"الاتحاد النسائي" يطالب بقوانين وسياسات تحدّ من العنف الأسري وتكون أكثر إنصافاً للمرأة
المنامة - الاتحاد النسائي البحريني
طالب الاتحاد النسائي البحريني، احتفاءً باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، بقوانين وسياسات تحدّ من العنف الأسري وتكون أكثر إنصافاً للمرأة.
وفيما يلي نص البيان:
في الخامس والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام يحتفي العالم والأمم المتحدة باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي أطلقته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الرابعة والخمسين من العام 1999، بموجب القرار رقم (48/104) بشأن إعلان القضاء على العنف ضد المرأة، ولنا كاتحاد نسائي بحريني وقفة في هذا اليوم للمراجعة والتقييم لكل القوانين والسياسات التي تُسهم في إيقاف أي أذى أو معاناة للمرأة جسمانياً أو نفسياً أو جنسياً، أو كل الأفعال التي تؤدي للحرمان التعسفي من الحرية، سواء في الحياة العامة أو الخاصة.
إن العنف ضد المرأة يتخطى في أضراره حدود المرأة ليشمل الأبناء والأسرة والمجتمع ككل، فالمرأة المُعنفة غير مستقرة وغير قادرة على العطاء والإنجاز، ويدعو قرار الأمم المتحدة الصادر بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة الحكومات ووكالات منظومة الأمم المتحدة وهيئاتها وصناديقها والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى تنظيم أنشطة وبرامج تهدف إلى رفع مستوى الوعي العام بمشكلة العنف ضد المرأة، ونحن كاتحاد نسائي نؤكد أهمية وجود قاعدة بيانات علمية لحالات العنف الأسري وأن يتم تمكين مؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة من الحصول على المعلومات من الجهات المعنية، للتمكن من دراسة الظاهرة بطريقة علمية ومنهجية.
وقد خطت مملكة البحرين خطوات مهمة في مجال حقوق المرأة حيث انضمت إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بموجب المرسوم بقانون رقم (5) لسنة 2002 ورفعت التحفظات عن بعض مواد الاتفاقية في العام 2016 مما حقق مكاسب أخرى للمرأة البحرينية، غير أنها أبقت تحفظاتها على مواد يجدها الاتحاد النسائي البحريني مهمة وجوهرية لتحقيق العدالة للمرأة، ومن أهمها المادة 9 البند 2 التي تنص على أن "تمنح الدول الأطراف المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما"، حيث سيحقق رفع التحفظ عن هذه المادة الاستقرار للمرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي وكذلك لأبنائها، وعليه فإنّ ملف الجنسية هو أحد الملفات المهمة التي يتبناها الاتحاد النسائي البحريني، وذلك استناداً إلى النص الدستوري المادة 18 الباب الثالث والذي يُقر بالمساواة وعدم التمييز بين المرأة والرجل.
كما يؤكد الاتحاد النسائي البحريني أهمية قانون العنف الأسري رقم 17 لسنة 2015 على رغم وجود بعض المرئيات والملاحظات للاتحاد في القانون والتي تمّ رفعها لمجلس النواب، إلا أنّنا نرى أنّ وجود القانون بحدّ ذاته هو مكسب للمرأة البحرينية، وسيكون رادعاً كافياً لممارسي العنف داخل الأسرة، مع التأكيد على أهمية التدابير الواردة في القانون للحدّ من ظاهرة العنف الأسري.
كما ندعو النواب إلى الإسراع بإلغاء المادة 353 من قانون العقوبات البحريني والتي تؤصل للإفلات من العقاب حيث تُتيح للمغتصب التنصل من جريمة الاغتصاب والحصول على صك البراءة حين يقبل بالزواج من الضحية.
