تتحدّث عن تجربتها مع السرطان وتقدّم النصائح...
الطبيبة النسائية ماري كريدوز: بعد ترميم الثدي عُدت «امرأة»!
الوسط - محرر منوعات
يؤدي سرطان الثدي إلى تغيير حياة المرأة وعائلتها بشكل جذري. في 80% من الحالات، تنتهي القصة بطريقة إيجابية نظراً إلى الكشف عن هذا المرض في مرحلة مبكرة اليوم وتطوّر العلاجات بوتيرة تصاعدية.
فيما يلي، تتحدّث الطبيبة النسائية ماري كريدوز عن تجربتها مع سرطان الثدي. شُخّص المرض لديها في عمر الأربعين فأعاق حياتها كامرأة وطبيبة. لكنها تقدّم اليوم نصائحها بعد الألم الداخلي الذي عاشته في تلك المرحلة... مجلة «توب سانتي» الفرنسية قابلتها، ونقلت حوارها صحيفة "الجريدة" الكويتية اليوم الاحد (23 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، فكان الحوار التالي:
هل تتكلمين مع المريضات اليوم بطريقة مختلفة؟
بدأ بعض المستشفيات يدرّب الأطباء على طريقة إعلان المرض للنساء، ويجب ألا يتردّد الطبيب في متابعة حالة كل مريضة. لكن لا يحصل ذلك دوماً. يمكن أن أعلن نتائج فحص الخزعة بنفسي وأدرك ضرورة أن أتمتّع بمستوى مرتفع من التعاطف، ومع ذلك يبقى النبأ السيئ صعباً مهما فعلنا. لكني أحرص اليوم على اختيار كلماتي بحذر لدعم المريضة وإعطائها أملاً بالشفاء.
أي نصائح تقدّمينها للمرأة التي تستعد للجراحة مستقبلاً؟
كفاءة الجراح أساسية طبعاً، لكن تحتّل صفاته الإنسانية أهمية كبرى أيضاً. قبل الجراحة، يجب أن نطرح على المريضة الأسئلة كافة التي تقلقها وتمنعها من النوم. يستبق الجراح البارع معظم الأسئلة المهمة ويشرح لها ما سيحصل بعد الجراحة.
بعد استئصال الثدي، يجب أن تزور المرأة خبيراً بالأطراف الاصطناعية كي تحصل على ثدي رغوي. في البداية كنتُ أضع منديلاً وقطناً في حمالة الصدر، لكنّ الثدي الاصطناعي أفضل بكثير.
كيف يمكن أن تتجنّب المرأة الوذمة اللمفية في الذراع؟
يجب أن تبدأ باتخاذ تدابير وقائية قبل الخروج من المستشفى، ما يعني ضرورة أن تلجأ إلى معالج بالحركة لبدء تمارين تشغيل الكتف وتعلّم تقنيات التنفس الصحيحة قبل العودة إلى المنزل، ولا بد من متابعتها في المرحلة اللاحقة لاستعادة كامل القدرة على رفع الذراع. ستكون المهمة شاقة، لكنها تستحق العناء. على صعيد آخر، يجب أن تهتمّ المرأة أيضاً بالذراع التي حصلت فيها الجراحة عبر تجنّب حمل الأوزان الثقيلة والاحتماء من أشعة الشمس، تحديداً خلال السنوات الأولى. وسرعان ما يتجدد نمط حياتها الطبيعي تلقائياً.
متى يصبح دعم الطبيب النفسي أمراً ضرورياً؟
يكون دوره ضرورياً منذ الإعلان عن تشخيص المرض وجدول العلاجات. تحتاج المرأة في هذه المرحلة إلى المساعدة كي تتجاوز هذه الفترة المشحونة. يقترح بعض المؤسسات الطبية مساعدة نفسية فورية، يمكن أن تقبلها المريضة أو ترفضها. يجب أن تتمكّن المرأة من فهم ما يحصل معها، وقد يساعدها الطبيب النفسي على تجاوز الشعور بالذنب: بغضّ النظر عن نمط حياتها، لا يمكن أن تعتبر نفسها مسؤولة عن مرضها! يشكّل هذا الدعم النفسي فرصة لها لتعيد تحديد أولوياتها كأن تمضي الوقت مع أولادها، وتخفّف ضغوط العمل، وتتجنّب العلاقات أو المواقف العصيبة...
