السعوديون ينتظرون تطبيق ضريبة «القيمة المضافة» بعد 14 شهراً
الوسط – المحرر الاقتصادي
حتى سنوات قريبة، لم يكن السعوديون خصوصاً، والخليجيون عموماً، يبدون اهتماماً بضريبة «القيمة المضافة»، باستثناء الاقتصاديين منهم، الذين يراقبون تطبيقها في غالبية دول العالم ، بحسب ما نقلت صحيفة "الحياة" أمس الأحد (23 أكتوبر / تشرين الأول 2016).
إلا أن هذه الضريبة على وشك أن تدخل حياة الخليجيين، مع اقتراب دول مجلس التعاون من تطبيقها بعد نحو 14 شهراً، أو عامين في حد أقصى، بعدما كان يتم تجاوزها، بسبب الوفورات التي تؤمنها أسعار النفط المرتفعة خلال الـ15 عاماً الماضي، إلا أن انخفاض إيرادات النفط خلال السنوات الماضية، جعل تطبيقها ضرورة، لتوفير مداخيل ثابتة للموازنات الوطنية.
وتعرف «القيمة المضافة» على أنها الضريبة التي تفرض على فارق سعر الكلفة وسعر البيع للمنتجات، وتعد من الضرائب غير المباشرة التي تفرض على جميع السلع والخدمات.
وتعتبر أيضاً واحدة من أكثر ضرائب الاستهلاك شيوعاً حول العالم، إذ تطبّق في أكثر من 150 دولة (أو ما يعادلها: ضريبة السلع والخدمات)، بما فيها جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والبالغ عددها 29 دولة، إضافة إلى كندا، ونيوزيلندا، وأستراليا، وسنغافورة، وماليزيا.
ويعتبر اقتصاديون الضريبة الجديدة أحد أهم الإصلاحات الاقتصادية في المنطقة، إذ سيخفف تطبيقها من اعتماد الحكومات على عائدات النفط والغاز المتدنية، وسيوفر لها مصدراً بديلاً للإيرادات المُستدامة، مشيرين إلى أن الأنظمة الضريبية «محدودة للغاية»، وتشهد استثناءات كثيرة كنوع من الجذب تقدم إلى الاستثمارات الأجنبية.
واستثنى الاتفاق بين دول الخليج الرعاية الصحية، والتعليم، والخدمات الاجتماعية، إضافة إلى 94 سلعة غذائية من ضريبة القيمة المضافة، لأسباب اقتصادية واجتماعية.
وتسعى دول الخليج إلى توحيد أنظمة الفواتير الإلكترونية، تمهيداً لفرض «القيمة المضافة» والانتقائية، وتيسير إجراءات احتسابها بدقة، وذلك عبر اتفاق إطاري موحد يتمحور في إيضاح شكل تلك الفواتير.
وتعكف «هيئة الزكاة والدخل» في المملكة على إنهاء إجراءات الفواتير الإلكترونية، تمهيداً لبدء تطبيق الضرائب محلياً، إلا أنها تنتظر ما سيتوصل إليه اجتماع وزراء مال دول الخليج خلال الأسبوع الجاري، والذي سيبحث توحيد الفواتير بين دول المنطقة.
وكان وزير المال إبراهيم العساف أوضح العام الماضي أن «القيمة المضافة» سيتم تطبيقها تدريجياً على أن تكون مستكملة خلال عامين، وهي المدة المحددة لتطبيقها في دول الخليج في 2018، وستكون نحو 5 في المئة، لتشكل النسبة الأكثر انخفاضاً على مستوى دول العالم.
وأوصى خبراء اقتصاديون سعوديون بأن يتم تطبيق الضريبة بشكل تدريجي، حتى لا تُحدث مفاجأة، باعتبار أن المستهلك النهائي سيكون المتحمل الفعلي لقيمة الضريبة.
وتعد الضريبة التي ستفرض على سلع استهلاكية وخدمات، الأولى من نوعها في دول الخليج التي تتمتع عادة بإعفاءات ضريبية اجتذبت عمالة أجنبية كبيرة، وينتظر منها أن تعود بإيرادات كبيرة على الدخل الوطني في دول الخليج.
