العدد 5110 بتاريخ 02-09-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةمحليات
شارك:


الغريفي: استدعاءات ومحاكمات عددٍ من علماء الدّين يضر بسمعة الوطن

الوسط - محرر الشئون المحلية

السيدعبدالله الغريفي

قال عالم الدين السيدعبدالله الغريفي إن استدعاءات ومحاكمات عدد من علماء الدين يضر بسمعة الوطن، جاء ذلك في خطبة الجمعة التي ألقاها بمسجد الصادق بالقفول مساء الخميس (1 سبتمبر/ أيلول 2016).

وقال الغريفي: «بقلق شديد تلقينا خبر الحكم على سماحة السيدمجيد المشعل وآخرين، وكم تمنينا أن تعالج الأمور بلغة أخرى، فما أحوج الوطن في هذه المرحلة إلى خيارات لا تدفع في اتجاه التوتر، بل تكرس أجواء التهدئة والاستقرار، وتفتح آفاق المحبة والتآلف... إن استدعاءات ومحاكمات عدد من علماء الدين، أمرٌ ضارٌ بسمعة هذا الوطن، هذه السمعة التي تهم كل غيور لا يريد لهذا الوطن الشر والسوء، بل يريد له الخير والهناء. نتمنى أن تكون القرارات غير هذه القرارات والخيارات غير هذه الخيارات».

وعن تعدد الرؤى والقناعات، قال الغريفي: «ليس أمراً مرفوضاً أن تتعدد الرؤى والقناعات في الشأن الديني أو الثقافي أو الاجتماعي أو السياسي، فمن حق الإنسان أن يحدد انتماءه الديني أو الثقافي أو الاجتماعي أو السياسي، مادام هذا الانتماء مؤسساً على عقل ورشد وبصيرة وليس على جهل وهوى وعصبية».

وأضاف «ولا يعني هذا أن تكون كل الخيارات محقةً وصائبةً، فربما كانت باطلةً وخاطئةً، إلا أن الإنسان يكون معذوراً حينما يعمل كل جهده وقدراته، وحينما يعتمد الأدوات العلمية الصحيحة، وإلا فيجب أن يتحمل مسئولية خطأه الديني أو الثقافي أو السياسي أو الاجتماعي أو السياسي».

وفيما إذا كانت الاختلافات الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية تمثل إشكالية بين مكونات تناقض وصراع، قال الغريفي: «إن الرؤى الدينية والمذهبية والثقافية والسياسية المتعددة لا تشكل - دائماً - مكونات للتناقض والتباين والتنافي والاحتراب إلا إذا عاشت هذه الرؤى حالات الانسجام والانغلاق على الذات، وحالات النفي المطلق للآخر، مما يكون (الأنا المتعصب) دينياً ومذهبياً، وثقافياً، وسياسياً... لا إشكال في أن يتكون (الأنا الديني) أو (الأنا المذهبي) أو (الأنا الثقافي) أو (السياسي)، هذا أمرٌ طبيعيٌ تفرضه القناعات، مادامت هذه القناعات صادرةً عن بحث وتأمل، وليس نتيجة تقليد أعمى... نعم هذا التنوع والتعدد، وهذا (الأنا) الديني والمذهبي والثقافي والسياسي لا يشكل خطراً على وحدة الأوطان».

وأضاف أن «الخطر كل الخطر حينما يتحول هذا (الأنا) إلى (الأنا المتعصب) بما ينتجه من توترات وصراعات متشنجة ومن خلافات ومواجهات صعبة... وربما تعدى الأمر إلى صدامات دامية، حينما يغيب الرشد والبصيرة، وحينما تنقلب العواطف والمشاعر. هذا (الأنا المتعصب) هو الذي عبر عنه القرآن بـ (حمية الجاهلية)... «إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية»... هنا يكون المحرك للمواقف هو الانفعال والعصبية ومشاعر الانتماء للعشيرة، دون أي وعي يحصن الانفعالات، ودون أي قيم روحية ترشد المشاعر، ودون أي معانٍ إنسانية توجه المواقف».

وفي جانب آخر، قال: «هناك تعصب للحق، وأينما وجد الحق، معي أو مع الآخر، مع ديني ومذهبي أو مع الدين والمذهب الآخر، مع حزبي السياسي أو الحزب الآخر، هذا اللون من التعصب ممدوح، لأنه لا يؤسس للظلم والفساد والعبث بالقيم، ولا يزرع العداوة والبغضاء في النفوس، ولا يدفع نحو الصراع والاحتراب والاقتتال. بخلاف التعصب الذي لا يعترف بمعايير الحق والخير والفضيلة، وإنما يحكمه الهوى ونزغات الشيطان وحب الدنيا، وقد عبر أمير المؤمنين عليه السلام عن إبليس بأنه إمام المتعصبين...(فافتخر على آدم بخلقه، وتعصب عليه لأصله، فعدو الله إمام المتعصبين، وسلف المستكبرين، الذي وضع أساس العصبية)».

