بدء هدنة روسية في مدينة حلب السورية وسط اشتباكات
حلب - أ ف ب
دخلت الهدنة الانسانية التي اعلنت عنها روسيا من جانب واحد في مدينة حلب السورية حيز التنفيذ الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي، لكنها ترافقت مع اشتباكات عند معبر محدد بموجب هذه الهدنة لإجلاء مقاتلين ومدنيين من الاحياء الشرقية.
وعلى رغم مرور خمس ساعات على بدء الهدنة الهادفة بحسب روسيا لإجلاء مدنيين ومقاتلين راغبين بمغادرة الاحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، لم يسجل خروج أي أحد من المعابر المحددة.
في بروكسل، لوح الاتحاد الاوروبي بفرض عقوبات على موسكو من دون ان يسميها على خلفية تدخلها في سوريا. واتهم الغربيون أخيرا موسكو بارتكاب ما يمكن اعتباره "جرائم حرب" في الاحياء الشرقية لمدينة حلب، الجبهة الابرز في النزاع السوري ومحور المباحثات الدولية.
وحددت روسيا ثمانية ممرات لخروج الراغبين من حلب، اثنان منها للمقاتلين، هما طريق الكاستيلو شمال حلب وسوق الهال في وسط المدينة.
والمعبر الذي يشهد اشتباكات هو معبر سوق الهال الواقع بين حي بستان القصر من الجهة الشرقية (تحت سيطرة المعارضة) وحي المشارقة من الجهة الغربية (تحت سيطرة النظام).
وافاد مراسل فرانس برس في الجهة الشرقية من المعبر عن وقوع اشتباكات وقصف مدفعي متبادل.
وتحدثت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن "قذائف صاروخية أطلقتها التنظيمات الارهابية في محيط معبر بستان القصر"، فضلا عن استهدافه "بنيران الرشاشات والقناصة لترهيب المواطنين والمسلحين الراغبين بالمغادرة ومنعهم من ذلك".
وافاد التلفزيون الرسمي السوري عن وقوع اصابات جراء استهداف الفصائل المعارضة للمعبر.
وتحدث المرصد السوري لحقوق الانسان بدوره عن اصابة ثلاثة مدنيين بجروح. ودعا الجيش السوري عبر مكبرات الصوت عند المعبر، وفق مصور "فرانس برس" في الجهة الغربية منه، المدنيين والمقاتلين الى اغتنام الفرصة والخروج من الاحياء الشرقية.
وكان عضو المكتب السياسي في حركة "نور الدين زنكي" المعارضة ياسر اليوسف اكد لوكالة "فرانس برس" أن "المبادرة الروسية لا تعنينا بالمطلق". واضاف "من هم حتى يقرروا تهجير الشعب السوري الثائر ضد الديكتاتور الاسد"، قائلا "لن نتخلى عن حقنا في الدفاع عن اهلنا وعن انفسنا امام آلة القتل الروسية والنظام".
وتشارك حركة "نور الدين زنكي" في القتال إلى جانب فصائل أخرى ضد قوات النظام في حلب.
لن اخاطر بحياتي
واعلن الجيش السوري مساء الاربعاء ان الهدنة الانسانية في الاحياء الشرقية ستطبق على مدى ثلاثة ايام لثماني ساعات يوميا بدءا من صباح الخميس، بعدما كانت روسيا تحدثت عن سريانها ليوم واحد.
واظهر فيديو تبثه وزارة الدفاع الروسية على موقعها الإلكتروني بشكل مباشر بفضل كاميرات المراقبة حاجزا على طريق الكاستيلو تجمع فيه عدد من الجنود، من دون ان يظهر مدنيون او مقاتلون يحاولون العبور.
وافاد مراسل فرانس برس في الاحياء الشرقية المحاصرة ان سكانا يبدون رغبتهم بالمغادرة لأنهم تعبوا من الحصار والقصف، لكنهم في الوقت نفسه لا يثقون بالنظام.
واكد مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن ان "احدا لم يخرج حتى الآن من الاحياء الشرقية"، مضيفا "هناك اشخاص يأتون الى المعابر ثم يغادرون خوفا من استهدافهم".
ونقل مصور لفرانس برس مشاهدته لامرأة وابنتها ورجل مسن في معبر بستان القصر ارادوا الخروج من الاحياء الشرقية الا انهم سارعوا الى المغادرة نتيجة الاشتباكات.
ويعيش 250 الف شخص في شرق حلب في ظروف انسانية صعبة في ظل تعذر ادخال المواد الغذائية والادوية والمساعدات منذ ثلاثة اشهر.
وقال محمد شياح (37 عاما)، احد سكان حي الجلوم في شرق حلب، "بالرغم من انني بحاجة للخروج من هنا بسبب تردي الاوضاع المعيشية نتيجة الحصار وعدم توفر الطعام والشراب وفرص العمل، إلا انني لن اخاطر بنفسي وعائلتي واكون اول من يخرج من هذه المعابر".
واضاف "سأراقب وانتظر واذا كانت المعابر امنة ولم يحدث فيها حالات قنص سأخرج".
واكدت موسكو الاربعاء أن المقاتلات الروسية والسورية "ستبقى على مسافة 10 كيلومترا من حلب" خلال الهدنة، كما اعلنت دمشق ان الجيش السوري انسحب "الى مسافات تسمح للمسلحين بمغادرة الاحياء الشرقية".
وتشهد الاحياء الشرقية في حلب منذ 22 سبتمبر/ ايلول هجوما لقوات النظام تزامن مع غارات روسية كثيفة واخرى سورية اوقعت مئات القتلى وألحقت دمارا كبيرا لم تسلم منه المستشفيات.
عقوبات أوروبية
وتوقف القصف الجوي على الاحياء الشرقية منذ صباح الثلاثاء. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ختام قمة روسية-فرنسية-المانية في برلين مساء الاربعاء ان بلاده مستعدة "لتمديد وقف ضرباتها الجوية" على حلب "قدر الامكان".
ووصف الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بدوره ما يجري في حلب في ختام لقائه بوتين والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل بـ "جريمة حرب". واضاف "اول الموجبات هو وقف القصف من قبل النظام وداعميه"، موضحا "لدينا انطباع بانه يمكن تمديد الهدنة، ولكن يعود للنظام السوري ولروسيا ان يبرهنا عن ذلك".
ويبحث قادة دول الاتحاد الاوروبي الـ28 خلال قمة مرتقبة الخميس في بروكسل دور روسيا في النزاع السوري.
وسيبحث المجتمعون، بحسب مسودة اتفاق حصلت عليها وكالة "فرانس برس"، "كل الخيارات بما يشمل عقوبات اضافية" تستهدف "الجهات الداعمة لنظام" الرئيس السوري بشار الاسد.