اعتبرته قصوراً وأوجبت بيان الأدلة على إدانته وعدم الاكتفاء بمجرد الإشارة لها...
«التمييز»: حكم «الاستئناف» بقضية سلمان لم يبين مؤدى ومضمون شرائط الفيديو المدان بها
الوسط - حسن المدحوب
قالت محكمة التمييز في حيثيات حكمها الذي أصدرته في (17 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، في طعن الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية المنحلة الشيخ علي سلمان، الذي يقضي عقوبة السجن 9 سنوات، بنقض القضية، ما يسمح له بالمثول من جديد أمام محكمة الاستئناف التي ستنظر جلسات لمحاكمته والحكم من جديد في القضية: إن «الحكم المطعون فيه لم يبين مؤدى شرائط الفيديو وما ثبت للمحكمة من مشاهدتها وما استمعت إليه ومضمون تلك الشرائط المضبوطة وما قدمه المتهم والذي أورد الحكم إقرار الطاعن بصحتها، حتى يتضح وجه استدلاله بها على ثبوت التهمة فإنه يكون معيبا بالقصور -وهو ما يتسع له وجه الطعن- ويعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة والإدلاء برأيها فيما يثيره الطاعن في طعنه».
وأوضحت «لما كان ذلك، وكان من المقرر انه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في الحكم بيانا كافيا، فلا يكفي مجرد الإشارة إليها، بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة التي اقرها الحكم، حتى يتضح وجه استدلاله به وسلامة مأخذه تمكينا لمحكمة التمييز من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة، كما صار إثباتها في الحكم، وإلا كان قاصرا».
وفي الوقائع، قالت محكمة الاستئناف: إن «النيابة العامة اتهمت الطاعن «الشيخ علي سلمان»، في قضية الجناية رقم 505 لسنة 2015 بأنه في غضون الفترة من 2011 حتى 28 ديسمبر/ كانون الأول 2014، بدائرة مملكة البحرين: أولا؛ روج وحبذ قلب وتغيير النظام السياسي في البلاد، بالقوة والتهديد بوسائل غير مشروعة؛ بأن دعا إلى قلب وتغيير نظام الحكم القائم بالقوة، وذلك بمناهضة السلطة في البلاد والحث على مقاومتها والتهديد باللجوء في سبيل هذا إلى القوة العسكرية، والتلويح بإمكان حمل السلاح في مواجهة السلطات، والقول بفقدان النظام شرعيته، كما دعا إلى الخروج في مسيرات مخالفة لأحكام القانون لغرض إحداث الاضطرابات والفوضى في البلاد وصولا لإسقاط نظام الحكم، وكان ذلك قولا من خلال خطبه وكلماته في المناسبات والمحافل العامة ومداخلاته بوسائل الإعلام على النحو المبين بالتحقيقات».
وأضافت «ثانيا»: حرض علانية على بغض طائفة من الناس والازدراء بهم، بما من شأنه اضطراب السلم العام؛ بأن اسند إلى مكتسبي الجنسية البحرينية ما يشينهم بوصفه إياهم بالمرتزقة، وتصريحه بعدم ولائهم للوطن وبإمكانية ارتكابهم الجرائم الإرهابية، وبممارستهم القمع ضد الشعب والادعاء باستئثارهم بنصيب المواطنين الأصليين في ثروات البلاد وخدماتها، وكان ذلك قولا من خلال خطبه وكلماته ومداخلاته في المناسبات والمحافل العامة ووسائل الإعلام على النحو المبين تفصيلا بالتحقيقات».
وأردفت «ثالثا»: حرض علانية على عدم الانقياد للقوانين، وحسن أمورا تشكل جرائم؛ بأن دعا من خلال خطبه وكلماته التي ألقاها في مناسبات ومحافل عامة إلى عدم الالتزام بأحكام القانون فيما يتعلق بتنظيم المسيرات وضوابطها، كما دعا المجلس العلمائي إلى الاستمرار في نشاطه رغم علمه بحل هذا المجلس وإنهاء نشاطه بموجب حكم قضائي نهائي».
