قصة قصيرة... ثلاثة على الجسر
أحمد علي أحمد سويلم - قاص مصري
كنت دائماً أراهم في المكان نفسه، وكأنهم لا يتركون أماكنهم أبداً، سألت الناس عنهم كثيراً، لا أحد يعرف عنهم شيئاً.
ينظرون دائماً إلى الماء، عزمت على مراقبتهم وفي منتصف النهار، جاء رجل متقدم في السن، وضع لفافة على الأرض، أخرج منها طعاماً مقسماً على ثلاثة، أعطى لكل واحد منهم قسماً، تناولوا الطعام بشكل آلي، رفع الرجل البقية، حمل لفافته ورحل، حدث ذلك في المساء أيضاً، بعد بضعة أيام سرْت وراء الرجل، أحس بي، التفت، نظر إليَّ في استغراب، قال: ماذا تريد؟ قلت: أريد أن أعرف ما قصة هؤلاء الشباب؟ ظفر بقوة، قال: قصة غريبة، ليس الذنب ذنبهم، إنه ذنب أبيهم، قلت: ماذا تقصد؟
قال: كانوا أطفالاً أسوياء، مرح وعمل، جد في الدرس، كل شيء يدعو إلى التفاؤل، لكن حدث شيء قلب كل شيء، ماتت الأم، أخذ الوجوم والحزن يعصف بالبيت، بدأ الموت يطرق الأبواب بقوة، شيء غريب، مات الحصان المفضّل للأب، ماتت القطط والكلاب، لا نعلم ماذا يحدث، لكن عرفناه بعد ذلك أن الأب هو الذي فعل ذلك، أصابه نوع من الجنون، لم يكتفِ بهذا بل قبيْل وفاته أخذ يخبر أبناءه بأشياء غريبة آخرها وصية أغرب من الخيال، وهي أن يسعوا إلى هذه الترعة وينتظروه، فسيأتي مع حورية سيزوجها إلى أحدهم وسيكون هو وريثه، ولذلك فهم جلوس هكذا ينتظرون، حاولت وحاول كثيرون نزع هذا الهراء من رؤوسهم، لكن من دون جدوى، وهكذا ظلوا جالسين ينتظرون الوهم.