درجة حرارة قياسية في القطب الشمالي الواقع في "حلقة مفرغة"
باريس - أ ف ب
عرفت منطقة القطب الشمالي على ما يبدو خلال الخريف درجات حرارة قياسية وتراجعاً غير مسبوق في الاطواف الجليدية وهي تواجه "حلقة مفرغة" تزداد وتيرتها مع الاحترار المناخي.
وسجل معهد الارصاد الجوية الدنماركي في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2016 درجة حرارة مئوية قريبة من الصفر في القطب الشمالي اي اعلى بعشرين درجة تقريباً من المعدل. وقد سجلت في الاسابيع الاربعة الاخيرة حرارة اعلى من المعدل بتسع درجات إلى 12 درجة مئوية.
وادى ذلك الى تراجع مساحة الطوف الجليدي إلى أدنى مستوى لها في منطقة يؤثر مصيرها على كوكب الارض.
ففي نهاية الصيف كانت مساحة الجليد القطبي اصغر ثاني مسافة مسجلة حتى الان (4.14 ملايين كيلومتر مربع) بعد العام 2012 على ما افاد مركز البيانات الاميركي حول الثلوج والجليد.
في أكتوبر/تشرين الأول كانت المساحة 6.4 ملايين كيلومتر مربع اي اقل بالثلث مقارنة بمتوسط 1981-2010 وهي اصغر مساحة خلال هذا الموسم منذ بدء عمليات المسح عبر الاقمار الاصطناعية العام 1979.
ولا تستغرب عالمة المناخ فاليري ماسون-ديلموت الوضع قائلة "انه رقم قياسي ملفت. وقد يكون ذلك عائدا الى تقلبات الطقس الا انه ايضا من الاشياء التي يجب توقعها مع مناخ يعاني من الاحترار".
ويعزى الوضع الى رياح جنوبية وارتفاع حرارة المحيطات يضاف اليها تيار "إل نينيو".
وهذه الظاهرة تصون نفسها اذ ان ذوبان الجليد هو نتيجة للحر وكما انها سبب له.
وتقول العالمة التي هي احدى رئيسات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ "فالطوف الجليدي يقوم بدور العازل الذي يمنع حرارة المحيط البالغة درجتين مئويتين تحت الصفر قرب القطب، من العبور الى الغلاف الجوي محافظا بذلك على جو بارد" . وخلافا لذلك "يساهم غياب الجليد في نقل حرارة المحيط نحو الجو. وهذا يدخل في اطار الحلقة المفرغة".
طوف جليدي أكبر في الصيف
ويشدد مارتن ستندل الباحث في معهد الأرصاد الجوية الدنماركي على الاحترار المتراكم للمحيط في السنوات الماضية بسبب اضطرابات المناخ.
ويقول "نظرا الى احترار المحيط فان انتعاش مستوى الجليد يحصل في فترة تزداد تأخرا والذوبان في فترة ابكر. ويختفي جليد قديم من دون ان يتسنى الوقت ليتجدد وان يشكل سماكة كافية ليصمد خلال الصيف. انها دوامة نحو الاسفل".
ويتوقع الباحثون على المدى المتوسط ان يكون القطب الشمالي خاليا من الجليد خلال الصيف مع طوف جليدي رقيق خلال الشتاء. ويتوقع البعض ان يحصل ذلك اعتبارا من العام 2030.
وتقول ماسون-ديلموت "مع ارتفاع حرارة الارض بدرجتين مئويتين نتوقع ان يحصل ذلك من دون ان نعرف التاريخ المحدد لحدوثه".
وكان المجتمع الدولي التزم احتواء ارتفاع الحرارة باقل من درجتين مئويتين مقارنة مع ما كانت عليه قبل الثورة الصناعية من خلال خفض الانبعاثات المسببة لمفعول الدفيئة والمتأتية خصوصا من استخدام الفحم والغاز والنفط.
فالاحترار الذي يولده كل طن من ثاني اكسيد الكربون المنبعث (اي رحلة طيران بين نيويورك وباريس لمسافر واحد)، يؤدي الى تقلص ثلاثة امتار مربعة من الجليد القطبي على ما اظهرت دراسة اخيرا.
الا ان الالتزامات الوطنية لا تزال غير كافية.
ومن التداعيات الكثيرة للاحترار ذوبان الغلاف الجليدي القطبي الذي يكون له عواقب كبيرة.
ويضبط الطوف الجليدي الحرارة العالمية من خلال "تأثيره العاكس" خلال الصيف اذ يسمح من خلال بياض سطحه بعكس الاشعاع الشمسي في الجو.
ويؤدي تقلص الطوف الجليدي الى زيادة الاحترار المناخي وتضخيم وطأته على القارات المجاورة.
وللذوبان اثر على كثافة مياه البحر ايضا لان كمية الملح الاضافية "لها مفعول على تشكل التيارات العميقة الكبيرة في المحيط" على ما تؤكد ماسون-ديلموت.
وتضيف "كل هذه التأثيرات مرتبطة ارتباطا وثيقا" وبات فهم تأثير تقلص الطوف الجليدي على دينامية الغلاف الجو اولوية الى العلماء.