وتحدث عن تحصين الاختلاف، بأنه «إذا كان الاختلاف الديني والمذهبي والثقافي والسياسي أمراً مشروعاً، يعبر عن حق الإنسان في أن يشكل انتماءه وفق قناعاته، وبذلك يتحمل مسئولية هذا الانتماء، وهذه القناعات... فمطلوبٌ أن يحصن هذا الاختلاف في مواجهة كل الانزلاقات، ولكي لا يتحول مصدر خلافات وصراعات وعداوات، بل مصدر احتراب واقتتال ومعارك تسفك فيها أرواحٌ، وتهتك أعراضٌ، وتدمر أموالٌ وممتلكات... ومطلوبٌ كذلك أن يتحصن هذا الاختلاف لكي لا يتحول مصدر إنتاج لحالات العنف والتطرف والإرهاب، هذه الحالات التي تغذيها غالبا عصبياتٌ عمياء ورؤى عمياء وقناعاتٌ متشددة».

وعن التحصين لحالات الاختلاف الديني والمذهبي والثقافي والاجتماعي والسياسي، قال: «أكد الإسلام على مبدأ الحوار... حينما نقرأ القرآن تتأكد لنا هذه الحقيقة، فهو مشحون بالمشاهد الحوارية لذلك صح أن يقال إن القرآن كتاب الحوار».

وقال إن هدف الحوار هو «البحث عن الحقيقة، هناك من يحاور من أجل الحوار، هذا حوارٌ بلا هدف، يستهلك الجهد والوقت بلا نتيجة... وهؤلاء هم (الذين يمارون) حسب التعبير القرآني، فهم يفتحون الجدال لا من أجل الوصول إلى الحق، وإنما لإضاعة الوقت والجهد وقد حذرت الروايات من المراء».

وحذر الغريفي من أن «هناك من يحاور من أجل أن يؤكد ذاته لا من أجل أن يؤكد الحق... وهناك من يحاور من أجل أن ينتصر هو لا من أجل أن تنتصر الحقيقة.. وهناك من يحاور في القضايا الاستهلاكية على حساب القضايا الحقيقية. وهناك من يحاور في العناوين الصغيرة وينسى العناوين الكبيرة.. كل هذه الألوان من الحوار لا تبحث عن الحقيقة، وإنما لإضاعة الحقيقية».

وقال إن أدوات الحوار يجب أن تكون نظيفة «فلا يجوز أن يعتمد الحوار لغة السب والشتم والتشهير والتسقيط».

وأضاف أن «اعتماد لغة السب والقذف في الحوار أو في أي خطاب ديني أو ثقافي أو إجماعي أو سياسي أو في الشعارات والاحتجاجات، اعتماد هذه اللغة أمرٌ في غاية القبح والسوء، وهو أسلوب مقيتٌ ومتخلف جداً، ويعبر عن عجز و إفلاس... مطلوبٌ النقد ومحاسبة الأخطاء في كل المجالات الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية، إلا أن اللغة في النقد والمحاسبة يجب أن تكون مهذبةً ونظيفةً وحضاريةً، وليست لغةً ساقطةً سيئةً متخلفةً... من يملك أصالة الرأي، وقوة الحجة وحقانية الموقف لا يلجأ إلى لغة السب والقذف والتشهير فهي لغة الضعفاء والمفلسين والمتخلفين والمنهزمين».

وشدد الغريفي على أن «لغة السب تشنج العلاقات، وتؤجج الخلافات، وتؤزم الأجواء، وتغذي الأحقاد والعداوات، وربما قادت إلى المواجهات والصدامات وأيقظت الفتن والصراعات».

واعتبر أن «الكلمة اللينة تفتح القلوب، وتلج العقول، وتخفف من التشنجات، والتوترات، والصراعات، وتزرع المحبة والتآلف والتقارب»، مشيراً إلى أن «المبدئية والصراحة يعني ألا يفرط الإنسان المؤمن في قناعاته الحقة وفي أهدافه الصائبة وألا يساوم عليها مهما كانت التحديات... لأن هذا التفريط في القناعات والأهداف، ولأن هذه المساومات خيانة للمبادئ القيم... غير أن المبدئية والصرامة شيء، والجفوة في الكلمة، والقسوة في القول شيء آخر... الأنبياء كانوا مبدئيين كل المبدئية، وصارمين كل الصرامة في تبليغ الرسالات، ومع ذلك كانوا يعتمدون الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن».

