قصة قصيرة... طبق من رأفة
قصة قصيرة - زهرة عبدالرحيم الغسرة
قفزة... قفزة أخرى، أمسك بالحديد الذي تنتشر عليه بقع الصدأ الحمراء، أمسك به لكي تتمكن ابنتي من مسك القلم، تغرق ملابسي بالعرق لكي أتمكن من شراء ملابس لطفلي القادم، أظلل بيدي على وجهي عن وهيج الشمس لكي أتمكن من توفير الكهرباء التي تبرّد أسرتي، أتكئ على عصا حديدية، قفزة أخرى، وها أنا فوق العمارة التي بذلت فيها جهداً وفيراً، ها أنا أرى الناس كألعاب صغيرة مشغولة بحياتها، لكل منهم قصة يسعى لتحقيقها، يصرخ المسئول: هيا بسرعة، انتفضت أكمل حمل مواد البناء، أصبحنا كالآلات، والريموت كنترول ليس بأيدينا، نعمل على قدر ما يحددونه لنا، نأكل على حسب ما يختارونه لنا، نسكن على ما يتفضّلون به لنا، يكتمون أصواتنا بمزاجهم، مضت خواطري ومضى الوقت معها، تم ضغط زر انتهاء اليوم، قادتني قدمايّ إلى البحر، خطوة... خطوة أخرى على الرمال، كانت قدماي تترك أثراً على الرمال يمحيها البحر، ألقيت بجسدي على الرمال أستمدّ منها الإحساس، نظرت إلى النجوم أستمدّ منها جرعة من التفاؤل، أغمضت عيني مع النسيم، وطرت مع حديث نفسي، تساءلت عن الفرق بين القفزات التي قفزتها وبين الخطوات التي مشيتها، تساءلت عن مدى الاختلاف بين الإنسان المواطن والإنسان الأجنبي، ثم تمنيت طبق من رأفة.