العرض الأميركي الذي رفضه بوتين
الوسط – المحرر الدولي
قالت صحيفة "النهار" اللبنانية اليوم الجمعة (21 أكتوبر / تشرين الأول 2016) ان مسئول دولي معني بالملف السوري أوضح في لقاء معه في باريس "أن الموقف الروسي المتشدد في محادثات لوزان مع الاميركيين ومسئولين عرب وإقليميين مرده أساساً إلى قرار الرئيس فلاديمير بوتين اعطاء الأولوية لمحاولة انقاذ نظام الرئيس بشار الأسد وليس للتعاون مع أميركا والدول الحليفة لها من أجل إنقاذ سوريا والعمل معاً من أجل تحقيق السلام والاستقرار فيها.
وضمن هذا النطاق رفض بوتين عرضاً مغرياً قدمته له إدارة الرئيس باراك أوباما يحقق مكاسب مهمة للروس واختار تطبيق استراتيجية تهدف الى استخدام القوة العسكرية المفرطة في حلب ومناطق سورية أخرى من أجل محاولة فرض شروطه ومطالبه على الجميع. وهذه استراتيجية مهددة بالفشل بقطع النظر عن نتائجها على الأرض". وقال المسؤول الدولي، استناداً الى معلوماته المستقاة من مصادر ديبلوماسية أميركية مطلعة، إن العرض الذي قدمته الإدارة الأميركية الى بوتين يتضمن العناصر الأساسية الآتية:
أولاً: ايجاد حل سياسي شامل للنزاع السوري متفق عليه بين أميركا وروسيا والدول المعنية بالقضية لينهي الحرب وليساعد الروس على وضع حد لتورطهم العسكري في ساحة القتال ويحقق لهم مكاسب مهمة ويحدد أسساً واضحة لتسوية الأزمة مقبولة لدى موسكو وسائر الأطراف من طريق التفاوض في إشراف الأمم المتحدة بين ممثلي النظام والمعارضة المعتدلة ويساعد على تحقيق الاستقرار والسلام في دولة حليفة لروسيا وليس في دولة حليفة لأميركا.
ثانياً، انجاز هذا الهدف الكبير يعزز موقع روسيا في الساحتين الإقليمية والدولية ويساعد على تطوير علاقاتها مع دول المنطقة ومع الغرب إذ إن موسكو تكون نجحت في تسوية نزاع إقليمي كبير بالتعاون مع المجموعة الدولية وأثبتت أنها قوة عالمية تعمل من أجل السلام والاستقرار عوض أن تواصل التورّط مع نظام ألحقت أعماله وممارساته الكوارث في كل المجالات في سوريا.
ثالثاً، تطبيق التفاهمات المتفق عليها مع واشنطن كان سيحقق هدفاً للقيادة الروسية طالما سعت إليه وهو قيام تعاون عسكري وأمني واستخباري وثيق بينها وبين الادارة الأميركية يتركز على خوض حرب مشتركة ضد التنظيمات والقوى الإرهابية في سوريا وربما في دول أخرى، الأمر الذي سيساعد حينذاك على تشكيل تحالف دولي كبير ضد الإرهاب بقيادة أميركية – روسية مشتركة.
رابعاً، تطبيق التفاهمات المتفق عليها بين موسكو وواشنطن يقلص النفقات الضخمة للحرب في سوريا والتي تتحمل روسيا قسماً مهماً منها، والأهم من ذلك أنه سيدفع أميركا والدول الحليفة لها الى المساهمة على نطاق واسع في تمويل عملية إعادة بناء البلد وإعماره في مرحلة ما بعد الحرب وتطبيق السلام. ويقدر الخبراء الدوليون تكلفة إعادة إعمار سوريا بنحو 500 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم لن تستطيع روسيا وإيران توفيره، بل ان هذه العملية تحتاج الى التعاون الوثيق بين موسكو وواشنطن وحلفائها من أجل إنجازها وتحتاج خصوصاً الى توقيع اتفاق سلام حقيقي شامل مقبول لدى كل الأطراف.
خامساً، العرض الأميركي يتضمن موافقة إدارة أوباما رسمياً على وجود قواعد وتسهيلات عسكرية لروسيا في سورية في مرحلة ما بعد الحرب، إذ إن واشنطن أبلغت موسكو أنها تؤيد احتفاظ الروس بمواقعهم العسكرية في سوريا وأنها واثقة من أن الحكم الجديد في دمشق سيحرص على مواصلة التعاون مع روسيا وخصوصاً إذا ما ساهمت في إنهاء الحرب وساعدت جدياً على قيام نظام جديد يحقق التطلعات والمصالح المشروعة لكل مكونات الشعب السوري.
وخلص المسئول الدولي الى القول: "لقد أضاع بوتين هذه الفرصة الثمينة التي تحقق له مكاسب مهمة سياسية وديبلوماسية واستراتيجية برفضه العرض الأميركي وقرر مواصلة التورّط مع الأسد وإيران في حرب ليست لها نهاية أو افق محدد. وهذه السياسة المتشددة وما رافقها من عمليات قصف يومي لمدينة حلب خصوصاً أثارت توتراً حقيقياً في العلاقات مع أميركا والدول الأوروبية وفجّرت موجة معادية للروس في الغرب تمنع رفع العقوبات الأميركية – الأوروبية القاسية المفروضة على روسيا وتهدد بنشوب حرب باردة جديدة ستكون لها انعكاسات سلبية على روسيا تضعف موقعها في الساحة الدولية.