بالإضافة إلى وجود قانون للعنف الأسري فإن العمل على إصدار قانون أحكام الأسرة القسم الثاني سيكون مكسباً إضافياً للمرأة البحرينية، حيث إن تقنين إجراءات التقاضي في المحاكم سيُغلق الباب المفتوح على مصراعيه لاجتهادات القضاة، والتي تتسبب في كثيرٍ من الأحيان لتعطيل القضايا الشرعية المُتعلقة بالطلاق والنفقة والحضانة، وهي قضايا ذات حساسية بالغة نظراً لتأُثيرها المباشر على الأسرة واستقرارها، ولهذا فإن الاتحاد النسائي البحريني يؤكد أهمية إصدار القسم الثاني من القانون، ونعيد هنا التأكيد أنّ الدستور البحريني بالمادة الثانية، ينص على أنّ دين الدولة هو الإسلام، والشريعة الإسلامية هي مصدر رئيسي للتشريع، ناهيك عن ما جاء بالنص بالمادة 5 أ من الدستور على أن "الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها الشرعي، ويقوي أواصرها وقيمها، ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة" وكذلك نصوص ميثاق العمل الوطني.
وكان الهدف الأساسي من كل تلك المطالبات مُنذ العام 1982 هو تحقيق العدالة للجميع وخاصة الفئات المستضعفة داخل الأسرة، عبر تقنين أحكام الأسرة وفق مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء، وكذلك تطوير محاكم الأسرة بمرافقها وخدماتها، ورفد القضاء بشقيه السني والجعفري بالمبادئ الأساسية والمواد القانونية المراعية للمتغيرات الحياتية والمواكبة لتطبيقات العدالة داخل الأسرة، وصولاً إلى ضبط الأحكام الشرعية في أجلٍ مناسب، محققاً للعدالة والٳنصاف لكل أفراد الأسرة، بدلاً عن حالات الشطط في الأحكام وفقاً للمصادر المتعددة للأحكام الشرعية في المذهب الواحد، واختصاراً للبحث في أتون كتب الفقه المتعددة، ليس المقصود من الهدف التقنيني هو التدخل بالحق التشريعي من كتاب الله وسنة نبيه الكريم، بل الهدف هو توحيد الأداة التشريعية عند التعامل مع قضايا الأسرة عبر تدوين وتنظيم الأحكام الشرعية ليقف المتقاضون والمتعاملون بالقضايا الشرعية على أوجه محددة تقف حائلاً أمام أي ضياع للحقوق، وتوقف نزيف معاناة المتقاضين، وخاصة أنّ الرؤية قد اتضحت بأنه لا خلاف على تقنين القاعدة الشرعية، ولنا في قوانين الدول العربية والإسلامية المُقنِنة تجارب عديدة يُستفاد منها في تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية من العدل والإنصاف واحترام حقوق كل الأفراد داخل الأسرة. ونؤكد هنا ضرورة مُراجعة القسم الأول من قانون أحكام الأسرة والعمل على مواءمته مع القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية.
إن حقوق المرأة هي جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان ووقف العنف ضدها سواء العنف المادي أو المعنوي يبدأ منذ الصغر، منذ تربية النشء ولهذا يؤكد الاتحاد النسائي البحريني ضرورة تضمين المناهج الدراسية لثقافة حقوق المرأة، وتربية الأجيال القادمة على احترام المرأة وتقدير دورها في المجتمع، وهذا يتطلب تغيير بعض المناهج الدراسية التي تُكرّس الصورة النمطية للمرأة، من دون الالتفات إلى المرأة التي يُشيد العالم بكل إسهاماتها في مجال التنمية والتعليم والقانون والطب والأبحاث والمخترعات وغيرها، ولا يجوز حصرها في الصورة التقليدية التي مازالت المناهج تحتفظ بها حتى الآن.
وفي هذه المناسبة، نؤكد أهمية خلق وعي مُجتمعي تجاه ثقافة حقوق الإنسان بشكلٍ عام وحقوق المرأة بشكلٍ خاص، وهنا يبرز دور مؤسسات المجتمع المدني في مجال التوعية والتثقيف عبر برامج نوعية تتميز بالإبداع و الحداثة، ونُشيد هنا بأهمية العنصر الشبابيّ عبر العمل على إدماجهم في هذه البرامج، وإتاحة الفرصة لهم للتدريب والتطوير، مع العمل على الانتشار في الفضاء التكنولوجي عبر وسائل التواصل الحديثة.