بأطراف مبتورة وكسور متفرقة... معاناة مصابي «حادث العرين» مستمرة
الرفاع الغربي - عبدالله حسن
رغم مرور 20 يوماً منذ وقوع الحادث المروري المؤلم بالقرب من محمية العرين، فإن معاناة المصابين مازالت مستمرة. فالحادث خلّف وراءه جثة، وخمسة شبّان بأجساد مكسرة وأطراف مقطعة، مازالوا يمكثون في المستشفى بلا أمل واضح بالعودة للحياة الطبيعية. وبلغ مجموع العمليات لهؤلاء الشباب أكثر من 40 عملية، بانتظار المزيد بحسب ما يرويه آباؤهم.
جميع عوائل المصابين هم من أصحاب الدخل المحدود لذلك لا يستطيعون تحمل تكاليف علاج أبنائهم في الخارج، وبات هذا الأمر مؤلماً بالنسبة إليهم لأنهم كل يوم يرون فلذات أكبادهم وهم يعانون من الآلام الجسدية والنفسية، وبالأخص فيما يتعلق بالأطراف المبتورة، كل ذلك يحدث أمام أعينهم وهم عاجزون عن فعل شيء سوى الدعاء، ومناشدة الدولة وأصحاب الأيادي البيضاء في الإذاعة والصحافة لمساعدتهم، لكن أصواتهم لم تصل؛ ما تسبب في مضاعفة معاناتهم النفسية.
المصابون مازالوا في المستشفى باستثناء محمد عبدالرحمن العمري، فلقد تم ترخيصه إلا أنه طالب - في حديث مع «الوسط» - بإعادته إلى المستشفى مراعاةً لوضعه الصحي.
معاناة مصابي «حادث العرين»: أطراف مبتورة وكسور متــــــــــــــفرقة... وأهلهم يناشدون بتسريع علاجهم بالخارج
الرفاع - عبدالله حسن
على رغم مرور 20 يوماً منذ وقوع الحادث المروري المؤلم بالقرب من محمية العرين، فإن معاناة المصابين لاتزال مستمرة. فالحادث خلّف وراءه جثة وخمسة شباب بأجساد مكسرة وأطراف مقطعة، لايزالون يمكثون في المستشفى بلا أمل واضح بالعودة إلى الحياة الطبيعية. وبلغ مجموع العمليات لهؤلاء الشباب أكثر من 40 عملية، بانتظار المزيد بحسب ما يروي آباؤهم.
جميع عوائل المصابين هم من أصحاب الدخل المحدود؛ لذلك لا يستطيعون تحمل تكاليف علاج أبنائهم في الخارج، وبات هذا الأمر مؤلماً بالنسبة إليهم؛ لأنهم كل يوم يرون فلذات أكبادهم وهم يعانون من الآلام الجسدية والنفسية، وخصوصاً فيما يتعلق بالأطراف المبتورة، كل ذلك يحدث أمام أعينهم وهم عاجزون عن فعل شيء سوى الدعاء، ومناشدة الدولة وأصحاب الأيادي البيضاء في الإذاعة والصحافة مساعدتهم. لكن أصواتهم لم تصل إلى الجهات المختصة سواء الرسمية أو تلك ذات الأيادي البيضاء، ما تسبب في مضاعفة معاناتهم النفسية.
تفاصيل أخرى
المصابون في "حادث العرين"
تفاصيل الحادث يرويها لـ «الوسط» شهود عيان: سائق مستهتر حوّل تجمعاً للشباب لساحة دماء وأشلاء
المحامية الغزالي: تطوعت لقضية المصابين في حادث العرين لأهداف إنسانية
المصابون لايزالون في المستشفى باستثناء محمد عبدالرحمن العمري، فلقد تم ترخيصه إلا أنه طالب، في حديث مع «الوسط»، باعادته، مبيناً «حاولت العودة إلى المستشفى، لكن الطبيب هناك رفض بحجة الخوف علي من اصابتي بالالتهابات؛ نظرا إلى وجود المرضى هناك. أنا لم أطلب العودة لو لم أكن فعلا بحاجة لها. فأنا أتألم كل يوم، وأعاني في الحركة ودخول دورة المياه، وكذلك أمي تعاني معي وهي تحاول مساعدتي وتراني أتألم. فساقي اليسرى مبتورة، واليمنى مكسورة، ولا أزال أعاني من خلع في الكتف الأيسر. باختصار؛ فقط يدي اليمنى أستطيع استخدامها».
ويعلق على فقدانه ساقه بالقول: «أتذكر جيدا كيف كنت أزحف بعد وقوع الحادث، وكنت أتوسل موظف الإسعاف اعطائي منوما يريحني من الألم. بعدها أتذكر الطبيب وهو يقول لي إن ساقي ستبتر، ملأت المكان صريخاً؛ لأنني لم أستوعب ما يحدث. بعد افاقتي من العملية انتبهت إلى أن ساقي اليسرى غير موجودة. حدثت نفسي قائلا، أتمنى أن ما يحدث مجرد حلم؛ واني سأستفيق لاحقا فأجدها».
العمري استفاق من حلمه فلم يجد ساقه، لذلك وأثناء مكوثه في المنزل أصبح يدخل على مواقع الانترنت ليشاهد حالات مشابهة لحالته. ورأى أن هناك الكثير من المصابين تم علاجهم وتركيب أطراف صناعية لهم. إذن العلاج موجود، لكن العائق هو تكلفة هذا العلاج. ونظرا إلى أنه لم يبادر أحد بالحديث عن امكانية مساعدته وأصدقائه في العلاج، أقدم على عرض سيارته ودراجته النارية للبيع كما يقول، ويضيف «سأبيع أي شيء أملكه مقابل صحتي. فأنا حديث الزواج وبُشرت بحمل زوجتي بعد إفاقتي من تخدير العمليات. لا أريد أن يأتي ابني فيرى أباه عاجزاً عن الحركة وعن حمله».