كيماوي وأشعة وترميم
أي نصائح تقدمينها خلال أسابيع العلاج الكيماوي؟
إنه أصعب جزء من العلاج في نظري. تمكنتُ من التحكم بنوبات الغثيان ولكن رسّخت الجلسات في داخلي انزعاجاً عميقاً. لم أكن أنام جيداً أصلاً بسبب الستيرويدات القشرية وشعرتُ بتعب شديد. أحياناً، كنت أشعر بأنني أبلغ 90 عاماً! ثم بدأ تساقط الشعر الذي يُفقِد المرأة شعورها بأنوثتها. اختبأتُ وراء شعر مستعار ولم أسمح لأولادي برؤيتي وأنا صلعاء.
من الأفضل أن تتوقّع المريضة تساقط شعرها بسبب العلاج لأنها لن ترغب في شراء شعر مستعار أو وشاح مناسب يوم يبدأ شعرها بالتساقط فجأةً.
خلال جلسات العلاج الكيماوي، يجب ألا تتردد المرأة في التعبير عن مشاعرها. يمكنها أن تطلب أدوية مضادة للغثيان أو تتكلّم عن أي انزعاج يصيبها. يتبع العلاج بروتوكولاً محدداً لكنه يبقى قابلاً للتعديل. كذلك يمكنها أن تمارس أحياناً بعض التمارين البدنية السلسة بين الجلسات العلاجية، وستلاحظ أنها تستفيد من هذه النشاطات كثيراً.
ماذا عن الأسابيع المخصصة للعلاج بالأشعة؟
أنصح كل امرأة خلال هذه الفترة بعدم دهن منتج عشوائي على بشرتها. من الأفضل أن تطلب من الطبيب أن يصف لها الكريم المناسب منذ البداية. على صعيد آخر، يجب أن ترتدي ملابس داخلية قطنية غير ضيّقة وتحمي صدرها من أشعة الشمس خلال الأسابيع اللاحقة. لكن تتعلّق أهم نصيحة طبعاً بتخصيص الوقت الكافي للراحة لأن الأشعة تُتْعِب الجسم.
ماذا عن جراحة إعادة ترميم الثدي؟
بعد العلاج بالأشعة، احتجتُ إلى سنتين كاملتين كي أستعدّ لهذه الجراحة، لكني راضية جداً عن النتيجة اليوم. بعد الجراحة، شعرتُ بأنني استعدتُ صورة المرأة التي خسرتُها لفترة. اخترتُ ألا أستعمل مضخات المورفين أثناء الجراحة مع أنها ضرورية أحياناً. حين يُعاد ترميم الثدي من دون استعمال طرف اصطناعي بل يُؤخَذ عضل من الظهر، تكون النتيجة طبيعية جداً ولكنها عملية مؤلمة طبعاً.
في المرحلة اللاحقة، لاحظتُ وجود فرق في حجم الثديين لكني لم أخضع لجراحات إضافية. كانت هذه النتيجة كافية بالنسبة إلي.
من الطبيعي أن تفكر كل امرأة بهذا الخيار، ومن حقّها أن تتخذ قرارها بهدوء. أشير هنا إلى أن يعض النساء يترددن بسبب قرار أزواجهن. صحيح أن من المبرر أن تأخذ المرأة رأي زوجها في هذا الموضوع، لكن يتعلّق هذا القرار بجسمها ويُفترض أن يجعلها تشعر بالتحسن. حين تقرر أن تعيد بناء ثديها، سيكون تواصلها مع الجراح الذي تختاره أساسياً. شخصياً، دعمني زوجي في هذه المرحلة ورافقني. عرض علينا الجراح صور نساء أخريات قبل الجراحة وبعدها وبدت جيدة، لذا تمسّكتُ بقراري وأجريتُ الجراحة.
