مدن تقطع شوطاً كبيراً في مكافحة الاحترار المناخي وأخرى تتخلف عن الركب
باريس - أ ف ب
تضطلع المدن التي تخلف 70 في المئة من الغازات المسببة لمفعول الدفيئة بدور اساسي في اضطرابات المناخ ويقف بعضها في الصفوف الامامية لمكافحة الاحترار المناخي فيما تتخلف اخرى في هذه المعركة.
وفي ما يلي بعض الأمثلة:
تشونغتشينغ تكافح التلوث
دفع التلوث الصين الى تكثيف جهودها لمكافحة الاحترار المناخي.
ففي تشونغتشينغ (جنوب غرب) التي يعيش سكانها البالغ عددهم 18 مليونا في اجواء ملوثة بسبب النفايات الصناعية (كالفولاذ والالمنيوم والسيارات)، تسعى السلطات الى التشجيع على استخدام مصادر الطاقة المراعية للبيئة مع هدف طموح يقضي بأن تبلغ نسبتها 15 في المئة من الطاقة المستهلكة في المدينة بحلول 2020.
ومنذ 2013، سمح برنامج لإعادة شراء المركبات الاكثر تلويثا للبيئة بسحب عشرات الاف السيارات من شوارع المدينة بحسب البلدية. كذلك حظرت السلطات تسيير السيارات العاملة بالديزل في وسط المدينة نظرا الى اثرها السلبي الكبير.
وتبدي جو تشي وهي شابة في الثامنة والعشرين من العمر تعمل في مجال الاعلانات، قلقها ازاء التلوث والاحترار المناخي في المدينة قائلة "انا مستعدة للانتقال الى نمط حياة اكثر مراعاة للبيئة اذا ما طلبت الحكومة ذلك ودفعت مساعدات".
لاغوس... حاجات ضخمة وتأخير كبير
في عاصمة نيجيريا الاقتصادية، يشتم المارة باستمرار روائح المحروقات المتأتية من السيارات التي تعج بها المدينة ومن مولدات الكهرباء التي تستخدم بكامل طاقتها في ظل الانقطاع المتكرر للتغذية بالتيار الكهربائي.
مع ذلك، على رغم النمو السكاني المطرد في المدينة التي يقطنها 20 مليون نسمة وتآكل سواحلها، لم تبذل لاغوس جهودا كبيرة للتصدي للتغير المناخي.
وقال استاذ الجغرافيا في جامعة لاغوس اديمولا اوموجولا إن "الهوة غالبا ما تكون كبيرة بين إقرار المشاريع وتنفيذها"، مشيرا الى "النقص في القدرة على الادارة المحلية لهذه المشاريع".
ومن دون بدائل "مراعية للبيئة"، يتجه السكان الى مصادر الطاقة الاحفورية (نفط وغاز وفحم) المسببة للاحترار.
وفي 2015، اعلن الحاكم السابق اقامة ما يقرب من مئتي حديقة عامة غير ان الكثير من هذه المشاريع بات مهملا.
كذلك يتم حاليا العمل على انجاز مشروع اطلقه رجال اعمال لتأسيس مدينة جديدة ممتدة على مساحة 10 كيلومترات مربعة ومعدة لاستيعاب نصف مليون شخص قرب لاغوس على سواحل المحيط الاطلسي مع شفط اطنان من الرمل من قعر قعر المحيط.
هذه المدينة التي تحمل اسم "ايكو اتلانتك سيتي" والملقبة ب"دبي الافريقية" ستكون مزودة بسور يمتد على مساحة ثمانية كيلومترات لمواجهة التآكل. غير ان التنعم بهذا المشروع سيكون ترفا غير متيسر بالنسبة لنيجيريين كثيرين ينددون بما يعتبرونه "نظام فصل مناخي".
فانكوفر بالأخضر
في المقابل، تجهد فانكوفر (60 الف نسمة) منذ حوالى عقد في مواجهة تبعات التغير المناخي وقد نجحت في تقليص الانبعاثات المتأتية من المباني بنسبة 20 % وتقليص حجم النفايات في المكبات بنسبة 23 في المئة.
وفي 2015، حددت المدينة الساحلية الكبيرة الواقعة في غرب كندا والمهددة بخطر ارتفاع مستوى المحيطات وازدياد حدة العواصف، هدفا لها بالاعتماد الكامل على مصادر الطاقة المتجددة بحلول سنة 2050.
وتعتمد المقاطعة حاليا على مصادر متجددة لانتاج 93 % من حاجتها للطاقة (بشكل رئيسي من محطات انتاج كهرمائية).
ولا يزال قطاعا الغابات والمناجم ابرز المصادر الصناعية غير ان المدينة تحاول جذب نشاطات اقل تلويثا وخدمات بينها ما يتعلق بالتكنولوجيا الحديثة والانتاج السينمائي.
ويؤكد اكثرية السكان تمسكهم بالحفاظ على البيئة، وهو امر يرتدي اهمية كبرى بالنسبة للسياحة المحلية، وقطاع بالغ الاهمية يستند بشكل كبير على الارث الطبيعي للمنطقة.
لوس انجليس والتحديات الكثيرة
وعلى رغم التحسن، يبقى الهواء في لوس انجليس من الاكثر تلوثا في الولايات المتحدة. غير ان هذا الوضع قد يتغير لأن كاليفورنيا وضعت استراتيجية من بين الاكثر طموحا في العالم.
ويعتبر الحاكم جيري براون أن التغير المناخي يمثل "التهديد الوجودي في زمننا" وحدد هدفا لولايته بتقليص انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة بنسبة 40 في المئة بحلول سنة 2030 مقارنة مع مستويات سنة 1990.
وترمي الولاية الى الاعتماد بنسبة 50 في المئة على مصادر الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح) بحلول سنة 2030، كما ان ثلاثة ارباع النفايات سيعاد تدويرها بحلول 2030.
وفي لوس انجليس نفسها، من شأن وضع مستويات اكثر صرامة للانبعاثات من الآليات ان تسهم في تحقيق هذا التقدم. لكن ثمة تحديات اخرى بينها خصوصا ارتفاع معدل الحرارة 2.8 درجة مئوية بحلول منتصف القرن الحالي.