قصية قصيرة... خيال مآتة
إيمان حسين محمود - قاصة مصرية
أنهت دراستها في الجامعة والتحقت بإحدى الوظائف ثم ظلت تلح عليها فكرة إيجاد العريس؛ تلك الفكرة التي قد رسختها أمها في عقلها منذ نعومة أظفارها وهذا الرجل الذي سيأتي ويقدرها وتصبح في حِماه.
لم يمر وقت طويل حتى تقدم لخطبتها زميل لها في المكتب المجاور وتم الزواج فعلاً. كان الزوج يعود بعد عمل لساعات محددة مسرعاً إلى وسادته يغط في نوم عميق والزوجة في صراع بين صراخ الأطفال وصوت غليان الطعام على الموقد وصوت المياه المتدفق فوق الصحون داخل الحوض الكبير الممتلئ برغوات سائل الأطباق. رغوات تشبه حياتها الفارغة من المشاعر الممتلئة من الهموم. يستيقظ زوجها يتناول الغداء، لتتولى هي مراجعة الدروس اليومية للأولاد. يخرج الزوج من البيت يجلس على المقهى ساعات طوال يعود ليلاً وملابسه معبأة برائحة الأدخنة المختلفة من السجائر والأرجيلة.
تجلس بجواره كل ليلة وهو نائم تنظر إليه نظرة غيظ واشمئزاز، تسند رأسها إلى الوسادة، تغرق في النوم من شدة التعب لتحلم بنفسها ترتدي لباس غفير في الأرياف يحمل بندقية وطاقية طويلة فوق رأسه وهو يجوب المكان هنا وهناك ويصرخ بأعلى صوته "ها... مين هناك".
تستيقظ الزوجة من هذا الكابوس منزعجة على الصوت الصادر من أنف زوجها وهو يغط في نوم عميق، لتفقد الوعي من التعب، وتستيقظ مرة أخرى على صوته يهز أرجاء الغرفة.
"الفطار يا مدام".
لتكتشف أنها قد تزوجت خيال مآته.
خيال مآتة: هيكل خشبي على شكل إنسان يتم إلباسه ويوضع وسط الحقول كي لا تقترب الطيور من المحصول فتفسده.