"رسالة مواطن"... الذكرى الخامسة لرحيل زوجتي أم شروق التي قلّ مثيلها من الزوجات لتخطب لزوجها امرأة أخرى
ها هي الذكرى الخامسة لرحيل زوجتي نزيهة بنت الملا أحمد بن حسن مرهون رحمها الله، تعود فتطل عليّ وعلى محبيها بوجهها الحزين الكئيب. تعود بأشواكها المدمية للقلب وبعذاباتها المريرة لتذيقنا غصصاً في الحلق، وحسرات وآلاماً في الروح، أبت إلا أن تقف في وجه زمن النسيان.
في فجر الثلثاء الموافق الثامن من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني للعام 2011 وجدتها في سريرها في وضع الهدوء والسكينة، وقد اتكأت على يدها اليسرى، واضعة قبضتها أسفل خدها الأيسر، مغمضة العينين، وهذا وضع لم أعتده لها منذ أن رقدت في المستشفى، فانتابني هلع عظيم، فأخذت أخاطبها، فلم تفتح عينيها، ولم تجب، وكررت المحاولة ولا جواب، فطلبت المساعدة، فأتت إحدى الممرضات وسألتها: ما الخبر؟ فقالت يبدو أنها توفيت؛ لكني لست المخولة بالحكم في مثل هذه المواقف، فاستدعت الطبيب المختص الذي أفجعني بخبر وفاتها.
في إحياء الذكرى الخامسة لرحيلها، أود أن أسلط الضوء على بعض من جوانب شخصيتها التي يعرف أقاربها بعضها، وقد لا يعرفون الآخر. منذ أن تشرفت بالارتباط المقدس بها كانت رحمها الله شديدة الحرص على النعمة، فكانت تولي اهتماماً بالغاً لما يزيد من وجبات الطعام عن حاجتنا، فتحفظه للوجبات القادمة حتى لو كان قطعة صغيرة من الخبز، فكانت تتجنب رمي ما يتبقى من طعام ما أمكنها، لا بخلاً فيها؛ بل تقديراً للنعمة. وكذا الحال مع بقية حاجات البيت من ملابس وأدوات وأثاث... الخ. وهناك جانب آخر مشرق في سيرة حياتها العامرة بالعطاء. ذلك الجانب هو سخاء النفس، وكرم العطاء، سواء على المستوى العيني أو المادي أو المعنوي. كانت النساء يقصدهن من دون انقطاع لتكتب نيابة عنهن رسائل للجهات الخاصة رسمية كانت أو أهلية. لذا ما قابلت أحداً ممن يعرفونها إلا وسمعت منهم عبارة واحدة "مستحيل ننسى أم شروق".
وإن حدثتكم عن حبها لي، فسأذكر لكم جملة قالها أخوها السيدمصطفى التمار يوم أنهينا مراسم دفنها رحمة الله عليها، وكانت الدموع تنهمر من عينيه حزناً على فقيدته الغالية. قال: "أختي أم شروق تحبك أكثر مني". والحقيقة أنها لا تحبني أكثر منه وحسب؛ بل وأكثر من نفسها، فأنا لم أعرف حتى الساعة زوجة تخطب لزوجها امرأة أخرى غير أم شروق. وأجزم بأن هذا دليل قاطع على حبها لي أكثر من حبها لنفسها.
ماذا عساني أن أقول وقد ضاعت بفقدك من فمي كلماتي، رحمك الله يا أم شروق رحمة الأبرار، وحشرك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً. الفاتحة لروحها الطاهرة.
منصور عبدالله العصفور