رئيس أرامكو السابق يحاضر عن تحديات القيادة و"المهارات الناعمة"
الوسط - المحرر الاقتصادي
افتتح منتدى الثلثاء الثقافي بمدينة القطيف السعودية موسمه السابع عشر باستضافة الرئيس السابق لشركة أرامكو السعودية عبدالله صالح جمعة لإلقاء محاضرة تحت عنوان "تحديات القيادة في المؤسسات الكبرى"، وذلك مساء الثلثاء 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2016.
وافتتح اللقاء مدير الندوة ميرزا الخويلدي الذي وصف المحاضر بأن حياته طالبا ومهنيا واداريا وانسانا ومثقفا وقارئا نهما مصدر الهام واثراء معرفي لا يتوقف، وأن حياته كانت مفعمة بالطموح والتحدي والسباق مع الزمن لتحقيق النجاح، وأنه من مواليد مدينة الخبر شرق السعودية ودرس العلوم السياسية في الجامعة الامريكية في كل من القاهرة وبيروت ثم اكمل برنامج التطوير الإداري في جامعة هارفارد، وطوى في شركة أرامكو 41 سنة من العمل في مجالات مختلفة بينها 14 سنة رئيسا للشركة وكبير إدارييها التنفيذيين، وهو أحد الشخصيات العالمية المعروفة في مجال الطاقة والزيت والغاز، وعلى الصعيد الثقافي فعرف عن عبد الله جمعة أنه قارئ نهم وبمختلف اللغات ومتذوق وحافظ للشعر وقدم عملا ادبيا متقن الأداء يعيد انتاج ملحمة "جلجامش" بروحها الشعرية ذات المضامين الآسرة.
وألقى بعد هذه المقدمة صاحب منتدى الثلثاء الثقافي جعفر الشايب كلمة ترحيبية بالحضور وأشاد فيها بالضيف مشيراً الى مقترح لتحويل تجربته الطويلة في مجال القيادة الى مادة تدريبية للقيادات الشابة في وطننا من خلال إقامة أكاديمية متخصصة في هذا المجال تحمل اسمه. واستعرض فعاليات المنتدى طوال الستة عشر عاما الماضية حيث أقام 359 ندوة شارك فيها 544 ضيفا وعشرات المعارض الفنية وتكريم العديد من المؤسسات والشخصيات، ولفت إلى أن المنتدى حاز على تكريم وزارة الثقافة والاعلام عام 2010م وجائزة "شايو" لحقوق الانسان من بعثة الاتحاد الأوروبي بالمملكة عام 2015م، واقام المنتدى عدة شراكات مع مؤسسات ثقافية محلية وإقليمية. كما شكر الداعمين للمنتدى من رجال الأعمال والمسئولين في المحافظة على تعاونهم ودعمهم.
وبدأ عبدالله جمعة حديثه بنقل تجربة مرت بها شركة أرامكو السعودية إبان حرب الخليج الأولى التي فرضت على الشركة ظروفا غي متوقعة وبالتالي تعاملت معها بصورة استثنائية، ووصف حال الشركة وموظفيها وعوائلهم وقت الحرب حيث أصيبوا بالهلع والخوف في الوقت الذي كان على الشركة العمل على تعويض النقص في سوق البترول العالمي بزيادة الإنتاج.
وأوضح ان إدارة الشركة نجحت تقنيا في إدارة الأزمة بصورة باهرة وأنجزت ذلك بصورة باهرة، مشيدا بدور الأستاذ علي النعيمي حينها. وأوضح أن إدارة الشركة اكتشفت أن الموظفين كانوا قادرين على تشغيل كل المعامل بصورة جيدة، إلا أنهم اكتشفوا أيضا أن الإدارة لم تتمكن من التعامل مع حالة الخوف والهلع لدى موظفي الشركة بصورة فعالة، وهو درس مهم في ضرورة استخدام ما أطلق عليه "المهارات الناعمة" وهي التعامل مع البشر والوصول إليهم كي يستوعبوا اهتماما وظروف وأهداف الإدارة وهي من أصعب المهام في المؤسسات الكبرى.
وانتقل المحاضر للحديث بصورة مفصلة وشيقة حول بعض أساليب "المهارات الناعمة" مستشهدا بالعديد من الأمثلة الواقعية والمحلية، منها قدرة القيادة على صناعة فريق متوافق واعطائهم ثقة في قدراتهم وخاصة في البيئات المتعددة الثقافات والتفاعل بينها، وأهمية التواضع لدى القائد والاستماع لمنسوبي المؤسسة والفريق العامل معه لتشكيل رأي مشترك حيث أن مهرة الاستماع هي من أهم المهارات المطلوبة. كما أشار أيضا إلى أهمية إبداء الاهتمام بكل موظف باعتباره عنصرا مهما في منظومة العمل وإشعاره بدوره في إنجاح المؤسسة، وكذلك أهمية إعطاء الحرية للموظف كي يبدي رأيه فهناك ثراء في الآراء والأفكار عندما تتاح الفرصة للتعبير عنها مستشهداً بمشروع حملة الابتكار الذي أطلق في شركة أرامكو عام 2002م ونتج عنه حوالي 10 آلاف فكرة جديدة كل عام في مختلف المجالات والكثير منها تم تطبيقه او حصلت على براءات اختراع او تحولت الى مشاريع تجارية، وأعرب عن تطلعه حينها لأن يكون الشخص الذي يخرج المارد من القمقم.
وواصل عبد الله جمعة حديثه حول "المهارات الناعمة" ليضيف أسلوب الاستمرارية وعدم الاسترخاء، موضحا أن الاطمئنان يقود الى وقوع كوراث وهو ينطبق على كل شيء بما في ذلك مباريات كرة القدم حيث ينبغي ان تكون هناك يقظة وانتباه طول الوقت مهما كانت الظروف مؤاتيه. وأضاف أيضا إلى ضرورة التعلم من الأخطاء وتحويلها الى دروس في النجاح مستشهدا بالعديد من الأمثلة التي وقعت في شركة أرامكو كحالة الانشغال عن المشاريع القائمة بمشاريع جديدة، موضحا أن القرارات الجيدة هي نتيجة قرارات سيئة اتخذت سابقا. وأخيرا أوضح أن من أهم أساليب "المهارات الناعمة" استشراف وقراءة المستقبل فالقيادة ينبغي ان تدرك وتستوعب المتغيرات وأن تكون لديها القدرة على فهم الظروف المستقبلية واستيعابها مستشهداً بالتوجه مبكرا لدى الشركة للانفتاح والعمل في الصين وشرق اسيا منذ فترة طويلة.