(رسالة مواطن)... إدارة المؤسسة الدينية عمل تطوعي لوجه الله أم محل للتباهي ونشب الخلافات وفرض الرأي؟
ونحن نقترب من شهر محرم الحرام دعونا نتكاشف فيما بيننا ونتحاور بصدق دون تجريح، فاليوم ما يخاف على مؤسساتنا الدينية هو تدحرج كرة الثلج الأسود؛ وأقصد بها السلبيات والإخقاقات التي تصاحب العمل التطوعي الخدمي في هذه المؤسسات، حينما تدب "الخلافات" في أوساطها، لتنخر في هياكلها وأعمدتها الإدارية لتصل إلى البنية التحتية، كما يعبر عنه "بالساس"؛ أي في القلب، أي في قلوب العاملين الإداريين أو القائمين، لتحدِث فيه حفراً ومتعرجات ومطبات، فيضعف القلب والفؤاد، فلا تتلاقى الآراء ولا تتصافى، وتتحول إلى اتجاهات معاكسة كل يفضل رأيه على الآخرين، بل وقد تخبث فيها النيات، وتتشابك الألسن، وتصطدم يوماً ما بعضها ببعض، تهيئة لانهيار ذاك الصرح الجميل، أي المؤسسة الدينية التي كانت ظلاً موروثاً ومرفقاً خدمياً وبيتاً لكل المؤمنين. وإذا لم تنهر وكثرت فيها الخلافات فذاك أصعب، حيث تتضخم إلى درجة يصل بهذه المؤسسة يوماً إلى الفوضى؛ أي كل يصبح رئيساً يصدر أوامره ونواهيه... لكن السؤال متى تبدأ الخلافات ومماذا؟
لكن قبل أن ألج في الحديث عن الأسباب، أفضل التحدث أولاً عن بعض القائمين او المتطوعين، فبعضهم عادةً ما يكونون هم السبب من حيث لا يشعرون، حينما يكونون "أميين" في العمل الإداري، أو لا يستوعبون العمل التطوعي أو الديني، ولا متطلبات كل الظروف السياسية والاقتصادية، ولكنهم مخلصون في عملهم، أو ربما قد يكونون متعلمين ومثقفين، ولكنهم متشددون في آرائهم وخصوصاً عندما يجدون لهم مؤيدين، لتبدأ هذه الفئة المعنية بدحرجة كرة الثلج الأسود بين الأعضاء، مسببين فتناً. وأما الأسباب فهي كثيرة ومتنوعة، فمنها التصلب في الآراء والمقترحات، وبدلاً من التقيد بشعار أن المؤسسة تجمع أصبحت تفرق.
أعزائي القراء، رسالتي أوجهها لكل محب ومنتسب لمؤسسته الدينية؛ أن يعمل بروح الفريق الواحد وليس بالتفرد. التصرفات السيئة في المؤسسة الدينية تؤدي إلى الكثير من المتاعب والمشاكل وتنتهى بالسقوط الاجتماعي، وهو ما يجرنا إلى بقاء وتفشي الثلج الأسود في بعض مؤسساتنا الدينية التي تعيش الشعارات دون الأهداف، وتعيش الذكرى دون الرسالة... فرسالة الإمام الحسين واضحة؛ "إنني لم أخرج أشراً ولا بطراً"؛ أي الإصلاح وليس الخراب.
مؤسساتنا الدينية تغص بالكفاءات، إلا أن صوتها إما مغيب، أو إنها يئست من تموضع القرارات أو حصرها في يد شخص واحد وجمودها عنده! فلا مكان للفريق الواحد كي تتلاقى وتتصافى القلوب للعمل معاً من أجل الجميع وبعيداً عن السلبيات.
مهدي خليل