انطلاق فعاليات مؤتمر العمل المصرفي والمالي الإسلامي الحادي عشر
المنامة - بنا
تحت رعاية محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج، انطلقت صباح اليوم الأحد (6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) في فندق الريتزكارلتون في المنامة فعاليات النسخة الحادية عشر من مؤتمر العمل المصرفي والمالي الإسلامي السنوي الحادي عشر، والذي تنظمه هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية "أيوفي" بالتعاون مع البنك الدولي، تحت شعار "المالية الإسلامية في اقتصاد ما بعد النفط"، وذلك بحضور رئيس مجلس أمناء "أيوفي"الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة، وبمشاركة خبراء مصرفيين وخبراء متخصصين في مجال الصيرفة الإسلامية، وممثلين عن مصارف مركزية عربية ومؤسسات مالية دولية.
وفي بداية حفل الافتتاح ألقى الأمين العام لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامي "ايوفي"، حامد حسن ميرة، كلمة أكد فيها على الأهمية المتنامية لدور "أيوفي"، وما توليه من عناية في توطيد علاقاتها بالجهات الرقابية والإشرافية والبنوك المركزية حول العالم، منوهاً إلى قيام "أيوفي" بعمل لقاءات مع ما يزيد عن 25 بنكاً مركزيا وسلطة رقابية وإشرافية في مختلف دور العالم، والتي شملت التعريف بـ "أيوفي" ومعايرها وانشطتها، إضافة إلى تقديم الدعم الفني والمهني لعدد من المؤسسات المالية من خلال ورش العمل والدورات المتخصصة، مما ساهم في جذب المزيد من الأعضاء الجدد وتعزيز المهنية والاحترافية في صناعة المالية الاسلامية وتطويرها.
وأوضح ميرة إلى أن هناك تفهما متنامينا من الجهات المختلفة لمفهوم اعتماد الدول معايير "أيوفي"، بحيث لا يلغي الخصوصيات المحلية للدول دول من النواحي الضريبية والقانونية والمحاسبية والمذهبية، مشيراً إلى أن هذه الاعتمادية لا تغني عن وجودِ مجالسَ فنية محلية وهيئات محاسبية وطنية وهيئات شرعية مركزية قُطرية غالباً.
وأضاف الأمين العام إلى قيام "أيوفي" بتعزيز التعاون وتدشين مشروعات مشتركة مع عدد من المنظمات الدولية ذات العلاقة، ومنها؛ البنك الإسلامي للتنمية، وصندوق النقد العربي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي وعدد من منظماتها التابعة، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والاتحاد الدولي للمحاسبين IFAC، وغيرها.
وأشاد حامد ميرة في كلمته بالدور الذي تقوم به المجالس الفنية في تطوير المعايير ومراجعتها، والتي تشمل؛ المجلس الشرعي والذي يضم في عضويته 20 عالماً من 14 دولة ومن جميع المذاهب الفقية، ثم المجلس المحاسبي والذي يبلغ عدد اعضاءه 15 خبيراً محاسبيا من 11 دولة، إلى جانب مجلس الحوكمة والأخلاقيات الذي يبلغ عدد أعضاءه أيضا 15 يمثلون 11 دولة حول العالم.
وتحدث زمير اقبال، مدير مركز تطوير التمويل الإسلامي في البنك الدول، عن أهمية انعقاد هذا المؤتمر اليوم في البحرين، موضحاً أن المنطقة، ورغم ما شهدته من تراجع في أسعار النفط، إلا أنها مقبلة على نمو اقتصادي هام للغاية ولديها العديد من الفرص الواعدة، ولذلك فهي بحاجة إلى مصادر تمويلة مختلفة، ولذلك جاء هذا المؤتمر في الوقت المناسب لانه يعطي الكثير من الأفكار التمويلية الهامة للاقتصاد وللتنمية، إضافة إلى قدرته على خلق ديناميكية جديدة تساهم في تطوير الأعمال.
وأضاف أن المصارف الإسلامية لديها القدرة اليوم على تحمل جزء معتبر في مجالات التنمية المستقبلية وفي مختلف المجالات، بما تملكه من ديناميكية وقدرة على التعاطي ضمن الثوابت المحاسبية والقانونية والشرعية.
وفي كلمته؛ نقل رئيس مجلس أمناء هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة، تحيات القيادة إلى المشاركين في أعمال المؤتمر الحادي عشر لـ "أيوفي"، مشدداً على أهمية استمرار هذه اللقاءات بين الخبراء والمختصين بما يعود بالفائدة على العمل المصرفي الإسلامي من خلال تبادل الأفكار والرؤى حول أفضل السبل لتطويره.
وأشار الشيخ إبراهيم إلى أن منطقة الخليج العربي تعتبر المصدر الأول والأساسي لرؤوس أموال الصناعة المالية الإسلامية الدولية وقاعدة انطلاقها نحو العالمية، موضحاً أن توفر السيولة ساهم في تكوين جانب العرض في الأسواق الواعدة، مما ساهم في زيادة فرص التعلم واكتساب الخبرات وبناء صناعة مصرفية إسلامية قوية خلال العقود الماضية.
