مؤتمر الدوحة يناقش واقع وآفاق العلاقات التركية الخليجية
الوسط - محرر الشئون الدولية
انطلقت أمس السبت (3 ديسمبر/ كانون الأول 2016) في العاصمة القطرية الدوحة أعمال منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية الذي ينظمه "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات". واختار المركز محور "تنويع الاقتصاد في دول الخليج العربية" في دورته الثالثة إضافة إلى التحديات الإقليمية والدولية.
وخصص المنتدى هذا العام يومه الأول لدراسة العلاقات بين دول الخليج العربية وتركيا، بمشاركة باحثين أتراك. وفي كلمة الافتتاح، أكد المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عزمي بشارة، على الطابع الأكاديمي للمركز حيث أصبح بعد نحو ست سنوات من تأسيسه أحد أهم مراكز الأبحاث في المنطقة العربية والشرق الأوسط عموماً، حيث يعتبر "مركز أبحاث" وليس "ثينك تانك"، فهو ينجز بحوثاً في التاريخ والفلسفة والسوسيولوجيا والعلوم الاجتماعية والإنسانية. كما أن أحد أبرز إنجازاته إنشاء معهد الدوحة للدراسات العليا والمفتوح أمام الطلبة من جميع الدول العربية، والذي يفتتح رسمياً اليوم الأحد (4 ديسمبر).
التحديات المشتركة تدفع لتقارب أكبر بين تركيا والخليج
ناقشت الجلسة الأولى للمنتدى واقع العلاقات الخليجية – التركية واتجاهاتها المستقبلية. وتقاربت أوراق الباحثين الأتراك والخليجيين المشاركين في تشخيص الوضع الراهن لهذه العلاقات، إذ أن الأوضاع المضطربة للمنطقة والتحولات منذ بداية الثورات العربية فرضت تقارباً أكبر بين الجانبين الخليجي والتركي، غير أن مستوى العلاقات بينهما لم يصل إلى الحد المطلوب.
ويرى الباحث التركي محيي الدين أتامان أن تركيا تتقاسم ودول الخليج العديد من المخاوف الإقليمية؛ مثل مستقبل اليمن والحرب الأهلية في سورية، وارتفاع عدد الدول الفاشلة في المنطقة، والسيطرة المتنامية لأطراف فاعلة من غير الدول كـ"داعش"، إضافةً إلى السياسة الإيرانية التوسعية في الشرق الأوسط، ما يتطلّب تحسين العلاقات الثنائية بين تركيا وبلدان الخليج.
من جانبه، أكد الباحث عبد الله الشمري، أن المستجدات السياسية خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة أعادت الدفء للعلاقات الخليجية - التركية بعد تجاوز آثار الربيع العربي، وتبعات الأزمة المصرية، بخاصة على العلاقات الإماراتية والسعودية. وأشار الباحث إلى تأثير تعاظم الدور الإيراني في المنطقة وتزايد التقارب الإيراني - الأميركي، وشعور الطرفين الخليجي والتركي بضرورة التعاون لمواجهة التهديدات المشتركة.
وقدّم أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر محمد المسفر، تقييماً للعلاقات القطرية التركية، مشيرا إلى أن قطر في نظرتها السياسية الواقعية تتعامل على قدم المساواة مع القوى الفاعلة في الساحة الدولية كأميركا وروسيا، والاقليمية الصاعدة كإيران وتركيا، بطريقتين مختلفتين، إذ اعتمدت مع الأولى "دبلوماسية التحييد والاستقطاب"، وعلى الشراكة والتحالف مع تركيت لما يجمع بينهما من علاقات وروابط تاريخية.
الاقتصاد والأمن
وناقشت جلسات المنتدى العلاقات الاقتصادية التركية الخليجية، وقضايا الأمن والتحديات الإقليمية المشتركة. وأكد الباحثون على التحسّن الملحوظ الذي تشهده المبادلات التجارية والاقتصادية، حيث وقع الطرفان في 2005، اتفاقيةً إطاريةً تاريخيةً للتعاون الاقتصادي مهّدت لمعاهدات ثنائية، مثل المعاهدة الثنائية لتجنب الازدواج الضريبي، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة. وارتفعت قيمة التجارة من 1.5 مليار دولار في 2002 إلى 16 مليار دولار في 2014. كما ارتفع الاستثمار الخارجي المباشر من 5 ملايين دولار في 2002 إلى 1.9 مليار دولار في 2008. وفي هذا العام، جرى إطلاق الحوار الإستراتيجي الرفيع المستوى بين تركيا ومجلس التعاون؛ من أجل تعزيز الروابط في مجالات التجارة والاستثمار، والطاقة، والسياحة، والزراعة، والأمن الغذائي، والقضايا الاقتصادية، والمالية والنقدية. ورغم ذلك فقد أظهرت الانتفاضات العربية بوضوح القيود التي تكبّل تلك العلاقة.
وأكد المحاضرون على حتمية التعاون الأمني والعسكري بين دول الخليج وتركيا، لمواجهة التحديات والمخاطر الحادثة في المنطقة من تداعيات الثورات العربية وظاهرة الإرهاب الدولي وكذا المطامح الإيرانية التوسعية في المنطقة.