقة المقتنيات والحقائب.
والتقت «الوسط» مع مجموعة من أهالي المنامة يقطنون في أحياء متفرقة تعتبر الأكثر تضرراً من تفاقم مشكلة العمالة العازبة الأجنبية ضمن المجمعات 301، 302، 304، بينهم ملاك عقارات، وسكان، وغيرهم.
مبانٍ سكانها أكثر من 400% من طاقتها الاستيعابية والمخالفات بالجملة
العُزّاب في المنامة... أحياءٌ أهلُها غُرباء... والمشهدُ الجديد: سرقاتٌ وتحرشاتٌ بالأطفالِ والنساء
المنامة - صادق الحلواجي
تشير الساعة الآن إلى نحو الثامنة مساءً، أسرة صغيرة قررت أن تتناول وجبة عشائها، الأم انشغلت في المطبخ لإعداد الطعام، وإحدى البنات تولت مهمة الخروج لشراء إحدى الحاجات من البقالة والمطعم القريب من المنزل... خرجت بكل هدوء وروية مطمئنة بالحركة الاعتيادية في محيط المنزل، فبعد كل بضعة أمتار هناك مجموعة من أبناء المنطقة يجلسون للقيا وتبادل الأحاديث، وهم بمثابة عنصر الأمان لكل أبناء الحي كآباء وإخوة، لكنها لم تعلم أن هناك من يتتبع خطواتها بهدوء تام ويكنُّ لها ما لم تتوقعه أبداً... ونكمل قصتها لاحقاً.
الطفلة فاطمة الطيب، لم تكن قصتها بعيدة عن تفاصيل قصة امرأة كانت تعود إلى منزلها بعد خروجها من أحد منازل قريباتها في نفس المنطقة بالمنامة، امرأة كبيرة في السن نسبياً، تحمل كيساً وحقيبتها الشخصية... وعند منحنى أحد الأزقة الضيقة سمعت أصوات خطوات سريعة وكأن أحداً يهم بالمرور، ولم يسعفها الوقت لأن تلتفت للخلف أبداً، ففي لمحة بصر لحظت أجنبيا سحب حقيبتها من يدها وهرب راكضاً بكل ما فيها.
القصص المتعلقة بتداعيات تفاقم أزمة سكن العزاب في العاصمة المنامة، واكتظاظ منازل ومباني بالعشرات بل المئات منهم، جعلت وقائع دخيلة وغريبة تتكرر بشكل شبه يومي، ففي شهر رمضان المبارك 2016، شهدت أحياء متفرقة من المنامة سرقات متواترة وبنفس الآلية، وشملت التعدي على مركبات ومنازل، وذكر الأهالي أن عدداً ممن تعرضوا للسرقة قدموا بلاغات لدى السلطات الأمنية على خلفية 8 سرقات على الأقل شهدوها خلال فترة أسبوعين، أي بمعدل سرقة كل يومين، وتركزت غالبيتها في سرقة السيارات المركونة في مختلف الأحياء، وتتمثل في قيام المجهولين بتكسير إحدى نوافذ السيارة وفتحها والتفتيش في محتوياتها بقصد سرقة المقتنيات والحقائب.
الأمر تعدى ذلك، ووصل لحد أن اللصوص عمدوا إلى الدخول لبعض المنازل بغرض سرقتها عبر النوافذ والأبواب، وركزوا في هذه العمليات على المنازل القديمة أو التي تأكدوا بأنها تخلو من قاطنيها مؤقتاً، أو لا يتردد عليها أهلها إلا في المناسبات مثل شهر رمضان المبارك وشهر محرم، كما هو معروف لدى أهالي المنطقة. وقد ضبط الأهالي اللصوص إلا أنهم لاذوا بالفرار، وتيقنوا بأنهم من العمالة الوافدة الآسيوية. كما نقلوا لـ «الوسط».
«الوسط» تلقت العديد من الشكاوى والتهكمات من مواطنين في المنامة، شكوا عبر اتصالات عدة مشكلات العمالة العازبة، والتي يمكن تلخيصها في التالي: دخول عادات وتقاليد جديدة تتنافى مع المجتمع البحريني الإسلامي المحافظ، تفشي حالات السرقة والتحرشات الجنسية بالأطفال والنساء، تفاقم أزمة مواقف السيارات، تأثر البنى التحتية من كهرباء وماء حيث تتكرر الانقطاعات المفاجئة، فيضانات المجاري بسبب زيادة عدد السكان في المناطق، التكدس في المباني بنسبة تزيد عن 500 في المئة عن الطاقة الاستيعابية لها، وغيرها.