ولا تختلف معاناة العمري عن معاناة صديقه محمد عبدالعزيز، فإذا كان الأول فقد ساقاً واحدة، فإن الثاني فقد ساقيه. وهو الآن يحاول التكيف نفسيا وجسديا مع وضعه الجديد، ويحاول أن يكون دائم الابتسامة؛ على رغم الجرح داخله. ولم يتوقع عبدالعزيز أن يفقد ساقيه كما يقول، موضحاً «أتذكر جيداً انني كنت مستلقياً على ظهري بعد الحادث، صديقي أحمد بالقرب مني لكنه لا يتحرك والسيارة فوق جسده، فأيقنت انه فارق الحياة. كانت قدماي بالقرب من وجهي، لم تنفصلا بعد، إلا أنني عرفت أن إحداهما ستبتر؛ لأني لا أشعر بها، ولا أستطيع تحريكها مثل الأخرى».
ونقل عبدالعزيز إلى المستشفى وهو في حالة وعي لما يحدث حواليه إلا أنه تم تخديره ليستيقظ ويرى جسده الجديد بلا ساقين، يقول عن ذلك «مباشرة بعد استفاقتي نظرت إلى ساقيَّ، لم أجدهما. كنت أتوقع أن أخسر واحدة وهاأنذا أخسر الاثنتين. موقف مؤلم لكنني يجب أن أتقبله. وأكثر ما يدور في مخيلتي هو طريقة حياتي الجديدة بعد مغادرتي المستشفى. وكيف سأعيش بلا قدمين».
عبدالعزيز هو الآخر، يحاول تعليق الأمل على الأطراف الاصطناعية لكنه متيقن أن هذا الأمل لن يتحقق دون وجود التكلفة. وهو وعائلته بالطبع لا يستطيعون توفيرها؛ نظراً إلى محدودية دخلهم. فهم حتى الآن لم يستطيعوا توفير احتياجاته الجديدة في البيت، فهو بحاجة لدورة مياه خاصة، سرير خاص، كرسي متحرك، وغير ذلك مما يتطلبه شخص لا يمكنه حمل نفسه. أضف إلى ذلك فإنه يسكن مع عائلته في شقة تقع في بناية بالدور الخامس.
وفي غرفة أخرى لايزال عبدالله سند المطوع فاقداً للوعي في غرفة الانعاش، وما ان يستفيق حتى يصاب بمضاعفات تنتج عنها العودة إلى غرفة العمليات، كما يقول والده الذي يقف عاجزا عن فعل شيء تجاه ابنه على رغم يقينه بأن العلاج متوافر، وما هو غير متوافر هو تكلفة هذا العلاج.
ويتحدث سند المطوع إلى «الوسط» بحرقة عن وضع ابنه مبينا «على رغم ما يقوم به الأطباء هنا من مجهود يشكرون عليه فإننا لانزال نجهل مصير ابننا. لا يوجد شيء واضح بالنسبة إلى مستقبله. ما فهمناه هو انهم وبعد العملية التاسعة يحاولون فقط ابقاءه على قيد الحياة».
وأضاف المطوع «ما يقلقنا أن تنتهي مرحلة علاج المصابين الى حدود امكانيات المستشفى، فيأخذ كل منا ابنه للمنزل ليعتاد نفسيا وجسديا على الحياة بشكل غير طبيعي، ما يؤثر سلبا على مستقبله. لذلك فإن كل رجاءنا أن يحظى أبناؤنا بالتفاتة كريمة وأبوية من سمو رئيس الوزراء الموقر وأن يوجه الجهات المعنية إلى إرسال أبنائنا للعلاج في الخارج، كي يتم إكمال علاجهم في مستشفيات ذات تجارب مشابهة ناجحة، ويعودون إلينا وهم في حال جسدي ونفسي أفضل. أقول ذلك لأننا بعد الله نلجأ إلى قادة بلادنا، فهم السند ونعم العون لنا، وكل أملنا ألا نرد خائبين».
لسان سند المطوع هو لسان آباء وأمهات جميع المصابين في الحادث. فهم وبشكل يومي يُمنُّون النفس أن يفتح عليهم أحد المسئولين الباب أو يأتيهم اتصال يخبرهم بأن هناك من سيتكفل بعلاج أبنائهم. فراشد طحنون، والد المصاب حسن، الذي لايزال تحت تأثير صدمة الحادث وينتظر عمليات أخرى، يقول: «ابني لا يستطيع الحركة، ولن يستطيع المشي في حال خروجه من المستشفى. لقد أجريت له 18 عملية. ولايزال بحاجة إلى مواصلة العلاج، وخصوصاً العلاج الطبيعي. ومثل حالته يحتاج إلى اخصائيين وامكانيات لا توجد في البحرين. لذلك فإن الحل هو في ارسالهم إلى العلاج بالخارج من قبل وزارة الصحة أسوة بمن تشملهم مثل هذه المساعدات الحكومية. فلا أعتقد أن وضعهم الصحي ووضعنا المادي لا يناسب اشتراطات الحصول على مثل هذه المساعدات».
أما والدة المصاب فهد جمال، الذي يعمل أبوه بحاراً، فتقول: «ما أمكنني توفيره لابني هو كرسي متحرك. هذه هي حدود امكانية حلولنا المادية له. وهو بحاجة إلى أكبر من ذلك. هو يحتاج إلى العلاج في الخارج. وأملي بعد الله من أصحاب الأيادي البيضاء والكريمة».