جامعة الخليج العربي تسعى "لفك شفرات" مرض التصلب المتعدد
المنامة - جامعة الخليج العربي
تقوم جامعة الخليج العربي بخطوات حثيثة لفك اللغز العلمي الذي مازال يلف مرض التصلب المتعدد (اللويحي) حيث مازالت أسباب حدوث هذا المرض مجهولة.
ويعتبر مرض التصلب اللويحي من الأمراض ذات الأعراض المتداخلة، حيث يتجه بعض الأطباء لتشخيص خاطئ نتيجة تشابه أعراض المرض مع أمراض أخرى، إلى جانب أن أعراض المرض تتكرر وتتفاقم تدريجياً على فترات متباعدة مما يضاعف صعوبة تشخيصه، ليؤدي إذا ما لم يعالج إلى إتلاف الغشاء المحيط بالأعصاب، وخلل في الاتصال ما بين الدماغ وبقية أعضاء الجسم، وفي نهاية المطاف قد تصاب الأعصاب نفسها بالضرر ما يؤدي إلى فقد القدرة على المشي أو التكلم، والوفاة عند المراحل المتقدمة.
وقام فريق علمي من قسم علوم الحياة في كلية الدراسات العليا مؤخراً بوضع الخطوات الأولى نحو فك هذا اللغز المحيط بهذا المرض، سعياً لمعرفة الخارطة الجينية الخليجية وعلاقتها بانتشار المرض.
وقالت أستاذ البيولوجيا الجزيئية والخلوية المساعد في برنامج التقنية الحيوية الصحية والباحثة الأولى في الدراسة الدكتورة سونية بورقيبة هاشمي إن المجتمع العلمي مازال عاجزاً عن معرفة الأسباب الدقيقة لمرض التصلب اللويحي لكن هناك عوامل جينية، وطبيعية قد تعد مؤشرات أساسية للإصابة بالمرض، منها المتغيرات الأليلية في التسلسل الجيني، ودرجة التعرض لأشعة الشمس حيث ينتشر المرض بشكل أوسع في المجتمعات ذات درجات الحرارة المتدنية، كما أن النساء يصابون به ضعف الرجال.
إلى ذلك، اهتمت العديد من الدراسات السابقة بتحليل علاقة الأصول الإثنية بالتغيرات الأليلية في التسلسل الجيني للإنسان وعلاقتها بالإصابة بالمرض، وهو ما تم بالفعل على عدة مجتمعات في الولايات المتحدة، وأوروبا، وأميركا اللاتينية، حيث تبين أن لكل مجتمع من هذه المجتمعات متغيرات أليلية ارتبطت بشكل كبير بالمرض.
ولفتت بورقيبة هاشمي إلى أن هذه الدراسة استندت إلى 7 متغيرات أليلية توصلت إليها دراسة سابقة في أوربا، حيث سعت الدراسة الحالية للبحث عن علاقة دالة بين المتغيرات الأليلية والإصابة بالمرض في المجتمعات الخليجية، "كما بحثنا علاقة المتغيرات الأليلية ومستوى الاستجابة لدواء (Interferon Beta) الذي يتجاوب معه 50 في المئة من المرضى فقط".
أجريت الدراسة على عينة من 268 شخصاً من دول الخليج، منهم 156 من المصابين بمرض التصلب اللويحي، وتوصلت الدراسة إلى وجود متغير أليلي واحد مرتبط بالمرض وهو موجود في جين ZAFT وعند النساء تحديداً.
وأشارت الطبيبة سونية بورقيبة هاشمي إلى أن هذا المتغير يعطي مؤشراً على احتمال الإصابة بالمرض، وعليه فإن الخطوة التالية تكمن في تتبع تاريخ العائلة لاكتشاف إذ ما كان هنالك تاريخ جيني للإصابة بالمرض. وفي السياق ذاته تبين طبيعة المتغير الأليلي الذي توصلت إليه الدراسة تجاوب الحالة إلى الدواء في حالة ما كانت مصابة بالمرض.
من جانبه، أشار الطبيب محمد الدهماني فتح الله إلى أن هذه الدراسة تأتي في سياق الرؤية الاستراتيجية لجامعة الخليج العربي المتمثلة في إجراء الأبحاث العلمية والسريرية المتميزة التي تلبي الاحتياجات الصحية لمواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومنها مرض التصلب اللويحي الذي أصبح انتشاره متنامياً في السنوات الأخيرة في منطقة الخليج العربي.
إلى ذلك، تعتبر هذه الدراسة أولية، حيث يسعى الفريق البحثي للحصول على تمويل للبدء في دراسة عينة واسعة من سكان الخليج، بهدف إجراء تحليل واسع للجينوم الخليجي، وإعداد خارطة لكل المتغيرات الأليلية المتسببة في مرض التصلب اللويحي.