والتقت «الوسط» مع مجموعة من أهالي المنامة يقطنون في أحياء متفرقة تعتبر الأكثر تضرراً من تفاقم مشكلة العمالة العازب الأجنبية ضمن المجمعات 301، 302، 304، بينهم ملاك عقارات، وسكان، وغيرهم.
جيران أغرتهم الدنانير
الحاج عبدالحسين الحلواجي، يقول: «كنا في السابق أحياء متماسكة، سكانها أهلها، وننظر لكل امرأة وبنت كأم لنا أو أخت وبنت، ونحس بالمسئولية الاجتماعية تجاه كل ما هو موجود في هذا الحي، ولا نرضى بأي شيء يمس من كرامته وعفافه وسلامته وكل المكتسبات فيه، حتى ان تفشت في وسطنا ظاهرة العمالة العازبة التي وللأسف قطنت في بيوت ومباني كان يسكنها بحرينيون، فهم خرجوا وأجروها، ووقعت طامة المشكلة على من بقي موجوداً منا حتى هذا اليوم، وهو أمر يؤسف عليه للغاية حيث لم يتحمل أحد من ملاك العقارات التي أجروها على الأجانب حس المسئولية تجاه مجتمعهم الذي أكرمهم وصانهم قبل أن تغيرهم المادة».
وأضاف الحلواجي «نعاني من أزمة مواقف السيارات، فالأمر بلغ أن الوافدين يرتكبون المخالفات علناً من دون أدنى اكتراث، وحصل في عشرات المرات أن تم تنبيه بعضهم بأنه مخالف أو في موقف خاطئ وسرعان ما يكون التعليق إما بالتجاهل والمضي دون اكتراث أو الامتعاض وتصريحه بعدم خوفه أو اهتمامه للمخالفة، وبالتالي إما يغلق الشارع أو يعيق الحركة. وهنا أقصد القول أن نسبة كبيرة من العمالة العازبة لم تعد تحترم القانون والأعراف المحافظة في مجتمعنا، ومرور سريع في وسط الأحياء سيكشف عن هذه الحالة... رجال نصف جسمهم عار والنصف الآخر بإزار، وآخرون يعترضون حركة مرور النساء والأطفال وهم بهذا الشكل دون اكتراث (...)».
وأكد الحلواجي «حجم المشكلة ليس بالهين، والمسئولية تتقاسمها الدولة وكذلك الملاك من أصحاب العقارات التي يؤجرونها على أجانب ليضروا المتواجدين من الجيران البحرينيين، في حين أنهم لا يرضون بذلك لأنفسهم (...)».
عمارة من 3 طوابق تضم مئات العزاب
في وجهة نظر موازية، قال حسين الشويخ: «العقار المقابل لمنزلي كان منزلا لعائلة بحرينية، وبعد سنوات من هجرانها، بيعت أرضه، وأنشئت عليها عمارة من 3 طوابق، وبعد وصول التيار الكهربائي إليها قام المالك بزيادة طابق رابع إليها، وأجرت جميع الشقق فيها على العمالة الأجنبية العازبة، والأمر لم يتوقف هنا، فكنا نشتكي طوال الأعوام الأخيرة من مشكلة العزاب في هذه العمارة، لكننا لم نع حجم ما نواجهه من خطر إلا حين حصل فيها حريق قبل نحو عامين، والذي كانت أسبابه ماسا كهربائيا في المحولات الرئيسية للعمارة بسبب الضغط على الطاقة»، مضيفاً «حين شبت النار وانتشر الدخان، تفاجأنا بالعدد المهول الذي كان يسكن العمارة، فمن كثرتهم هموا للخروج منها عبر النوافذ متسلقين أنبوب تصريف مياه المجاري، وتجمعوا خارج المبنى ونحن في صدمة من العدد الكبير الذي كان في الداخل».
وأضاف الشويخ «الحديث هنا شاهده غياب الرقابة الرسمية المباشرة وغير المباشرة عن هذا المبنى كمثال، فطاقته الاستيعابية قد تضاعفت لأكثر من 300 أو 400 في المئة، ما يعني أثر على البنية التحتية من كهرباء وماء وشبكة صرف صحية وطرق وغيرها»، مفيداً «للأسف المالك ليس من المنطقة نفسها، لكنه بحريني، وأجزم أنه لن يرضى بأن يفعل أحد ذلك بالقرب من منزله، فنحن لدينا أطفال ونساء وبنات نخشى عليهن الخروج من المنزل لوحدهم ومن دون مرافق، لاسيما في وقت تتكرر على مسامعنا حوادث السرقة والتحرش».