ونوه رئيس مجلس أمناء "أيوفي" إلى تراجع أسعار النفط عالمياً في النصف الثاني من عام 2014 مثل تحولاً في الثروة من الدول المصدرة للنفط إلى الدول المستوردة بواقع 750 مليار دولار سنوياً. وهو ما انعكس بشكل واضح على الاستهلاك والاستثمار والموجودات الخارجية للدول المصدِرة للنفط، إلى جانب قيام الحكومات وقطاعات الأعمال وقطاعات المستهلكين بإعادة النظر في مدى استقرار ديونها ومصادر دخولها، وهو ما يحتم على المؤسسات المالية الاسلامية العمل إيجاد تصور واضح لآلية مراجعة أولوياتها بما يضمن للصناعة الاستمرار وسط بيئتِها الخارجية المتغيرة.
وحدد الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة أربعة محاور يجب على الصناعة المالية الإسلامية تتجاوب ومعها وهي؛ التحول الفعلي نحو "المالية المنتجة"، تعزيز روح التغيير الإيجابي والعناية بالتكنولوجيا المالية، اغتنام هذه الفرصة لإتمام حلقة العمل المالي المتكامل، وأخيراً إلى الحاجة إلى نقلة هيكلية في واقع الصناعة المالية الإسلامية الحالي إلى واقع يشجع على الوساطة الاستثمارية.
وفي رده على سؤال لـ (بنا) قال محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج، حول دور البنوك الإسلامية في المساهمة بتمويل واقراض المؤسسات الحكومية، أن الأبواب مفتوحة للبنوك الإسلامية، كما البنوك التقليدية، حيث لدينا اصدارات متعددة سواء تقليدية أو على شكل صكوك، وبالتالي لديهم المجال للمشاركة بالادوات المالية المتوافقة مع الشريعة.
جدير بالذكر أن المؤتمر سيناقش، وعلى مدى يومين عددا من القضايا المرتبطة بالعمل المصرفي الإسلامي ودوره في التنمية تحت عنوان (المالية الإسلامية في اقتصاد ما بعد النفط)، حيث تم في أولى الجلسات مناقشة أثر التغيرات الاقتصادية الكلية في الصناعة المالية الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، والتي تحث فيها كل من؛ نائب محافظ البنك المركزي الأردني ماهر خليل، ومتشار رئيس مجموعة البنك الاسلامي للتنمية عمر هير حافظ، ومدير الإشراف البنكي في بنك االمغرب المركي الحسن بن حليمة، وكبير الاقتصاديين في مجلس التنمية الاقتصادي جارمو كوتالين.
أما الجلسة الثانية فقد خصصت للعلاقة بين المالية الإسلامية والسياسات المالية الحكومية في ظل التغيرات الاقتصادية الإقليمية، وتحديداً عجز الميزانيات في ضوء التغيرات الاقتصادية الناتجة عن تراجع أسعار النفط، وقد تحدث فيها كل من الدكتور زمير اقبال مدير مركز تطوير التمويل الاسلامي في البنك الدولي، والدكتور محمد كبير حسن، استاذ الصيرفة والاقتصاد الاسلامي في جامعة نيواورلينز.
وسيعقد المؤتمر يوم غد أربعة جلسات ستتناول الأولى (التمويل الزراعي) باعتباره أحد أهم المجالات التي يمكن أن تركز عليها المالية الإسلامية في المرحلة المقبلة، وخاصة في ظل تراجع النشاط الاقتصادي المرتبط بواقع سوق النفط.
أما الجلسة الثانية فستستعرض مشروع معيار الحوكمة المتعلِّق بـ: (الهيئات الشرعية المركزية) ودورها وأهميتها، مع تسليط الضوء على أبرز تجارب الدول في هذا المجال وجملة من الاعتبارات الفنية في عمل تلك الهيئات من حيث التكوين والتبعية. كما ستدور مجريات الجلسة الثالثة لاستعراض المعيار الشرعي الجديد حول الذهب وتطبيقاته ومنتجاته، مع مناقشة لأبرز المستجدات في سوق الذهب العالمي والجوانب الفنية المتعلقة به.
اما الجلسة الرابعة فسيتم تخصيصها لموضوع(القيمة العادلة واضمحلال الأصول والمخصصات وأثر معيار المحاسبة الدولية التاسع IFRS9)، وذلك لتسليط الضوء على أثر هذا المعيار في صناعة الخدمات المصرفية والمالية، وتدارس هذه المسألة بما يحقق التواؤم مع أسس المحاسبة الحديثة ويلبي توقعات الجهات الرقابية وأصحاب المصالح في هذه الصناعة.
جدير بالذكر أن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية والمعروفة اختصاراً بـ (أيوفي) تعتبر إحدى أبرز المنظمات الدولية غير الربحية الداعمة للمؤسسات المالية الإسلامية، وقد تأسست عام 1991م ومقرها الرئيس مملكة البحرين، ولها منجزات مهنية بالغة الأثر على رأسها إصدار 95 معياراً حتى الآن في مجالات المحاسبة والمراجعة وأخلاقيات العمل والحوكمة بالإضافة إلى المعايير الشرعية التي اعتمدتها البنوك المركزية والسلطات المالية في مجموعة من الدول باعتبارها إلزامية أو إرشادية، كما تحظى الهيئة بدعم عدد من المؤسسات الأعضاء، من بينها المصارف المركزية والسلطات الرقابية والمؤسسات المالية وشركات المحاسبة والتدقيق والمكاتب القانونية من أكثر من 45 دولة، وتطبِّق معايير الهيئة حالياً المؤسسات المالية الإسلامية الرائدة في مختلف أنحاء العالم، والتي وفرت درجة متقدمة من التجانس للممارسات المالية الإسلامية على مستوى العالم.