وفاة الزعيم الكوبي السابق فيدل كاسترو عن 90 عاما
هافانا – رويترز
توفي فيدل كاسترو الزعيم الثوري الكوبي يوم الجمعة (25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) عن 90 عاما بعدما أقام دولة شيوعية على أعتاب الولايات المتحدة وتحدى على مدى 50 عاما محاولات أميركية لإسقاطه.
وظل كاسترو في حالة صحية سيئة منذ أن أصيب بمرض معوي كاد أن يودي بحياته في 2006 وتنازل عن السلطة لشقيقه الأصغر راؤول كاسترو رسميا بعد ذلك بعامين.
وكان راؤول هو من أعلن وفاة شقيقه مساء يوم الجمعة عندما ظهر على شاشة التلفزيون في زي عسكري وقال "في الساعة 10.29 مساء توفي قائد الثورة الكوبية فيدل كاسترو ... دائما إلى الأمام حتى النصر" لكنه لم يعلن سبب الوفاة.
وتوافدت رسائل النعي من أنحاء العالم.
وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما "التاريخ سيسجل وسيحكم على التأثير الضخم لهذه الشخصية المنفردة على الشعب وعلى العالم من حوله" مضيفا أنه يمد "يد الصداقة" إلى كوبا.
وقال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إن إدارته "ستفعل كل ما في وسعها لضمان قدرة الشعب الكوبي على أن يبدأ أخيرا رحلته نحو الرفاهة والحرية" رغم "عدم إمكانية محو المآسي والوفيات والآلام التي تسبب فيها فيدل كاسترو".
وقال مايك بنس نائب ترامب في حسابه على تويتر "مات الطاغية كاسترو. بزوغ فجر أمل جديد. سنقف بجانب الشعب الكوبي المظلوم من أجل كوبا حرة وديمقراطية. عاشت كوبا الحرة!"
ورغم تمجيد راؤول الدائم لشقيقه الأكبر فإنه غير شكل كوبا منذ تولي السلطة وأجرى إصلاحات اقتصادية على غرار نظام السوق واتفق مع الولايات المتحدة في ديسمبر كانون الأول على إعادة بناء العلاقات الدبلوماسية وإنهاء عقود العداوة.
وبعد ذلك بستة أسابيع أبدى فيدل كاسترو تأييدا فاترا للاتفاق مما أثار تساؤلات بشأن موافقته على إنهاء العداوة مع الولايات المتحدة.
وشعر بعض سكان هافانا بالحزن عند سماع نبأ وفاة كاسترو وقال الطالب سارييل فالديسبينو "أنا حزين. بصرف النظر عما تريد أن تقوله هو شخصية عامة يحترمها ويقدرها العالم أجمع."
واحتشد مئات الطلاب في جامعة هافانا لتأبين الراحل فيدل كاسترو في بداية تسعة أيام من الحداد الرسمي على الزعيم الذي هيمن على الحياة السياسية في الجزيرة لعدة أجيال.
ونكست أعلام كوبا وألغيت العروض العامة والموسيقية.
ومن المقرر خروج مسيرات ضخمة إلى ميدان الثورة بهافانا وفي مدينة سانتياجو بجنوب البلاد تأبينا للزعيم الذي توفي عن عمر ناهز 90 عاما.
وفي جامعة هافانا رفع الطلبة أعلاما ضخمة لكوبا وهتفوا "عاش فيدل... وعاش راؤول".
وقال أحد الطلبة ويدعى راؤول أليجاندرو بالميروس "(نحن هنا) من أجل كل ما فعله فيدل منذ انتصار الثورة." وأضاف "فيدل وضع كوبا على الخريطة (العالمية) وجعل من كوبا نموذجا أمام شعوب العالم خصوصا الفقراء والمهمشين".
ولكن في ميامي ووفقا لتقارير على وسائل التواصل الاجتماعي أبدى كثير من المنفيين في ميامي فرحتهم وأطلقوا أبواق سياراتهم.
وتماشيا مع رغبة كاسترو سيحرق جثمانه. وأعلنت كوبا الحداد لمدة تسعة أيام سينقل خلالها رماد كاسترو إلى أنحاء مختلفة من البلاد على أن تجرى مراسم دفن في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول.
وانتزع كاسترو السلطة في ثورة 1959 وحكم كوبا 49 عاما بمزيج من الكاريزما والقبضة الحديدية فأقام دولة الحزب الواحد وأصبح شخصية رئيسية في الحرب الباردة.
وصورت الولايات المتحدة وحلفاؤها كاسترو شيطانا لكن الكثير من اليساريين حول العالم مولعون به خاصة الثوار الاشتراكيين في أميركا اللاتينية وأفريقيا.
وتصدى كاسترو لغزو دعمته وكالة المخابرات المركزية الأميركية في خليج الخنازير عام 1961 كما نجا من عدد لا نهائي من محاولات الاغتيال.
وساعد تحالف كاسترو مع موسكو في إثارة أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 وهي مواجهة مع الولايات المتحدة استمرت 13 يوما وجعلت العالم أقرب ما يكون لنشوب حرب نووية.
واشتهر الزعيم الكوبي السابق بارتداء الزي العسكري وتدخين السيجار لسنوات طويلة من وجوده في السلطة كما اشتهر بخطاباته الطويلة المفعمة بالوعيد والخطابة النارية التي توجه سهامها في الغالب إلى الولايات المتحدة.
وفي كوبا أطاح كاسترو بالرأسمالية وحظي بالشعبية بعد أن جعل المدارس والمستشفيات في متناول الفقراء. لكن كان هناك الكثيرون من الأعداء والمنتقدين لكاسترو ومعظمهم من الكوبيين المنفيين في ميامي والفارين من حكمه إذ كانوا يرونه طاغية شرسا.
وفي نهاية المطاف لم تكن محاولات واشنطن ولا الكوبيين المنفيين ولا انهيار الشيوعية السوفيتية هي من أنهى حكم كاسترو بل المرض الذي أجبره على التنازل عن السلطة لشقيقه الأصغر راؤول كاسترو مؤقتا في 2006 ثم نهائيا في 2008.
وعاصر كاسترو زيارة أوباما لكوبا هذا العام. وكانت هذه أول زيارة يقوم بها رئيس أميركي لكوبا منذ 1928.
وفي سنواته الأخيرة لم يعد كاسترو يتولى أي منصب زعامة. وكان يكتب مقالات رأي في الصحف تتناول الشؤون الدولية ويلتقي بالزعماء الأجانب من حين لآخر لكنه كان يعيش في شبه عزلة.
ومن غير المرجح على ما يبدو أن تسبب وفاة كاسترو مشكلة لأن راؤول (85 عاما) ثبت قدميه في السلطة.