وزاد الشويخ علي قوله «اعتراض الأهالي على مشكلة سكن العزاب وتأجيرهم للشقق لم يأت من فراغ، بل بعد الكثير من المشكلات التي ترتبت على ذلك، فقد أصبحنا غرباء في مناطقنا، المخالفات بالجملة بلا حسيب ولا رقيب».
الإيثار لدى المُلاك
من جهته، تحدثنا إلى أحد الملاك، وهو فيصل المسترشد، وقال: «لدي منزل في وسط المنامة، وقد عرض علي أجانب أن أؤجره عليهم بمبلغ يصل إلى 600 دينار شهرياً، أي مبلغ 7200 دينار سنوياً، لكنني رفضت نهائياً، وفضلت أن يبقى المنزل خالياً ومن دون مردود ولا أتسبب في مشكلات ومضايقات لأهل الحي الذي عشت وترعرعت فيه»، مضيفاً «النساء هناك إما أمهاتي أو أخواتي وبناتي، ولن أرضى عليهن نهائياً بأن أكون سببا في مشكلة يقعن فيها، وحرياً بي أن أحفظ كرامة منطقتي أمام مغريات المال، فللأسف هناك الكثير من الملاك لم يكترثوا إلى هذا الجانب وغرتهم الدنانير على حساب جيرانهم».
وأضاف المسترشد «الأمر بحاجة إلى وعي وإدراك لحجم المسئولية التي يحملها أصحاب الأملاك، فالمشكلات بدت واضحة بسبب تأجير العمالة العازبة التي تقوم هي أيضاً بالتأجير بالباطن، فالغرف في كل شقة تؤجر بما تستوعبه من أسرة، ما يعني أن العدد مفتوح دون تحديد».
مخمورون
وتطرق أحمد علي، وهو من سكنة المنامة أيضاً، إلى الموضوع من زاوية أخرى، وقال: «لم يعد غريباً أن ترى عددا من العمالة العازبة ليلاً يتجولون وهم في حالة سكر مخمورون، يتغنون بأصوات مرتفعة، ويتجمعون بأعداد كبيرة في وسط الممرات والأزقة الضيقة، وهذا كله في مجتمع يعيش فيه أبناؤنا ونساؤنا، ومن المستحيل أن يتجرأ أحد على الحديث لهم أو معارضتهم، فهم مجموعات كبيرة، وسبق أن اعتدوا على من اعترض على تصرفاتهم بالضرب والشتم والتعرض لممتلكاته، والأمر في نهاية الحال سائب بين كل الجهات المعنية»، مستدركاً «الأمر لم يقف هنا في هذه الزاوية، بل أصوات الأغاني والتلفاز التي تصدح ليلاً ونهاراً من دون مراعاة لصوت الأذان أو القرآن في المساجد والمآتم لا يمكن أحد إيقافها، فهم مجتمع كامل يعيش كدولة مصغرة».
ومجموعة من النساء، تحدثن معقبات: «لم يبق لنا خصوصية، لا في المنزل ولا خارجه، الأجانب يطلون علينا من أعلى المباني المجاورة، والتي كانت للأسف يسكنها بحرينيون مثلنا كلاً يحمي ويحفظ بعضنا الآخر، كما أن الأمان غاب نهائياً، ومن المستحيل أن تأمن امرأة الخروج ليلاً باعتبار أن الأجانب وصل بهم الحال للجلوس على عتبات منازلنا، وترى ماذا عسانا نفعل؟ ومن هو المسئول؟ فالأجنبي أصبح يعلو صوته حين تحدثه، ولا يكترث نهائياً بك».
هنا انتهى لقاؤنا مع مجموعة من أهالي المنامة، بإحباط كبير؛ لأنهم سبق وأن تحدثوا طوال عقد من الزمان عن هذا الموضوع بإسهاب وتكرار، ولم يحصدوا إلا المزيد من تفاقم المشكلة وتداعياتها... فترى هل ستتكرر قصة الطفلة فاطمة الطيب التي تجرأ عليها الأجنبي وحاول أن يسحبها من يدها رغم أنها دخلت المنزل؟ وماذا بعد أن وصل الحال بالنساء إلى الخوف من الخروج حتى لا يتعرضن للسرقة والتحرش العلني في وقت يتفرج فيه الجميع؟ فاطمة تمكنت من الهرب، ولكن قد لا تسلم أخريات.