«أونكتاد»: انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم إلى 1.6 تريليون دولار العام الحالي
الوسط – المحرر الاقتصادي
توقعت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم من 10 إلى 15 في المائة في 2016، ليصل إلى ما بين 1.5 و1.6 تريليون دولار، قبل أن ينتعش في 2017 و2018 ، وفق ما نقلت صحيفة "الاقتصادية" السعودية اليوم السبت (8 أكتوبر / تشرين الأول 2016).
وعموماً، فإن توقعات "أونكتاد" بشأن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في الأجل القصير هي "أقل ما يقال في التشاؤم"، إذ سينخفض الاستثمار في البلدان النامية والبلدان المتقدمة، على حد سواء، وهو انعكاس لهشاشة الاقتصاد العالمي، واستمرار ضعف الطلب الكلي، وركود النمو في بعض البلدان المصدرة للسلع الأساسية، وركود أرباح الشركات المتعددة الجنسيات إلى أدنى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.
وقال الأمين العام للمنظمة في جنيف موخيسا كيتويي أمس:"نتوقع أن يبدأ الاستثمار الأجنبي المباشر بالارتفاع في عام 2017، قبل أن يصل إلى مبلغ 1.8 تريليون دولار في 2018، ولكن سيظل أقل من الذروة التي بلغها قبل الأزمة المالية العالمية".
واعتبر كيتويي هذا الانخفاض مثيرا إلى القلق، لأن الاقتصاد العالمي بحاجة ماسة إلى الاستثمار من أجل النهوض مرة أخرى، مشيراً إلى أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر أضحت متقلبة في السنوات الأخيرة، وأن حالة عدم اليقين سيكون لها أثر سلبي على التجارة وسلاسل القيمة العالمية، ما يجعل الطريق للانتعاش العالمي "وعره".
ووفقاً لتقديرات "أونكتاد"، فإن آفاق الاستثمار الأجنبي المباشر ستظل كئيبة في معظم المناطق، برغم وجود بعض النقاط المضيئة، مشيرة إلى أنه من المحتمل أن تعود تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى إفريقيا إلى مسار النمو نتيجة لتدابير تحرير التجارة والخصخصة المخططة.
وتوقعت "أونكتاد"، تراجع التدفقات إلى البلدان النامية في آسيا في 2016 بنحو 15 في المائة، لتعود إلى مستويات 2014، كما أن أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي قد تسجل المزيد من التباطؤ في تدفقات الاستثمارات.
وبعد الانخفاض الكبير المسجل في عام 2015، يتوقع أن تسجل تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البلدان ذات الاقتصادات الانتقالية (الدول المستقلة عن الاتحاد السوفياتي السابق) زيادة متواضعة في العام الجاري، كما أن استعادة الاستثمار الأجنبي المباشر في اقتصادات البلدان المتقدمة نشاطه المسجل في 2015 من المحتمل أن يستمر في 2016.
يشار إلى أن هناك اتجاهات متباينة في آفاق الاستثمار الأجنبي المباشر لبعض المناطق الجغرافية، فحسب توقعات "أونكتاد"، فإن تدفقات الاستثمار إلى أعضاء مجموعة الـ "20" يمكن أن تنخفض بنسبة 5 إلى 10 في المائة في 2016، لتهبط إلى 830 - 880 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تنخفض تدفقات الاستثمار إلى مجموعة دول التعاون الاقتصادي آسيا ـ المحيط الهادئ "آبك" بنسب تتراوح بين 15 إلى 20 في المائة لتصل إلى ما بين 760 - 810 مليار دولار، قبل أن تعود إلى مستوياتها الطبيعية بعد توسع غير عادي في عدد من الاقتصادات في 2015.
أما دول مجموعة "بريكس" فإن تدفقات استثماراتها يمكن أن تعود إلى النمو، لتزداد بمعدل 10 في المائة سنويا لتستقر عند مبلغ يراوح بين 270 - 290 مليار دولار.
وعموماً، فإن مجموعة العشرين تولد أكثر من ثلاثة أرباع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وقد استطاعت جذب نصف تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2015، كما أن نحو 58 في المائة من الرصيد العالمي للاستثمار الأجنبي المباشر يتم استثماره في مجموعة العشرين (14.4 تريليون دولار)، وقد زادت تدفقات الاستثمار المباشر إلى المجموعة بنسبة 42 في المائة في 2015، مع زيادة الاستثمار الأجنبي في معظم الدول الأعضاء.
