المغرب على أعتاب أزمة في تشكيل الحكومة الجديدة
الوسط – المحرر السياسي
يقف المغرب على أعتاب أزمة سياسية تشير إليها تصريحات رئيس الحكومة المعين عبد الإله بنكيران الذي تحدث عن وجود محاولات للانقلاب على نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، مشيرا إلى احتمال فشله في تشكيل حكومة جديدة، بحسب ما نقلت اليوم الخميس (17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016).
وفي الوقت الذي يستبعد فيه مراقبون أن يصل الأمر حد العجز النهائي عن تشكيل الحكومة، يرى آخرون أن هذا الفشل يعني أن المغرب سيدخل أزمة مصطنعة حتى لو تمت العودة إلى صناديق الاقتراع.
واستغرب بنكيران -في شريط فيديو مسجل بثه الموقع الرسمي لحزبه- من موقف حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يفاوضه باسم حزبين، وعاب على حزب الاتحاد الاشتراكي اقتراح رئاسة مجلس النواب دون أن يحسم موقفه من المشاركة في تشكيل الحكومة.
وقال زعيم حزب العدالة والتنمية إن مناورات جرت من أجل الانقلاب على نتائج الانتخابات، ومنها محاولة رفع مذكرة إلى الملك قبل تعيين رئيس الحكومة تعلن رفض عدد من الأحزاب التعامل مع حزب العدالة والتنمية، ومنها محاولة عقد جلسة لانتخاب رئيس مجلس النواب لولا أن حزب الاستقلال أفشل هذه المحاولات وفق ما ذكره بنكيران.
ويفسر الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال عادل بنحمزة حالة التعثر هذه بما أسماها الصدمة الممتدة منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات التي جاءت معاكسة للسيناريو الذي رسمته الجهة التي قادت "الحزب الأغلبي" -في إشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة- والتي كانت مقتنعة بأنه سيتصدر الانتخابات بالنظر إلى حجم الإمكانيات والتعليمات التي أعطيت لتحقيق هذا الهدف.
ويضيف بنحمزة في تصريح للجزيرة نت "لمسنا إصرارا غريبا على تحقيق مكاسب لم تتحقق عبر صناديق الاقتراع، وهو ما يفسر الارتباك الحاصل اليوم".
وتابع بأن هناك إرادة لتأزيم الوضع في البلاد، وخلق أجواء غير طبيعية من طرف جهات لا يهمها تحقيق تراكم طبيعي في عملية البناء الديمقراطي، أو أن تكون الحكومة المقبلة معبرة عن التوجه الذي عبر عنه طيف واسع من الناخبين.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس حسن طارق أن ما يجري عرض من أعراض السياسة الانتخابية القائمة على التمثيل النسبي الذي يفرض اللجوء إلى التحالفات، كما أنه يطرح سؤال استقلالية القرار الحزبي الذي ظل دائما حاضرا في قراءة الظاهرة الحزبية المغربية، وذلك بالنظر إلى سياقات تأسيس بعض الأحزاب، وانتظار بعض القيادات الحزبية الإشارات الواردة من أعلى.
وقال طارق إن تهرب الأحزاب من إعلان تحالفات سابقة عن نتائج الانتخابات يزيد من تعقيد تدبير لحظة بناء الأغلبية، ولا يجعل منها لحظة طبيعية من الناحية السياسية، "بل إن مواقف بعض الأحزاب توحي بوجود ترتيبات سياسية معينة لتوجيه هذا المسار أو لجعله في مأزق".
ويستبعد الأكاديمي المغربي أن يصل الوضع إلى حد العجز النهائي عن تشكيل الأغلبية رغم حالة الانحسار في مسلسل التفاوض، بينما يتوقع بنحمزة أن يجد بنكيران نفسه مجبرا على إخبار الملك بالوضع، والعودة إلى الشعب إذا استمرت محاولة الالتفاف على إرادة الناخبين.
وحول دور الملك الذي يسمح به الدستور في إنجاح تشكيل الحكومة الجديدة، يقول المحلل السياسي محمد بودن إنه لا يوجد في الدستور ما يعضد تعيين الملك لرئيس حكومة جديد من الحزب الثاني.
وأضاف بودن أن إعمال الفصل 42 من الدستور الذي ينص على أن الملك هو الساهر على حسن سير المؤسسات الدستوري، وصيانة الاختيار الديمقراطي، قد يفضي إلى تشكيل حكومة وطنية تراعي وجهة نظر الحزب المتصدر للانتخابات.
لكن بنحمزة يرى أن الملك قام بواجبه عندما نفذ حرفيا مضمون الفصل 47 من الدستور بتعيينه رئيس الحكومة من الحزب الفائز، "ولذلك فإنه ليس هناك حل للفشل في تشكيل الحكومة سوى العودة إلى صناديق الاقتراع، وهذه العودة ستعني بوضوح أن بلادنا تعيش أزمة، وهي أزمة مصطنعة، وليس واضحا اليوم ما هو المقصود منها، وما ترمي إلى تحقيقه عمليا".