وضع الدراز تحت المجهر
تقع منطقة الدراز في الزاوية الشمالية الغربية من البحرين، على بعد 10 كيلومترات تقريباً من العاصمة المنامة، وتضم أحد المعالم الأثرية القديمة، المتمثلة في عين السجور.
هذه المنطقة تضم حالياً أكثر من 23 ألف نسمة، وكان أهلها يعتمدون قبل قرنٍ على الزراعة والبحر، سواءً لصيد الأسماك أو لاستخراج اللؤلؤ من قيعان الخليج، كأغلب سكان السواحل في دولنا الخليجية. وبعد اكتشاف النفط في العام 1932، تحوّل الكثير منهم إلى العمل في الصناعة الجديدة، تكرير النفط. ومع تدفق الثروة النفطية بدأ التوسع في إنشاء المدارس، حيث التحق الأبناء بالتعليم الحديث، ليأخذوا فرصتهم في الالتحاق بالأعمال الجديدة، كأطباء ومعلمين ومهندسين وفنيين وموظفين...، وهي قصة النمو نفسها التي عاشتها أغلب مناطق وقرى البحرين، والنجاح الذي يفخر به كل بحريني.
اليوم، ارتبط اسم الدراز بالوضع السياسي غير الطبيعي، حيث تخضع المنطقة لإجراءات أمنية معينة، تحدّ من حرية حركة السكان، بعد غلق 16 مدخلاً والإبقاء على مدخلين فقط. وهو ما يتسبّب في عرقلة حركة المرور وتأخير وصول الأهالي إلى أعمالهم، والطلاب والطالبات من مدارسهم. وتكرّرت الشكاوى عبر الأشهر الماضية، لكن دون أن يحدث انفراج في هذا الوضع.
يعرف الجميع أن هذه الاجراءات جاءت على خلفية إسقاط الجنسية عن الشيخ عيسى قاسم، أحد الرموز الدينية الشعبية المعروفة، في 20 يونيو/ حزيران 2016، وهو عضوٌ بأول برلمانٍ منتَخَبٍ في تاريخ البحرين، العام 1973. وقد قدّم للمحاكمة بتهمة تلقي أموال غير مشروعة، فيما يرى آخرون أنها أموالٌ تتعلق بفريضة الخمس الدينية، كالزكاة تماماً، يقدّمها الناس طواعيةً لمن يثقون بهم كفريضة شرعية، وتُصرف على المحتاجين والفقراء والفئات المنصوص عليها في القرآن الكريم. وسواءً تم الأخذ بهذا الرأي أو ذاك، يظلّ وضع الدراز، مسقط رأس الشيخ قاسم، معلقاً، مع ما يتركه من انعكاسات وآثار على حياة الأهالي.
يوم السبت الماضي، شكا الأهالي مجدداً من ازدياد الازدحام المروري، وامتدت طوابير طويلة من السيارات أمام المنفذين المتاحين للدخول والخروج. وطالبوا الجهات الأمنية بضرورة فتح أكثر من منفذ للقرية، كما يجري على الأقل عند النقطتين الأمنيتين الحاليتين، حتى تسهل عملية الدخول إليها، ويقل الضغط على المنفذين. كما انتشرت مؤخراً، عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورٌ للعمال الأجانب وقد أُنزلوا من الباصات التي تقلهم للعمل عند مدخل المنطقة.
الأهالي يشكون أيضاً من صعوبة إدخال الأغراض المنزلية التي يتم شراؤها، حيث يُطلب إبراز ما يثبت شراءها من الشركة، كالأثاث المنزلي وما شابه. وقال أحد الأهالي أنه تم منع إدخال أثاثٍ اشتراه لمنزله، وطُلب من الشركة أخذ تصريح من مركز الشرطة، وهو إجراء غير طبيعي على الإطلاق.
خلال الشهرين الماضيين، تكرّرت شكاوى أصحاب المحلات التجارية من هذه الاجراءات، حيث تضرّرت الكثير من البرادات والمحلات الصغيرة والمتوسطة التي تنتشر على شارع البديع، عند مدخل المنطقة، أو بين الأحياء السكنية في الداخل. بعض هذه المحلات أغلقت أبوابها، وبعضها مهدد بالإغلاق، مع ضعف حركة الشراء، وصعوبة إدخال السلع والمواد الاستهلاكية والبضائع، حيث تتعطّل سيارات توزيع المؤن لساعاتٍ.
لن نتكلّم عن قطع خدمة الانترنت من أول ساعات الليل حتى أول ساعات النهار، فهي قضيةٌ باتت معروفةً للجميع، لكثرة ما تناولتها وسائل التواصل الاجتماعي.
الوضع يحتاج إلى مراجعة، وتخفيف الاجراءات، وتسهيل حركة الناس.