"جمعية الفنون" تحتضن تحية الفنان عباس يوسف للشاعر الكبير قاسم حداد
المنامة - بنا
"تحية إلى قاسم حداد ودروبه المضاءة بالمنارات" هو عنوان المعرض السابع، الذي ستحتضنه "جمعية البحرين للفنون التشكيلية" في (22 نوفمبر / تشرين الثاني 2016)، معرض يأتي في سياق مشروع أطلقه الفنان التشكيلي عباس يوسف قبل 14 عام، وفاء ومحبة وربما حنين أيضاً وتحية لبعض المبدعين من شعراء وكتاب وفنانين مملكة البحرين والوطن العربي.
مشروع بدأ في العام 2002 بمعرض "البحر عندما يسهو... تحية إلى أمين صالح"، ليتبعها "تحية إلى علي الشرقاوي"، "كليم اللون.. تحية إلى المرحوم ناصر اليوسف"، و"تحية إلى جبار الغضبان"، لتكون بعدها "التحية إلى محمود درويش"، "تحية إلى عبد الإله العرب"، وصولا إلى معرض تحية الشاعر "قاسم حداد" الذي سيضمّ 37 عملاً، بعضها قد أنجز في العام 2013 وهي مستوحاة من نص قديم لقاسم كتبه في العام 1989 ونشر في جريدة "الوطن" الكويتية ومنذ ذلك الزمن وقصاصة الجريدة معلقة في مرسم الفنان عباس يوسف ممتحنة اياه في هندسة فكرة النص بين الحرف العربي وشراسة اللون، ليتوالى الاشتغال الفني على هذا المشروع فيما بين العام 2015- 2016 في مدينة مونبلييه الفرنسية والبحرين وهي مرتبطة بنص لقاسم اسمه ابدأ بنفسك.
وعن التجربة، وحالة الوفاء والمحبة التي هي مختبر الفنان عباس يوسف اتجاه نفسه وأصدقاءه من مبدعين وكتاب وفنانين وشعراء، تحدث الروائي أمين صالح عن تلك الحالة أو تلك القيمة الفاخرة التي يبدعها الفنان "بين فترة وأخرى، ضمن فضائه التشكيلي الفسيح، الغني والمتحوّل، الزاخر بالإنجازات الملفتة" مشيرا إلى ان الفنان عباس يوسف "يكرّس جهده ووقته لتوجيه تحيةٍ فنيةٍ إلى مبدعٍ ينتقيه من حقل فني أو أدبي، عبر لوحات تمثّل مرحلة جديدة أو مختلفة في المسار الإبداعي للفنان نفسه".
هذه التحايا، أو الإهداءات - كما يصفها الروائي أمين صالح - تشفّ عن تواصل عميق - تتميّز به تجربة عباس يوسف الفنية والأدبية - مع تجارب إبداعية، محلية وعربية، يجد فيها رؤى وآفاقاً مشتركة تتواشج مع رؤيته الخاصة وأفقه اللامحدود الذي يذهب إليه مطمئناً وقلقاً في آن.
بألوانه وتكويناته وأشكاله المجرّدة- يقول الروائي أمين - يعبّر عباس يوسف عن حبه وتقديره وامتنانه لمن يرى فيهم حالة إبداعية خاصة تفاعل معها على نحو إيجابي، وتحاور معها حواراً خلاقاً.. ولمن يرى فيهم حالة إنسانية خاصة تتصل بالصداقة والرفقة والمحبة. على أرضية، محكومة بالإبداع وحده، يؤسس الفنان الرابط القوي والعميق، المتجذر في حلم مشترك لا يضاهى.
فأن توجّه تحيةً إلى قاسم حداد - يضيف أمين صالح في كلمة المعرض - يعني أن توجّه تحيةً إلى الشعر في أبهى تجلياته وأزهى صوره، إلى الكينونة الإنسانية في أسطع حضورها، إلى النبالة والسخاء في التعامل مع المحيط، إلى المخيلة النافرة التي لا سائس لها وتستعصي على الترويض، إلى المعاني المتناثرة في فضاء النص كالشهب ولا تقدر عليها فخاخ التأويل، إلى الكلمات المجنحة كالغرابة، إلى العطايا المدهشة، إلى الشيء ونقيضه، إلى العذوبة والدماثة، إلى صداقة الخبز والطريق التي لا تذبل، إلى الحب ولا شيء غير الحب.
هكذا... بهباته الكريمة، بهداياه الثمينة، يعانق عباس يوسف كل هذا البذخ، ويسهر السهرة العامرة بما هو عجيب في دروب قاسم حداد المضاءة بالمنارات.
هكذا يعرض عباس يوسف، بسخاء وشفافية، لوحاته الجديدة، لعلها تدلّنا إلى أعماقه ودواخله المتشابكة، فنعرف عن الكائن ما لم نكن نعرفه من قبل. ليس الكائن وحده، بل أيضاً محيطه الذي يسعى إلى إعادة اكتشافه في كل مرّة، بلا كلل.
مثلما فهمت أخيراً - الروائي أمين مشيراً إلي نفسه - أن كل كتبي عن المبدعين السينمائيين كان باعثها الأساسي تلك الغيرة العميقة، السريّة، المتوارية، غير المعلنة، التي أشعرها تجاه هؤلاء الفنانين بسبب إخفاقي في أن أكون واحداً منهم، كذلك يحلو لي أن أعتقد بأن قاسم حداد يشعر بغيرة عميقة، سريّة، متوارية، غير معلنة، تجاه الفنانين التشكيليين، وما أعماله المشتركة مع التشكيليين، وكتابته عن فان غوخ وآخرين، وولعه باقتناء اللوحات، ومحاولاته لإضفاء بُعد تشكيلي على طرائقه في الكتابة، إلا نتاجاً لتلك الغيرة.
الشاعر المحسود يحسد أيضاً. لكن هناك فرقاً بين حسدٍ وحسد. ثمة حاسد يشعر بالضغينة والحقد تجاه من يحسده، وحاسد يؤجج طاقة الغيرة والتحدي ليضرم الإبداع في حقله الخاص.
ليختتم أمين صالح كلامه في تقديم للمعرض، بان تحايا عباس يوسف، واهداءاته السخية، تعبيرٌ عن الامتنان والاحترام والتقدير الذي يكنّه الفنان تجاه رفاقه المبدعين، وهي حالة نادرة نشهدها في الوسط الثقافي حيث بروز ظاهرة الغرور والأنانية وتضخم الذات والغيرة الشريرة.
يذكر أن الفنان عباس يوسف مواليد البحرين 1960، أقام العديد من المعارض المشتركة مع صديقه الفنان في الكويت والأردن ومسقط ودمشق وحلب ولندن وكوبنهاجن والبحرين واعماله الفنية مقتناة في أكثر من متحف ومؤسسة/ متحف البحرين الوطني والمتحف البريطاني ومتحف خاركيف أوكرانيا ومتحف الشارقة والمتحف العربي للفن المعاصر في قطر.