"شيوخ السلفية" يتجرعون الهزيمة ويفشلون في ولوج البرلمان المغربي
الوسط - المحرر السياسي
بصم شيوخ السلفية الذين ترشحوا لانتخابات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول على فشل ذريع، ولم يتمكن أي منهم من الظفر بمقعد في الدائرة التي ترشح فيها، على الرغم من الضجة التي رافقت تقديم ترشيحاتهم في الأوساط الإعلامية والسياسية، خاصة وأنها المرة الأولى التي يدخلون فيها معترك الانتخابات.
وفي الوقت الذي رفضت فيه وزارة الداخلية طلب ترشيح الشيخ السلفي حماد القباج باسم حزب العدالة والتنمية في دائرة جليز بمراكش، لم يتمكن عبد الوهاب رفيقي، المعروف بأبي حفص، من الفوز بمقعد في دائرة فاس الشمالية التي احتل فيها حزب الاستقلال المركز الثاني، بنسبة أصوات ناهزت 14.97 في المائة، ما مكن وكيل لائحة "الميزان" من نيل مقعد بعد أن استطاع حزب العدالة والتنمية الظفر بمقعدين في الدائرة ذاتها.
وفي السياق ذاته، تجرع الهزيمة الشيخ السلفي هشام التمسماني، مرشح حزب الاستقلال، واحتلت لائحته المركز الخامس في دائرة طنجة أصيلة، ولم ينل سوى 1740 صوتا، مقابل اكتساح حزب العدالة والتنمية لهذه الدائرة وتمكنه من حصد أكثر من 60 ألف صوت.
واعتبر محمد مصباح، الباحث بكل من معهد "شاتهام هاوس" (Chatham House) والمعهد الملكي للشؤون الدولية ببريطانيا، أن السلفيين المشاركين في الانتخابات كانت لهم فرصة محدودة للحصول على مقاعد، مرجعا ذلك إلى عدد من العوامل.
أول هذه العوامل، بحسب مصباح، يعود إلى عدم وجود حزب يمثل السلفيين، ما جعل مشاركتهم مشتتة بين أحزاب متعددة، وما عدا أبو حفص الذي ترشح ثانيا في لائحة حزب الاستقلال، لم يكن هناك حضور قوي لرموز سلفية. والعامل الثاني يتمثل في أن السلفيين لم يصوتوا لمرشح معين، "ولكن وقع تشتت لأصوات السلفيين، وهذا كان بارزا بعد الجدل الذي حصل إثر تأييد المغراوي لحزب الأصالة والمعاصرة وتأييد تيار القباج لحزب العدالة والتنمية"، بتعبيره.
وأوضح مصباح، في تصريح لـ "هسبريس"، أن مشاركة السلفيين كانت رمزية ومحدودة في الأصل، ومن ثمة لم يترشح العديد من الوجوه السلفية المعروفة، "وفي نظري كان هدف السلفيين المشاركين هو البعد الرمزي للمشاركة وليس الفوز في الانتخابات؛ أي تأكيد أنهم قد قطعوا مع خيار رفض الانتخابات والديمقراطية الذي كانوا يتبنونه لفترة طويلة"، على حد تعبيره.
الباحث في الحركات الإسلامية تابع التأكيد على أن هناك تنافسا خفيا على الزعامة بين السلفيين، وهذا ما أدى إلى تشتت أصواتهم، مردفا: "أظن أن هذا التنافس سيبقى مستمرا على الأقل في الأفق المنظور، بالنظر إلى طبيعة تكوين هذا التيار في المغرب خلال العقدين الأخيرين".
ويطرح تشتت الأصوات السلفية بين الأحزاب مسألة تشكيل حزب للسلفيين بالمغرب، فيما يرى مصباح أنه حتى لو تجمعوا في حزب واحد فإنهم لن يحصلوا على نتائج كبيرة مقارنة مع السلفيين في دول أخرى، مثل حزب النور في مصر، مرجعا ذلك إلى خطابهم من الديمقراطية والانتخابات الذي لا زال في مراحل أولية ويحتاج إلى مراجعات فكرية وتوحيد الاجتهاد بين مكونات تياراتهم المختلفة، كما أنهم لا يمتلكون موارد كافية للتعبئة الاجتماعية مثل تلك التي يتوفر عليها السلفيون في مصر، "فالسلفيون في المغرب لا يمتلكون قنوات فضائية، كما أنهم محرومون من المنبر في المساجد، بالإضافة إلى أن الشبكات الخيرية التي يديرونها محدودة نسبيا"، يقول الباحث محمد مصباح.