وتابعت «رابعا»: أهان علانية هيئة نظامية (وزارة الداخلية)؛ بأن وصف منتسبيها علنا بالمرتزقة، وزعم انتماء بعضهم إلى تنظيمات إرهابية، والقول بانتهاجها القمع وانتهاك الحقوق، وكان ذلك قولا من خلال خطبه وكلماته في مناسبات ومحافل عامة على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت عقابه بالمواد 92/1، 2، 160، 172، 173، 216 من قانون العقوبات».
وأوضحت التمييز أن «المحكمة الكبرى الجنائية قضت بجلسة 16 يونيو/ حزيران 2015، حضوريا ببراءته مما اسند إليه من اتهام في البند الأول، وبمعاقبته بالحبس لمدة سنتين عما أسند إليه بالتهمتين الثانية والرابعة الواردتين بأمر الإحالة، وبحبسه لمدة سنتين عما أسند إليه عن التهمة الثالثة، واستأنف كل من المحكوم عليه، والنيابة العامة بالاستئنافين رقمي 571، 580 لسنة 2015».
وأفادت أن «محكمة الاستئناف العليا قضت بجلسة 30 مايو/ أيار 2016، حضوريا وبإجماع آراء أعضاء المحكمة بقبول الاستئنافين شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة 7 سنين عما اسند إليه في التهم الأولى والثانية والثالثة، وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. فلم يرتض المحكوم عليه هذا الحكم فطعن فيه بطريق التمييز وبتاريخ 28/6/2016 قررت المحامية جليلة السيد الطعن بالتمييز في هذا الحكم بموجب توكيلات رسمية تبيح لها ذلك، وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب الطعن موقعة منها، كما أودع المكتب الفني مذكرة برأيه في الطعن».
وفي حيثيات حكمها، قالت محكمة الاستئناف: «بعد تلاوة تقرير القاضي المقرر والاطلاع على الأوراق وسماع أقوال النيابة العامة والحاضرة عن الطاعن، وبعد المداولة، حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. حيث أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الترويج والتحبيذ لقلب نظام الحكم بالقوة، والتحريض علانية على بغض طائفة من الناس والازدراء بهم، وعدم الانقياد للقوانين واهانة هيئة نظامية (وزارة الداخلية)، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك انه عول في إدانته، من بين ما عول عليه، على أقوال شاهد الإثبات الوحيد وتحرياته رغم عدم جديتها وتناقضها وتحريفه بعض العبارات للخطب عن سياقها ومراميها، كما عول على اعترافه بتحقيقات النيابة العامة بصحة ما ورد بالتسجيلات، رغم أنها لا تفيد نصا في اقترافه الجريمة وتنفي توافر القصد الجنائي لديه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه».
وواصلت «وحيث انه يبين من الحكم المطعون فيه انه بعد أن بين واقعة الدعوى ذكر انه يعول في إدانة الطاعن على أقوال الضابط (...)، ومما ثبت من مشاهدة المحكمة والاستماع إلى شرائط الفيديو المضبوطة وكذا شرائط الفيديو التي قدمها المتهم بمحضر الجلسة، ومن اعتراف المتهم بصدور تلك الخطب والكلمات منه، دون أن يورد مضمون الشرائط التي استمعت إليها المحكمة أو مؤداها».
وأفادت «لما كان ذلك، وكان من المقرر انه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في الحكم بيانا كافيا فلا يكفي مجرد الإشارة إليها، بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة التي اقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله به وسلامة مأخذه تمكينا لمحكمة التمييز من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصرا، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين مؤدى شرائط الفيديو وما ثبت للمحكمة من مشاهدتها وما استمعت إليه ومضمون تلك الشرائط المضبوطة وما قدمه المتهم والذي أورد الحكم إقرار الطاعن بصحتها، حتى يتضح وجه استدلاله بها على ثبوت التهمة فإنه يكون معيبا بالقصور، وهو ما يتسع له وجه الطعن، ويعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة والإدلاء برأيها فيما يثيره الطاعن في طعنه».
وختمت محكمة التمييز «لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن، فلهذه الأسباب، حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة القضية إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم فيها من جديد».