متى تبرز الحاجة إلى العلاج الهرموني؟
حين يقترح الطبيب العلاج الهرموني على المرأة، ستكون فرصتها جيدة لأن هذا الاقتراح يعني أن السرطان في حالتها مرتبط بعمل الهرمونات وتكون فرص النجاة منه إيجابية. لكن لا يحظى هذا العلاج بمتابعة جيدة دوماً وقد يدوم لخمس سنوات عموماً. كنت أعرف أنه يخفّض خطر الانتكاسات، لذا توقعتُ أن يعطي مفعولاً إيجابياً، وهذا ما حصل مع أنني اكتسبتُ بضعة كيلوغرامات زائدة وتأثرت رغبتي الجنسية!
بعد خضوعي لجراحة إعادة ترميم الثدي واستعادة حيويتي، أشعر مجدداً بأنني «امرأة» بمعنى الكلمة. لكني أنتظر بفارغ الصبر انتهاء العلاج بالكامل.
يُؤخَذ العلاج الهرموني في معظم الحالات على شكل أدوية عامة، وتعطي كلها الدرجة نفسها من الفاعلية مع أنها قد تحتوي على عناصر مختلفة. إذا ظهرت آثار مزعجة على مر العلاج، يجب أن تخبر المريضة طبيبها بما يحصل معها كي يصف لها نوعاً آخر. باختصار، يجب أن تأخذ العلاج الذي يريحها. حين غيّرتُ علاجي، تجدّدت نوبات الحر المزعجة التي تصيبني لكنها اختفت مجدداً حين عدتُ إلى الدواء الذي اعتدتُ عليه.
لا يتعلق هذا الخيار بالعلاج الهرموني الذي تأخذه المرأة في مرحلة انقطاع الطمث. ثمة أورام تنشـأ في الثدي تكون حساسة تجاه الهرمونات، ما يعني أن الهرمونات النسائية (الأستروجين والبروجستيرون) التي ينتجها الجسم طبيعياً تحفّز على نموها. يهدف العلاج الهرموني في هذه الحالة إلى كبح المفعول التحفيزي لتلك الهرمونات النسائية على مستوى الخلايا السرطانية. في حالات مماثلة، يصف الأطباء غالباً أدوية مضادة لتلك الهرمونات المؤثرة. كذلك قد تبرز الحاجة أحياناً إلى استئصال المبيضين لكنها حالة استثنائية.
كيف تستمر الحياة الاجتماعية في ظروف مماثلة؟
لم يكن العمل في حالتي ممكناً. لم أكن أستطيع الاهتمام بمشاكل الآخرين كما يجب. لكن بعد مرور المرحلة الصعبة، تغيّر الوضع جذرياً. زاد تركيزي على مشاعر النساء اللواتي يعشن تجارب صعبة. تغيرت نظرتي إليهنّ، وصرتُ أختار كلماتي بعناية. قبل جراحتي الأولى، كلّموني عن إصابتي بسرطان «صغير» لكن لا يكون السرطان صغيراً مطلقاً في نظر المريضة! مع ذلك، تصبح الحياة مدهشة بعد تجاوز الفترة الصعبة.
إذا امتنعت المرأة عن العمل في هذه الفترة الشائكة، قد تتمحور حياتها حول المرض والمواعيد الطبية وتترسّخ مخاوفها. لذا من المفيد أن تنظّم نشاطاً ممتعاً في اليوم مثل تناول الغداء مع صديقة، أو جلب الأولاد من المدرسة، أو ممارسة تمارين بدنية سلسة. باختصار، يجب أن تعتني بنفسها وتبتعد عن الأجواء السلبية.