وتحدث عن أدب الاختلاف، قال: «إذا كان من حق الإنسان أن يشكل قناعاته الدينية والثقافية والسياسية، وإذا كان من حقه أن يناقش قناعات الآخرين، وأن برفضها، مادام قد اعتمد الأدوات العلمية في كل ذلك... إلا أنه ليس من حقه أن يسيء إلى الآخرين الذين يختلف معهم، فمن أدب الاختلاف احترام الآخر، فإذا عجزنا أن نتفق، فيجب أن نتعلم كيف نختلف... ليس من حقك أن تتهم دوافع الآخرين الذين تختلف معهم، من حقك أن ترفض أداءهم إذا اعتمدت أدوات العلم في الرفض، وأما أن تتهم الدوافع التي في داخلهم، فهذا ما لا تملك إليه سبيلاً، فالدوافع موقعها النية في الداخل ولا يمكم اكتشافها بسهولة».

وقال: «من أخطر ما يواجه الواقع السياسي في أغلب البلدان هو اتهام الكلمة التي تمارس نقداً سياسياً، أو تدعو إلى إصلاح سياسي، أو تحاسب أخطاءً سياسية، أو ترفض سلوكاً سياسياً، سواء أكان هذا السلوك سلوك أنظمة حاكمة أو سلوك شعوب أو سلوك قوى سياسية... فليس كل نقد لسياسات الأنظمة الحاكمة هو تحريض، وتأزيم، وتأجيج، وخيانة، وعبث، بأمن الأوطان، وإنتاج للفتن، ودعوة للتمرد، فما أكثر ما تكون الكلمة الناقدة لسياسات الأنظمة مخلصةً كل الإخلاص للأوطان، وصادقةً كل الصدق مع الأنظمة، ومحبةً كل الحب للشعوب. وكذلك ليس كل نقد لقوى المعارضة ولحركات الشارع هو اصطفافٌ مع الأنظمة ضد الشعوب، وهو إساءةٌ لمطالب الناس العادلة، فما أكثر ما تكون الكلمة الناقدة لتلك القوى والحركات هي الأخلص، والأصدق مع الشعوب».

وأضاف أن المطلوب من الكلمة السياسية الناقدة أن «تملك درجةً عاليةً من الرشد والبصيرة... ودرجة عاليةً من الصدق والأمانة والنظافة... ودرجة عاليةً من الحب للأوطان والشعوب... ودرجة عاليةً من الجراءة والشجاعة... ودرجة عاليةً من المرونة والتسامح».

وأوضح أن هذا يعني أن «لا تنزلق الكلمة في متاهات وأهواء ومزادات السياسة... وألا تبحث عن شهرة، ومواقع، وأغراض دنيا، وشهوات نفس... وألا تنزع إلى نزق وطيش وغرور واستعلاء... وألا تكون أداة عبث، وفساد، وفتنة، وعنف، وتطرف... وألا تسقط، ولا تضعف، ولا تساوم على المبادئ... وألا تتمرد على ضوابط الدين والشرع... وألا تخون مقدسات الوطن».



أضف تعليق



التعليقات 5
زائر 5 | 2:28 ص ................

اتكلم عن المطالبة بحرياتكم مع المساس بالآخرين واتهامهم بالعماله والخيانة لمجرد انهم ما مشو في مسيراتكم وتجمعاتكم رد على تعليق
زائر 6 | صباح الخير 2:36 ص بصراحه نعم انتم الإعلام الناصح وانتم أمناء الله في أرضه ويشهد التاريخ الاسلامي لم أراه أو نسمع شيعيأ واعتذر على هادا التوصيف ولكن مع الأسف هادا حال اليوم قطع عنق أو فجر مسجد أو كفر مله من ملل المسلمين حتى خصوم ال بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين رد على تعليق
زائر 7 | 3:56 ص من الغريب أن تمتلك البحرين مثل هذه القامات الوطنية الحريصة على أمن الجميع وإصلاح الأمور ولا تجد أحداً يحاورها أو يداً تمتد بالخير إليها.. هل هذا صعب أم لغة الغاب أقوى؟
آه يا وطني! رد على تعليق
زائر 8 | ناصح أمين 5:08 ص نعم الكلمة الطيبة من عالم ناصح عارف
حفظكم الله وايدكم ونفع بكم العباد والبلاد رد على تعليق
زائر 12 | 9:24 ص لم يتهمو احد وأنتم تعرفون من اتهم بالخيانة والعمالة ولا تقلب الحقائق رد على تعليق