القوات العراقية تسعى لإحكام حصار الموصل مع دخول الهجوم شهره الثاني
بغداد – رويترز
دخل الهجوم المدعوم من الولايات المتحدة لسحق تنظيم "داعش" في الموصل -آخر معقل رئيسي له في العراق- شهره الثاني اليوم الخميس (17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) في حين تسعى القوات المشاركة في الهجوم لإحكام حصار المدينة من كل الاتجاهات.
ومنذ بدء الهجوم في 17 أكتوبر/ تشرين الأول يواصل مسلحو التنظيم الانسحاب من المناطق المحيطة بالموصل إلى داخل المدينة. ويلقى الهجوم دعما جويا وبريا من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
ونجح جهاز مكافحة الإرهاب الذي يمثل وحدات النخبة بالقوات العراقية في اختراق الحدود الشرقية للمدينة قبل أسبوعين.
ومن المنتظر دخول وحدات عسكرية أخرى من الجهتين الشمالية والجنوبية.
وأُحرز تقدم آخر أمس (الأربعاء) عندما أعلنت وحدات سيطرتها على قاعدة جوية غربي الموصل في إطار حملتها لقطع الطريق الرابط بين المناطق السورية والعراقية لـ"داعش" التي أعلنها التنظيم المتطرف عام 2014.
ويتيح استيلاء هذه الوحدات على قاعدة تلعفر نقطة انطلاق للعمليات ضد أهداف تنظيم "داعش" داخل سورية مما يسلط الضوء على احتمال أن تؤدي عملية الموصل إلى إعادة صياغة القوة الإستراتيجية في أنحاء شمال العراق.
وإلى الشرق من الموصل سيطرت قوات البشمركة الكردية أيضا على مناطق خارج الحدود التقليدية لإقليم كردستان العراق شبه المستقل.
وأصبح الهجوم لاستعادة الموصل -وهي أكبر مدينة خاضعة لسيطرة تنظيم "داعش" أكبر معركة في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق وأطاح بصدام حسين عام 2003.
وأحجمت السلطات العراقية عن نشر جدول زمني لاستعادة المدينة بالكامل لكن من المتوقع أن يستغرق الأمر شهورا. وشن المتشددون هجمات مضادة على القوات المتقدمة لتجبرها على خوض معركة صعبة في شوارع ضيقة تكتظ بالسكان.
ويعتبر الاستيلاء على المدينة ضروريا لتفكيك الخلافة. وقال أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم المتطرف -الذي يعتقد أنه انسحب إلى منطقة نائية قرب الحدود السورية- لأتباعه إنه لا مجال للتراجع.
وتشير تقديرات الجيش العراقي إلى وجود ما بين خمسة وستة آلاف مقاتل للتنظيم داخل الموصل في مواجهة تحالف يضم نحو مائة ألف من القوات الحكومية العراقية والمقاتلين الأكراد ووحدات الحشد الشعبي.
المتشددون يظهرون مرونة
ولم تنشر السلطات العراقية حصيلة لعدد الضحايا جراء الهجوم بشكل عام سواء بين قوات الأمن أو المدنيين أو مقاتلي تنظيم "داعش".
وتزعم الأطراف المتحاربة إيقاع الآلاف من الضحايا في صفوف الطرف الآخر.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى نزوح ما يقرب من 57 ألف شخص بسبب القتال. وانتقل هؤلاء من قرى وبلدات حول المدينة إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة.
ولا يشمل الرقم آلاف الأشخاص الذين جمعوا من قرى حول المدينة وأجبروا على مرافقة مقاتلي تنظيم "داعش" لتغطية تقهقرهم إلى داخل المدينة.
ووفقا لسكان وجماعات حقوقية كان يجري في بعض الحالات فصل رجال في سن القتال عن هذه المجموعات وقتلهم دون محاكمة.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم (الخميس) إن أكثر من 300 شرطي عراقي سابق قتلوا على الأرجح الشهر الماضي ودفنوا في مقبرة جماعية قرب بلدة حمام العليل جنوبي الموصل.
ومازالت القوات الحكومية تقاتل في عشر من نحو 50 منطقة بالجانب الشرقي من الموصل التي يشطرها نهر دجلة.
ويتحصن المتشددون بين المدنيين كوسيلة دفاعية ضد الغارات الجوية ويتحركون حول المدينة عبر أنفاق ويقودون سيارات ملغومة باتجاه القوات المتقدمة ويهاجمونها باستخدام القناصة وقذائف المورتر.
وأجبرت مرونة دفاعات تنظيم "داعش" قوات التحالف للمشاركة بشكل أكبر في العملية. وتتشكل هذه القوات بشكل أساسي من دول غربية بينها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا واستراليا.
كنديون في المعركة
وقال مسئولون دفاعيون في أوتاوا أمس (الأربعاء) إن المدربين العسكريين الكنديين الذين يعملون مع المقاتلين الأكراد اشتبكوا عشرات المرات مع متشددين من تنظيم "داعش" خلال الشهر الماضي.
وقال الميجر جنرال مايكل رولو قائد القوات الخاصة الكندية إن القوات اضطرت في ثلاث حالات لاستخدام الصواريخ المضادة للمدرعات لتدمير سيارات يشتبه بأنها ملغومة.
وقد يشكل هذا الإعلان خطرا على الحكومة الليبرالية في كندا والتي تعهدت بعدم مشاركة قوة التدريب المؤلفة من 200 شخص في أي أعمال قتالية.
ونشرت الولايات المتحدة أيضا طائرات هليكوبتر أباتشي لدعم القوات العراقية المشاركة في حرب مدن بشرق الموصل.
وللقوات المشاركة في القتال أهداف مختلفة وأحيانا متضاربة مما قد يعقد استمرار المعركة أو استقرار منطقة الموصل بعد هزيمة تنظيم "داعش".
تنوع نينوى
وتتميز محافظة نينوى المحيطة بالموصل بتنوع عرقي وديني كبير.
وأشارت حكومة إقليم كردستان أمس (الأربعاء) إلى أنها قد تسعى لتوسيع المنطقة التي تحكمها في شمال العراق لتشمل القرى والبلدات المجاورة التي استولى عليها المقاتلون الأكراد من تنظيم "داعش" وربما منطقة كركوك الغنية بالنفط.
وذكر تلفزيون روودوا المحلي أن رئيس الإقليم مسعود البرزاني قال إن قوات البشمركة الكردية لن تنسحب من المناطق التي استعادتها من تنظيم "داعش" في العراق.
وأغضبت تصريحات البرزاني الحكومة المركزية في بغداد التي تعارض أي خطط لتوسيع الإقليم شبه المستقل.
وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن هناك اتفاقا بين الحكومة والأكراد "يتضمن بندا صريحا بانسحاب قوات البشمركة من المناطق المحررة بعد تحرير الموصل إلى أماكنها السابقة التي كانت تمسكها قبل انطلاق عمليات التحرير."
لكنه أضاف في بيان أن الاتفاق لا يشمل المناطق التي انتزعتها قوات البشمركة من تنظيم "داعش" خلال الفترة من 2014 وحتى بداية عملية تحرير الموصل الشهر الماضي والتي تتضمن منطقة كركوك المتنازع عليها.