انابيب الغاز الاوكرانية بين صراع النفوذ والطموحات الاوروبية
كييف – أ ف ب
تؤمن انابيب الغاز في اوكرانيا التي تنقل نصف الغاز الروسي المستهلك في اوروبا، ملايين اليورو لخزينتها، لكنها تسببت لكييف اخيرا بمواجهة مع الجهات المانحة.
فبعد سنتين ونصف على الانتفاضة التي ادت الى زوال الحكم الموالي لروسيا، كشفت الفضيحة الصعوبات التي تواجهها السلطات الموالية للغرب، في المواءمة بين طموحات الانضمام الاوروبي والصراعات الجارية في قمة الدولة، للسيطرة على هذا المورد الاساسي.
وقد تسبب في هذه العاصفة التي يمكن ان تعرض للخطر قسما من المساعدات الغربية، فيما استعاد الاقتصاد الاوكراني اخيرا ازدهاره، بعد ازمة استمرت سنتين، قرار يبدو بيروقراطيا في الظاهر.
ففي بداية ايلول/سبتمبر، قررت وزارة الاقتصاد نقل الاشراف على شركة "اوكرترانسغاز" المشغلة ل 38 الف كيلومتر من انابيب الغاز التي تعبر الاراضي الاوكرانية. وباتت هذه الشركة التي تدر اموالا طائلة وتشكل في الوقت الراهن فرعا من شركة نفطوغاز الرسمية، تتبع مباشرة للوزارة.
واوضحت السلطات انها ارادت تجنب نزاع بين مسؤولي الشركتين الاستراتيجيتين بامتياز، لأن "اوكرترانسغاز" تحمل موسكو على دفع نفقات النقل التي بلغت مليار دولار في 2015.
لذا، وبموجب الاتفاقات المعقودة مع الاتحاد الاوروبي، يتعين على اوكرانيا في نهاية المطاف فصل نفطوغاز عن "اوكرترانسغاز"، حتى لا يتسلمهما المالك نفسه، اي الدولة. ويتعين احترام قواعد المنافسة الاوروبية في قطاع الطاقة التي تفرض الفصل بين انتاج الغاز ونقله وتوزيعه.
وبدلا من ان تعرب عن تقديرها لعملية الفصل الواضحة هذه، لم ترحب الجهات المانحة الغربية لكييف بهذا القرار. وقالت هذه الجهات ان هذا القرار الذي لم يكن متوقعا لا يعطي "اوكرترانسغاز" الاستقلال المطلوب، بل يضعها تحت الاشراف المباشر للحكومة، كما يحصل على صعيد نفطوغاز، شركتها الام.
لذلك حذرت امانة سر مجموعة الطاقة التي تضم الاتحاد الاوروبي والدول المجاورة، كييف من عواقب يمكن ان تنجم عن هذا القرار، "وتعرض للخطر دور اوكرانيا بصفتها بلد عبور".
واعربت نفطوغاز عن قلقها من ان يؤدي هذا القرار الى تهديد ارصدة تبلغ ملايين الدولارات التي وعد بها البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية والبنك الدولي، قطاع الغاز الاوكراني، الذي يواجه صعوبات من جراء نقص الوسائل المستمر منذ سنوات والازمات المتكررة مع روسيا.
-تشويه السمعة-
وقد دفعت الضغوط رئيس الوزراء فولوديمير غرويسمن الى عقد اجتماع في منتصف ايلول/سبتمبر مع ابرز المعنيين والسفير الاميركي في كييف ومندوبين عن البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية والبنك الدولي. واسفر الاجتماع عن تغيير جديد تمثل في إبطال القرار.
وقالت الحكومة في بيان ان "رئيس الوزراء اكد خلال الاجتماع للمشاركين التزامه بمعايير قطاع الطاقة". واضافت "تقرر بالنتيجة الغاء هذا القرار".
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال المتحدث باسم البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية انطون اوسوف، "فهم الاوكرانيون الوضع. حصل تفاهم كبير حيال ما يتعين القيام به".
واوضح المحلل فالنتين زمليانسكي ان ما يحصل هو في المقام الاول صراع "مصالح بين اطراف السلطة للسيطرة على هذه التدفقات المالية".واضاف هذا الخبير في اكاديمية العلوم ان "اوكرانيا وجهت ضربة قاسية لسمعتها جراء هذه الفضيحة".
وتعرف اوكرانيا بفسادها المزمن. وعلق صندوق النقد الدولي طوال اكثر من سنة مساعدته الحيوية للاقتصاد المأزوم في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة لأسباب منها الثغرات في التصدي لهذه الآفة.
إلا ان الصندوق ذكر في 15 ايلول/سبتمبر، انه سيستأنف مساعدته، ووافق على دفع مليار دولار لاوكرانيا ورفع اجمالي المبالغ المدفوعة الى اكثر من 7،6 مليارات دولارات.