قصة قصيرة... أرجو ألا تراني
قصة قصيرة - عبدالرحيم شراك (المغرب)
لا أصدق أنها هي! تلك الفتاة السيئة متواجدة هنا أيضاً وفي هذا اليوم بالذات! هذا ما كان ينقصني، بعد أن تفاجأت بعدم إحضاري لهاتفي ومحفظة نقودي. لا أريد أن أتشاءم أكثر لكنّني أحسّ أنّ هذا اليوم لن يمرّ بسلام بوجود أسوء فتاة في العالم هنا. كنت سعيدة بوجودي في معرض الكتاب، لكن رؤيتها خربت كل شيء. كأنها تتبعني أينما ذهبت!
لكنني وعلى رغم كل هذه الظروف السيئة سأحاول أن أهدأ و استمتع، وخصوصاً مع وجود كل هذه الكتب المتميزة التي كنت أنتظرها بفارغ الصبر. فأنا أحب المطالعة حباً جمّاً! أمّا بالنسبة لتلك الفتاة السيئة فسأبتعد عنها قدر الإمكان لأنني لا أرغب بلقياها أبداً، و أرجو ألا تراني.
أشعر بسعادة غامرة لأنني في أروع مكان في هذه المدينة! ولكن، على قدر هذا الشعور هناك إحساس قوي بتأنيب الضمير ينتابني، حيث إنني لم أرد على آخر رسالة بعثتها لي تلك الفتاة بهاتفها منذ شهر. أنا لا أفهم لماذا تصر على صداقتي؟ على رغم أنني لا أطيق البقاء معها أكثر من خمس دقائق، فهي سيئة جداً وثقيلة دم!
هناك أعداد كبيرة من الناس ينتظرون دورهم لشراء رواية الكاتب (ع. ش) الجديدة فقد أصبحت حديث الشارع. لا ألومهم على ذلك أبداً! فقد كنت متشوقة جداً لقراءتها، وحتى الفتاة السيئة تحبّها بشدة فها هي تشتري نسخة منها. كنت أرغب في اقتنائها لكنني لا أستطيع بسبب نسيان النقود. المهم الآن أن أتجنب تلك الفتاة بكل الطرق الممكنة، فيجب أن أحرص كل الحرص على ألّا تنتبه لوجودي. لن أنسى أبداً كيف التقتني مصادفة قبل شهرين عندما كنت أتنزه في الحديقة، لقد تكلّمت معي أزيد من نصف ساعة وسألتني عن طموحاتي في المستقبل وعن المواد التي ندرسها... لم أستطع الاحتمال أكثر حينها! وعلى رغم ذلك سأكون منصفة وأعترف. فأكثر ما أعجبني فيها هو حرصها على الاعتناء بإخوتها الصغار والأعمال المنزلية كلها حين كانت والدتها مريضة، أدهشني ذلك بشكل كبير!
يا للمصادفة الغريبة! لم أنتبه في البداية أنّ المعرض أقيم قرب منزل الأستاذة حنان! لقد تذكّرت حين طلبت منّي الفتاة السيئة أن نزورها لمّا مرت بوعكة صحية فرفضت، كانت الوحيدة التي زارتها من الطالبات فجميعهن يكرهن تلك الأستاذة بسبب تعاملها السيئ معنا. أنا لا أفهم شخصية هذه الفتاة ولا أظن أن هناك أحداً يستطيع فهمها، إنها غريبة جداً وسيئة أيضاً!
غرقت في عالم الأحلام و مرّت عليّ العديد من ذكرياتي في مدرستي القديمة، إلى أن فاجئني صوت مألوف: لمياء! هل قدمت للمعرض أيضا؟ ولم أكد أجيب حتى عانقتني الفتاة السيئة بشدة وسألتني عن أحوالي وأحوال عائلتي، ثم أعطتني الرواية التي اشترتها قائلة: تفضلي يا عزيزتي هذه الرواية، إنها هدية لك! كنت أريد إهداءك شيئاً ما منذ مدة، فأرجو أن تقبليها منّي!