من كوب بلاستيك الى مهمة اميركية للبحث في الفضاء عن أصل الحياة على الأرض
ميامي - أ ف ب
قبل عقد من الزمن بدأ مهندس اميركي تجاربه الأولية قبالة مرآب منزله على كوب من البلاستيك، واليوم صار اختراعه جاهزاً للسفر في الفضاء وجمع الغبار من الأجرام الفضائية الصغيرة بحثاً عن أصل الحياة على الارض.
والشهر المقبل، تطلق وكالة الفضاء الاميركية ناسا مهمة "اوزيريس - ريكس" المستندة الى هذا الاختراع، متجهة الى الكويكب "بينو" لجمع غبار عمره اربعة مليارات و500 مليون سنة في محاولة لفهم كيفية وصول العناصر الاساسية للحياة، مثل الكربون والجليد، الى كوكب الارض.
وتبلغ نفقات هذه المهمة 800 مليون دولار.
ويقول مدير شركة "لوكهيد مارتن" الفضائية، ريك كونز "في عشر سنوات، تطور المشروع من قطعة بلاستيكية أمام مرآب الى ما هو عليه اليوم".
في الثامن من سبتمبر/ايلول 2016، تنطلق المركبة الفضائية غير المأهولة البالغ وزنها طنين وحجمها حجم سيارة كبيرة، على متن صاروخ قاذف من طراز "اطلس 5"، من قاعدة كاب كانافيرال في فلوريدا، في مهمة تستمر سنين عدة، على ان تعود الى الارض في العام 2023.
مهمة دقيقة
المحطة الأكثر دقة من هذه المهمة ستكون لدى وصول المركبة إلى سطح الكويكب، اذ يتعين عليها ان تلتقط الغبار عن السطح من غير ان تحط عليه، وهي مهمة صعبة في ظل الجاذبية الضعيفة للكويكب.
وللتعامل مع هذه الظروف الصعبة صمم المهندس جيم هاريس المركبة "موكاف".
في التجارب الأولى، كان جيم يستخدم كوباً بلاستيكياً فيه ثقوب في مواضع عدة، ولدى وضع طرف الكوب باتجاه الارض كان يعمل كضاغط للهواء يدفع الغبار الى الداخل.
اما الاختراع النهائي "تاغسام"، فهو "سينزل ببطء باتجاه سطح الكويكب بينو، وسيتصل بالسطح بضع ثوان ويستخدم الازوت المضغوط لتسييل الغبار ودفعه الى الداخل"، بحسب ما يشرح الخبير كريستيان اوبينجي المشارك في المشروع لوكالة فرانس برس.
وسيحاول الاميركيون ان يتجنبوا في هذا المشروع اخطاء اليابانيين في مشروع مماثل عام 2010 اصدم فيه المسبار بسطح الكويكب "ايتوكاوا" لكنه رغم ذلك تمكن من جمع كمية ضئيلة جدا من الغبار لم تبلغ الميليغرام الواحد.
وسيحاول الاميركيون جمع 60 غراما من غبار الكويكب على الاقل، علما ان بعض التجارب اظهرت انه من الممكن جمع 300 غرام.
واذا كانت المهمة ستنطلق في الايام المقبلة، الا ان البدء بجمع العينات لن يكون قبل تموز/يوليو من العام 2020، اذ يتعين على الخبراء اولا تحديد المكان الامثل لهبوط المسبار.
ويقول غردون جونستون احد المسئولين عن المهمة "سنقترب من الكويكب بينو، ونرسم خريطة لسطحه، وندور حوله ثم نختار المكان الاكثر امنا واهمية من الناحية العلمية".
وسيخصص ثلاثة ارباع العينة في ابحاث مستقبلية مخصصة "للاجابة عن اسئلة لم نطرحها الان بعد"، وفقا لجونستون.
وستعطي ناسا 4 في المئة من العينة الى كندا شريكتا الاكبر في المشروع، و0,5 في المئة الى اليابان.
الكويكب المثالي
استفاد خبراء الفضاء الاميركيون في هذه المهمة من مهمة اخرى انطلقت في العام 1999 باسم "ستاردست" لجمع عينة من انبعاثات مذنب.
ويقول دانتي لوريتا كبير الباحثين في مهمة "اوزيريس ريكس" والاستاذ في جامعة اريزونا "لقد تعلمنا كثيرا من مهمة ستاردست عن المذنبات، علما ان مهمة اوزيريس ريكس ستحضر لنا عينات اقرب الينا، ونحن نبحث عن عينات تعود الى اول تشكل المجموعة الشمسية".
وتؤيده كريستينا ريشي نائبة مدير المشروع "نحن نبحث عن اولى مؤشرات نشوء المجموعة الشمسية، وربما العناصر التي جعلت الحياة تظهر على الارض او في اماكن اخرى".
وقد اختار علماء وكالة الفضاء الاميركية الكويكب بينو من بين 500 الف جرم آخر في المجموعة الشمسية التي يقع فيها كوكب الارض، وهو بقطر 500 متر ويحتوي على غبار غني بالكربون عمره مليارات السنوات.