العدد 5193 بتاريخ 24-11-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةثقافة
شارك:


قصة قصيرة... نار

لطيفة الميل - قاصة بحرينية

تنهمر زخّات المطر برشاقة وتداعب خصلات السماء الزرقاء... تحتكّ هذه الصغيرات بزجاج النافذة... تتساقط قطرات الماء بأعدادها الهائلة جداً كرشق النبال في وسط معركة ضارية... تتسابق كتل الجليد حتى كادت تحدث عاصفة ثلجية... في منتصف ذلك المعترك... وبين كل تلك الصراعات الطبيعية... دبابات تقذف شرورها كالأوكسجين في الهواء... طائرات حربية تُطوق السماء كالجراد... وكائنات بشرية تركض في كل الاتجاهات هرباً بحياتها.. علامات الفزع والرعب تغزو تقاسيم وجوهها... منها من يركض وتزلّ قدمه فتبلعه النار ومنها من أسر بين يدي العدو المضطهِد... فجأة ودون سابق إنذار تأتي موجة مائية ضخمة وتنقذف بكل قوة متناولة كل ما أمامها من مخلوقات وجمادات وأحياء بحرية... و لم يبق أحد على قيد الحياة... لكن مهلاً..! هناك على غصن شجرة شيء معلّق... إنه طفل صغير...! يبدو أن وزنه جعله خفيف الحمل على هذه الموجة فرفعته نحو الأعلى وأنقذت حياته... من بعيد يأتي رجل اسمه أليكس أنيق الثياب... حسن المظهر... مرتب الشعر... يتأمل الطفل بكل أسى وحزن وبلا تفكير يحمله على ذراعيه مقرراً بهذا كفالته... يرجع به إلى منزله... ينزع الثياب البالية عن جسمه... ويلبسه ثياباً تقيه شر هذا البرد... محيطاً بدنه بعدة بطانيات.

عندما استيقظ الصغير مارك خاطبه أليكس قائلاً: ماذا كنت تفعل فوق الشجرة صغيري؟ هل كنت تلعب؟ وأين والداك؟ ابتلع مارك ريقه ونظر نحو الأعلى... سالت منه دمعة.. قال: آخر لوحة رأيتها قبل إغمائي هي غرق أمي وأبي، بعدها لا أتذكر أي شيء. في هذه الأثناء دخلت زوجة أليكس "نيفين" ولم تنطق بكلمة فقط بدأت بالتحديق في مارك فحكا لها أليكس حكاية الصبي. مع الأيام تطورت العلاقة بين مارك وأليكس تطوراً ملحوظاً. أما العلاقة بين مارك ونيفين فكانت سطحية جداً. بعد قرابة الخمسة شهور وفي أحد احتفالات القرية فاز مارك بمبلغ مليون دولار جائزة مسابقة الجري. أخذ المبلغ ودسه في خزانة ملابسه ونام مبتسماً مفتخراً بإنجازه. وتمنى لو كان والداه حيين ليشهدا على تفوقه. على حذر تدخل نيفين غرفة مارك متلفتة يميناً وشمالاً. تفتح الخزانة وتسرق المليون دولار. تخرج وتقول في نفسها: وأخيراً سأشتري أغلى سيارة في هذه المنطقة. نيفين لم تكن تحمل أي ضغينة للصغير، لكن ولأن زوجها متوسط الحال فإنه لا يستطيع شراء سيارة غالية كهذه، لهذا قررت سرقة مال مارك. في اليوم التالي يستيقظ الصغير ويقول صباح الخير لأول نقود حصل عليها بعرق جبينه. يتلفت هنا وهناك ولم يجد أثراً لنقوده فيصرخ: أين نقودي! يجثو على ركبتيه باكياً... و في هذه الأثناء تمشي نيفين بكل تبختر في سوق السيارات. تسلم مبلغ المال للبائع وتتسلم سيارة أحلامها. فجأة تسقط ميتة واضعة يدها على بطنها. بعد وهلة يتجمع الناس عليها منهم زوجها أليكس. في النهاية تم تشخيص سبب موتها بأنها أكلت ناراً!!!



أضف تعليق



التعليقات 2
زائر 1 | نار 10:35 م إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا رد على تعليق
زائر 2 | 3:02 ص تسلم أناملكِ الذهبية ???? رد على تعليق