مظاهر الفرحة والسرور تعمُّ أرجاء البحرين احتفالاً بقدوم واستقبال خادم الحرمين
المنامة - بنا
عبَّرت اللفتة الكريمة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بتقبيل علم مملكة البحرين أثناء مشاركته في حفل العرضة الذي أقيم على شرفه أمس الأربعاء (7 ديسمبر/ كانون الأول 2016)، عن الكثير من معاني الأخوة الراسخة والمودة العميقة التي تربط قيادتي وأهلي هاتين المملكتين الغاليتين منذ القدم.
كما جسدت مظاهر الاحتفال التي شملت جوانب المملكة، فضلا عن حشود أهل هذه البلد الكرام الذين ملأوا الشوارع أمس وصباح اليوم للاحتفاء باستقبال خادم الحرمين الشريفين، حقيقة كون المملكتين الشقيقتين كانتا وما زالتا وسيظلان كياناً واحداً عصيًّا في وجه أي تحدٍّ أو خطر، ولا يعبر مواطنوهم إلا عن شعب وموقف ورأي واحد.
وواقع الأمر أن زيارة خادم الحرمين الشريفين للمملكة، التي تعد الأولى منذ تسلمه مقاليد الحكم العام الماضي، ولقاءاته ومباحثاته الموسعة مع العاهل المفدى الملك حمد وكبار المسئولين، تتوج مسيرة عامرة من العلاقات التاريخية الممتدة والمتشعبة التي بنيت طوال القرنين السابقين على أمتن الوشائج بين شعبي وقيادتي البلدين.
بل يمكن القول إن القمة البحرينية ـ السعودية المشتركة مثلت جسرا صلبا وامتدادا لقمم وزيارات تاريخية سبقتها كان آخرها: زيارة المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز العام 2010، وسبقتها زيارة المغفور له الملك فهد بن عبدالعزيز العام 1986، الذي دشن وقتها الشريان الرابط للبلدين، فضلا عن الزيارة الكبيرة التي قام بها المغفور له الملك عبدالعزيز مؤسس الدولة السعودية العام 1930، والتي مثلت أساسا راسخا وانطلاقة كبيرة لترسيخ العلاقات، وأسست لتاريخ طويل من العلاقات المتينة سيمتد إلى أبد الآبدين.
وتكشف تلك العلاقات الوطيدة التي ربطت المملكتين على مدار تاريخهما القديم والحديث والمعاصر، عن بديهية تاريخية ثابتة، وهي: أن ما يجمعهما القدر، لا يمكن لأحد أن يفرقهما، وخاصة مع ما يربط قيادتي وشعبي البلدين من أواصر تقوم على التواصل والود والمحبة، وما يجمعهما من وشائج القربى والمصاهرة والنسب ووحدة المصير والهدف المشترك، بالإضافة إلى الجوار الجغرافي وعضويتهما في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية وغيرها.
لذلك، ليس من المستغرب أن يندفع قدما قطار العلاقات الثنائية المشتركة بين المملكتين، ويمضي مسارها لحدود أبعد وأبعد بما يلبي تطلعات قيادتيهما وأحلام شعبيهما، حيث تبعت هذه الزيارات اتصالات على المستويات كافة وفي جميع المناسبات، وتحركات دؤوبة متبادلة شملت كل القطاعات والجوانب السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية وغيرها.
ويرى مراقبون أن العلاقات بين المملكتين تسمو دائماً عن كونها مجرد علاقات دبلوماسية بين دول تتحكم فيها المصالح والتكتيكات السياسية، بل ويصفونها بأنها على العكس من ذلك، أو ربما أعمق من ذلك؛ كونها بنيت على أسس من الصدق والاحترام المتبادل، وعلى تجربة تاريخية ثرية وعميقة، وعلى مواقف ثابتة تبرهن على خصوصية العلاقة وصلابتها.
إن علاقة المملكتين بعضهما بعضاً تجسد نموذجاً متميزاً لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الدول المجاورة والشقيقة؛ حيث التناغم والتفاهم التام بين القيادتين الحكيمتين، وحب متبادل وحرص على مصلحة المواطنين في كلا البلدين، وتقارب بين الأسر وزيادة في المصاهرة، مصالح تتعزز دوماً يقويها جسر الملك فهد الذي ربط البلدين ليكون رابطاً ماديّاً بعد روابط المحبة والجوار للشقيقين اللذين يؤثر كل منهما الآخر.