وبحسب "أونكتاد"، فإن عام 2016 بدأ بداية مضطربة في السلع الأساسية العالمية، والأسواق المالية، إضافة إلى الانخفاض المستمر في أسعار النفط، وهي عناصر زادت من المخاطر الاقتصادية في أجزاء كثيرة من العالم، كما تباطأ زخم النمو إلى حد كبير في بعض الاقتصادات المتقدمة الكبيرة في نهاية 2015.
وفي الاقتصادات النامية، أدى تباطؤ الطلب الكلي، وانخفاض أسعار السلع الأساسية، واختلالات الحساب الجاري، نحو المزيد من تباطؤ النمو في عديد من الاقتصادات المصدرة للسلع الأساسية، وتحذر، أونكتاد، من أنه يمكن كذلك أن تؤدي المخاطر الجيوسياسية المرتفعة، والتوترات الإقليمية إلى المزيد من الهبوط المتوقع.
وكان للمناخ الاقتصادي العالمي القائم وتدني أسعار السلع الأساسية تأثير مباشر على أرباح الشركات متعددة الجنسيات، ولا سيما في الصناعات الاستخراجية، فبعد عامين من محدودية النمو، انخفضت أرباح أكبر 5000 شركة متعددة الجنسيات في عام 2015 إلى أدنى مستوى لها منذ الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية في 2008، أو من نحو 1.60 ترليون دولار في 2007 و1.65 ترليون دولار في 2010 إلى نحو 900 مليار دولار في 2015.
ويكشف مسح "أونكتاد"، للشركات متعددة الجنسيات هذه السنة عموما عن آفاق غير واضحة حول خططها للاستثمار خلال السنوات الثلاث المقبلة، فأقل من نصف هذه الشركات متعددة الجنسيات تتوقع زيادة في الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 2018، وعلاوة على ذلك، فقد توقع 40 في المائة فقط من المديرين التنفيذيين في أعلى المؤسسات المتعددة الجنسيات زيادة في العام المقبل.
وبقيت الدول الثلاث الأكثر استضافة للشركات متعددة الجنسيات - الصين، والهند، والولايات المتحدة - على وضعها لم تتغير في المسح الاستقصائي لـ "أونكتاد" لهذا العام مقارنة بالسنوات الأخيرة، على الرغم من أن النظام قد تغير منذ العام الماضي.
ومع ذلك، كان هناك في أسفل الترتيب بعض التغيير، إذ لم تعد هونج كونج وسنغافورة في صفوف أعلى 14 دولة، بينما دخلت الفلبين وميانمار القائمة، وثمانية من أعلى البلدان المضيفة تعد من الاقتصادات النامية في آسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، ما يعكس صحة التوقعات طويلة الأجل لهاتين المنطقتين.
ومن المثير للاهتمام، ألا تتضمن القائمة بعض الدول الرئيسة التي اشتهرت بتلقيها الاستثمارات في عام 2015 والسنوات الأخيرة، وأبرزها بلجيكا، وهولندا، وكندا، وأيرلندا، ولكسمبرج، إضافة إلى هونج كونج وسنغافورة. ويحدد مسح "أونكتاد"، هذا العام أكثر الصناعات الواعدة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى بلدانها، إذ توجد اختلافات بين المناطق، لكن الصناعات الاستخراجية لم تظهر بين الاستثمارات الواعدة في أي منطقة. وعلى النقيض من ذلك، ظهرت تقنية المعلومات والاتصالات كواحدة من أعلى الصناعات الواعدة في ثلاث مناطق هى: البلدان المتقدمة، والنامية في آسيا وأمريكا اللاتينية، ومنطقة البحر الكاريبي.
وتعكس الصناعات الأكثر وعدا في كل منطقة المستوى الإقليمي للتنمية والثروات الاقتصادية والتخصص، وإضافة إلى قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، جاءت الخدمات المهنية، وأجهزة الحاسوب، والإلكترونيات بين القطاعات الواعدة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، في حين في الدول النامية والبلدان ذات الاقتصادات الانتقالية، تظهر قطاعات الزراعة والأغذية والمشروبات، الأكثر جذبا للاستثمار.