قصة قصيرة... أمنية امرأة
قصة قصيرة - بدر عبدالله الموت
على شاطئ بحر قريته الصغيرة ركن سيارته الفارهة وأخذ يتصفح ذكرياته القديمة، هنا قبل عشر سنوات ذرف الدموع عندما كان شاباً يافعاً لم تكسره الظروف بل كسرته امرأة بسبب رفض أهلها الارتباط به لمستواه المادي والاجتماعي، قالت له ذات يوم وعينها تنهمر بالبكاء: "ليس لدي أمنية غير أن أكون بجانبك وأمي تقف معارضة وبشدة لأمنيتي... اذهب في طريقك وإني واثقة بأن الله اختار لك الأفضل... ستبقى بقلبي وستجد دائماً دعائي يلازمك".
آخر مكالمة كانت هنا... كانت مغمورة بالعواطف وملهمة ومبكية في الوقت نفسه، كل شي يحدث لسبب وربما هناك شيء ينتظرك، في ذلك اليوم مسح دموعه وخط طريقه ليصبح الآن صاحب سلسلة من الأعمال الحرة، أخذ يخاطب نفسه: أنا لست شبيه رجل بل أنا رجل، لماذا كان المال عائقاً لأمانيناً... لماذا... لماذا نظرة الأهل غير مكتملة، لماذا ننظر فقط إلى جانب ونهمل الجانب الآخر، لم تكوني لي ولم أكن لك، الأمنية التي تتردد بصوتك كانت دائماً معي... تلازمني.. تحفزني وفي الوقت نفسه تقذفني بالتفكير بك. الآن بعد كل السنوات وكل منا اختار طريقاً وربما تم الاختيار له، الأماني كلها تحققت ما عدا أمنية وهي أن نكون لبعضنا، للدموع معانٍ ودموعه تحولت وترجمت لعمل نحو النجاح. في إحدى المحاضرات التي ألقاها عن النجاح كان مؤثراً جداً ونظر الجميع منبهراً إلى تحولات وجهه ونبرة صوته: "لا تدع الفقر ولا الحرمان ولا فراق الأحبة يؤثر فيك سلباً، دع كل الظروف تؤثر فيك إيجاباً، نحن نسير ضد التيار ولذلك ننجح ولذلك نتقدم ولذلك تنمو روح التحدي فينا عندما ننتصر لأننا اخترنا المسار الصعب، أنا هنا يا إخواني صنعتني أمنية امرأة لم تتحقق".