وللتدليل على مدى عمق العلاقات بين المملكتين، تكفي الإشارة إلى عدة شواهد، أولها: أن هذه العلاقات أقرب ما تكون لنموذج الاتحاد بين الدول، فلم تشهد ولله الحمد أي خلافات على مر التاريخ، بل هي تأخذ منحى تصاعديا دائما في جميع المجالات، كما أن أبناء الشعبين الشقيقين لا يشعران بالغربة حينما ينتقلان لأراضي الأخرى والعكس، وتسود روح الود والمحبة بينهما، فالسعودية تمثل البلد الثاني للبحرينيين، والبحرين تمثل البلد الثاني للسعوديين، ما يجعل النموذج البحريني السعودي في العلاقات الثنائية هو النموذج الأمثل لفكرة الاتحاد الخليجي المنشود.
ثانيها: تميز العلاقات السياسية بين البلدين، والتي شهدت ومازالت تشهد قدراً كبيراً من التنسيق وربما التوحد في المواقف من القضايا الإقليمية والدولية التي يتم تداولها على الساحتين الإقليمية والدولية وفي مؤتمرات قمم مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية.
ثالثها: تعد السعودية الشريك التجاري الأول للبحرين، حيث تجاوزت الاستثمارات السعودية في المملكة نحو 15 مليار ريال سعودي، فيما بلغ عدد الشركات الفاعلة التي فيها استثمار سعودي في البحرين نحو 350 شركة، بينما بلغ عدد الشركات السعودية العاملة والمسجلة في البحرين نحو 50 شركة.
وتوجد نحو 896 شركة من الشركات السعودية المساهمة في مملكة البحرين التي تعمل في مجالات السفر، الشحن، التجارة، الهندسة، وغيرها من المجالات.
وكان لتوجيهات قيادتي البلدين دور بارز في تعزيز ودعم هذا التعاون الذي جسدته المشروعات المشتركة، وتفعيل سبل تنمية التبادل التجاري، والعمل على إزالة المعوقات التي تواجه العمل الاقتصادي، وتسهيل انتقال رؤوس الأموال بين البلدين ما ساهم في تعدد المشروعات الاقتصادية المشتركة بين البلدين الشقيقين.
ويشار هنا إلى أن المملكة السعودية تمثل عمقاً استراتيجيّاً اقتصاديّاً لمملكة البحرين كونها سوقاً اقتصادية كبيرة أمام القطاع الخاص البحريني، في المقابل فإن البحرين تمثل امتداداً للسوق السعودية في ترويج البضائع والمنتجات السعودية. كما أن مملكة البحرين بفضل ما تتمتع به من سياسات اقتصادية تقوم على الانفتاح وتنويع مصادر الدخل وسن تشريعات تحمي المستثمرين والاستثمارات استطاعت أن تستقطب الكثير من الاستثمارات السعودية إليها والتي أصبحت تستحوذ على النصيب الأوفر من السوق الاستثمارية البحرينية.
وتشهد حركة السياحة بين البلدين تنامياً ملحوظاً بفضل الإجراءات التي اتخذها البلدان فيما يتعلق بالدخول والخروج عبر جسر الملك فهد وتوسعة الجسر والسماح للسعوديين والبحرينيين بالدخول في كلا الاتجاهين ببطاقات الهوية فقط، إضافة إلى الجهود التي تبذلها البحرين لتنمية النشاط السياحي من خلال إقامة المنشآت السياحية المتطورة وتشجيع السياحة العائلية وسياحة اليوم الواحد التي جذبت عدداً كبيراً من السعوديين، وقد بلغ عدد السائحين سنوياً لمملكة البحرين أكثر من 5 ملايين زائر.
إن مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية تتطلعان من خلال الزيارة الكريمة لخادم الحرمين الشريفين إلى مزيد من الإنجازات والنتائج الإيجابية التي تصب في مصلحة الشعبين الشقيقين، في ظل علاقات راسخة وصلبة، تدعمها حنكة القيادتين الحكيمتين، ووحدة الشعبين، التي تعزز وتطور وتخدم العلاقات المشتركة.