أحدث التطورات العلاجية... ظهور التحليل الجيني
اليوم تخضع المرأة المصابة بالمراحل الأولى من سرطان الثدي العميق لفحص «أنكوتيب دي إكس» في المراكز الخاصة والعامة، فيحلل نشاط 21 جينة في عمق الورم ويقدّم نتائج شخصية تعكس احتمال الانتكاسات. يصبح هذا الفحص ضرورياً عند التشكيك بمنافع العلاج الكيماوي في حالات معينة، وتكون نتيجته مفيدة لاختيار أنسب علاج.
10 سنوات من العلاج الهرموني
حين يُعالَج السرطان في مرحلة مبكرة، يتراجع احتمال الانتكاسة إذا خضعت المرأة لعلاج هرموني يمتد على عشر سنوات بدل خمس. يتراجع الخطر في هذه الحالة بنسبة 34 % مقارنةً بالنتائج المسجّلة عند غياب العلاج. ينمو معظم تلك الأورام بتحفيزٍ من الهرمونات النسائية ويهدف العلاج الهرموني إلى حذفها.
فحص دم لتقييم مخاطر التداعيات
تتعرض عينة الدم المأخوذة من المريضة للأشعة في المختبر لتقييم عدد الخلايا التي تتجاوب مع الأشعة أكثر من غيرها. استناداً إلى معدل اختفاء بعض الخلايا ومعايير أخرى، يحتسب جهاز متخصص احتمال تليّف الثدي. يمكن الحصول على الإجابة خلال بضعة أيام. إذا كان الاحتمال كبيراً، يمكن اختيار أنماط معينة من العلاج بالأشعة. لا يزال هذا الفحص تجريبياً.
أدوات تشخيص جديدة قريباً
ينشأ السرطان انطلاقاً من خلايا تكون سليمة في البداية، لكنها تصبح غير طبيعية غداة تراكم التغيرات في الحمض النووي. لكن تشهد أورام الثدي تغيرات متنوعة وبارزة. حددت أحدث البحوث أكثر من 1600 تغيّر ويُشتَبَه بأن تلك التغيرات مسؤولة عن نمو الأورام. يُفترض أن يسمح تحديدها باختيار أفضل علاج مستهدف مستقبلاً.
تمارين البيلاتس لاستعادة الرشاقة
البيلاتيس شكل من التمارين البدنية السلسة، يساعد المرأة على التصالح مع جسمها بعد العلاج.
التحرك يمنع نشوء الوذمات
تنجم الوذمات عن قلة الحركة واكتساب الوزن وغياب النشاطات الجسدية. يمكنك تطبيق التمرينَين أدناه بعد شهرين على انتهاء العلاج. لضمان فاعليتهما، لا بد من اتخاذ وضعية سليمة والتنفس بطريقة صحيحة.
تمرين الجسر يجدّد سلاسة الكتفين
يسمح هذا التمرين بتحريك العمود الفقري وتليين الكتفين: تمدّدي على ظهرك واثني ساقيك وسطّحي ذراعيك على الأرض نحو الخلف. ارفعي حوضك بما يشبه شكل الجسر تزامناً مع الزفير وشدّ عضلات البطن والعجان. إذا لم تتمكن يدك من لمس الأرض في جهة الجراحة، ضعي وسادة تحتها واستندي إليها لتحسين ليونة الكتف.
«التغليف» لتقوية أسفل الظهر
يقوي هذا التمرين عضلات الظهر التي تضعف بسبب التعب بعد العلاجات: تمدّدي على بطنك وازفري تزامناً مع شدّ العجان وعضلات البطن، ثم ارفعي ذراعيك وساقيك قليلاً وحافظي على هذه الوضعية على مرّ ثلاثة تمارين تنفسية. إذا شعرتِ بألم، ضعي وسادة تحت عظم الترقوة لتجنّب الضغط على الصدر.