وتهيمن حالياً على إيرادات دول مجلس التعاون الخليجي الإيرادات الناتجة عن قطاع الطاقة، وتتكون القاعدة الضريبية لهذه الدول بشكل رئيس من رسوم الاستيراد، إضافة إلى رسوم أخرى. وتتأثر إيرادات الحكومة المتوقعة، بسبب الانخفاض الأخير في الموارد الطبيعية والنفط في جميع أنحاء العالم والاتجاه المتزايد نحو تطبيق اتفاقات التجارة الحرة الإقليمية أو الثنائية، والتي تؤدي بدورها إلى خفض القيمة الجمركية المُحصلة.
وكانت دول الخليج اتفقت على اعتماد إطار موحد في تنفيذ الضريبة الجديدة، لتعزيز استدامة التدفقات المالية للحكومات، ومن المتوقع تطبيق الضريبة في الأول من كانون الثاني (يناير) العام 2018، أو 2019 في حد أقصى، لإدخال نظام متكامل وموحد يتم من خلاله فرض ضريبة على استيراد وتوريد السلع والخدمات في كل مرحلة من مراحل سلسلة التصنيع والتوزيع.
وسيشكل إطار الضريبة الموحد أساساً لاستحداثها من كل من دول التعاون على حدة، وذلك عبر إصدار التشريعات الوطنية وإنشاء البنية التحتية للإدارة الضريبية في كل دولة، مع مراعاة التاريخ المقترح للتطبيق، وعلى الحكومات بناء قدراتها بشكل فوري لناحية الفعالية والكفاءة، ومن المتوقع أن تُمنح فترة انتقالية للشركات تراوح بين 12 إلى 18 شهراً، استعداداً لتطبيقها.
ومن منظور الشركات، تعد «القيمة المضافة» محايدة، اذ يعمل دافعي الضرائب على تحصيل الضريبة المستحقة على عملياتهم نيابة عن الحكومة، ويسترجعون الضريبة المتكبدة على مدخلاتهم، لكن تأثيرها على الشركات والاقتصاد بشكل عام يعتمد بشكل كبير على ميزات تصميم النظام الضريبي، وتحديداً القاعدة الضريبية وعدد الإعفاءات ومتطلبات الامتثال. ويساهم اعتماد نظام ضريبي مبسط وفعال وحيادي، في تقليل هذا التأثير على الشركات، ولا سيما لناحية كلفة الامتثال.
ودعا اقتصاديون إلى ألا يؤثر التطبيق المترقب لنظام «القيمة المضافة» بنسبة 5 في المئة، على نظرة الشركات الى العبء الضريبي والبيئة الضريبية في دول الخليج، لكن على الشركات أن تنظر في استراتيجياتها التجارية في ظل التحول المحتمل في الطلب والإنفاق الاستهلاكي، ووضع نهج لتوقع التغييرات في الشكل الصحيح وضمان الانتقال السهل، وأيضاً عليها الاستعداد للامتثال وفق التزامات ضريبية جديدة أساسية.
من جهة أخرى، تواجه الإدارات الضريبية تحديات لـ«تحقيق المزيد بكلفة أقل»، إذ أن من الضروري النظر في تطبيق نموذج تعاوني للامتثال إلى الضريبة أو غيرها من النماذج التي تمنح نسبة أعلى من الثقة واليقين إلى أصحاب المصلحة كافة، وأيضاً من الضروري أن يمثل الاستثمار في التكنولوجيا أو تطوير الأنظمة القائمة لـ«مكننة العمليات الضريبية»، جزءاً من استراتيجية تطبيق ضريبة القيمة المضافة، لزيادة الدقة وتوفير الوقت وتخفيف الكلفة.
يُذكر أنه خلال دراسة «إدارة الضرائب» وجد أن الإجراءات والأنظمة ستكون إحدى أكبر التحديات عند استحداث الضريبة الجديدة، إذ ستتعذر عملية إدارة هذه الضرائب من دون وجود أنظمة فعالة.
وعلى الصعيد العالمي، لم يكن لإدارة الضرائب أهمية كبيرة للشركات والجهات الحكومية والعموم، مثل ما هو عليه الآن في دول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط، ومن خلال اعتماد الحكومات والشركات الأطر، والأنظمة والموارد المناسبة، لا بد من ان تصبح مسألة دفع الضرائب أسهل بكثير.