هجمات حركة طالبان على لاشكرغاه تعرقل الرعاية الطبية
الوسط - المحرر السياسي
في الوقت الذي لا يستطيع المدنيون فيه الوصول إلى الرعاية الطبية في مدينة لاشكرغاه، تهيئ وكالات المعونة نفسها لاستيلاء محتمل من قبل حركة طالبان على المدينة في ظل قيام المسلحين بفرض حصار على المدينة، التي تُعد عاصمة ولاية هيلمند في جنوب أفغانستان، وفق ما نقلت شبكة الأنباء "إيرين".
والجدير بالذكر أن القتال الدائر هناك منذ بداية شهر أغسطس/ آب قد تسبب في نزوح قرابة 10,000 شخص، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا). كما فرّ نحو 6,000 شخص إلى لاشكرغاه عقب وقوع معارك بين مسلحي حركة طالبان والقوات الحكومية في المناطق المحيطة، بينما لجأ قرابة 4,000 آخرون إلى منطقة تقع تحت سيطرة القوات المناهضة للحكومة.
وذكر مسئولون في أجهزة الأمن الأفغانية أن مقاتلي طالبان مدربين تدريباً جيداً على غير العادة ويستخدمون معدات جديدة مثل أجهزة الرؤية الليلية. مع ذلك، تمكنت القوات الحكومية حتى الآن من الصمود أمام الهجوم، وأكد المسئولون مراراً وتكراراً أنهم لن يسمحوا بسقوط المدينة.
وعلى الرغم من هذه التأكيدات، تعكف وكالات المعونة على وضع خطط احتياطية تحسباً لحالات الطوارئ.
في هذا الصدد، قال غيليم موليني، الممثل القطري لمنظمة أطباء بلا حدود أن لدى المنظمة "خطة جاهزة في حالة وقوع عدد ضخم من الضحايا" وأنها "مستعدة لتنفيذها بشكل فوري في حالة زيادة تدهور الوضع الأمني". وتواصل المنظمة الطبية الخيرية الاتصال مع المسلحين وكذلك الحكومة والقوات المتحالفة معها.
وقال موليني لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "يجب علينا إعادة تقييم الموقف باستمرار لنرى إذا كانت جميع الأطراف تقبل قيامنا بتوفير الرعاية الطبية دون تحيز، سواء كان القتال على بعد ستة كيلومترات من لاشكرغاه، أو داخل المدينة نفسها، أو في حال تبادلت الأطراف المختلفة السيطرة على المدينة".
عرقلة قندوز أخرى
وإذا سقطت لاشكرغاه ووقعت تحت سيطرة حركة طالبان، فإنها ستكون ثاني عاصمة ولاية تسقط منذ الإطاحة بنظام طالبان في عام 2001. وتجدر الإشارة إلى أن حركة طالبان استولت لفترة قصيرة على مدينة قندوز الشمالية في شهر أكتوبر الماضي. وأثناء فترة الاحتلال تلك، سمحت حركة الطالبان لمنظمة أطباء بلا حدود بمواصلة علاج جرحى الحرب في مركزها لعلاج الصدمات النفسية حتى تدميره جرّاء ضربة جوية أمريكية.
وكما هو الحال في قندوز، قدمت منظمة أطباء بلا حدود إحداثيات GPS لمرفقها إلى جميع الأطراف في الصراع في لاشكرغاه.
وفي هذا السياق، قال موليني: "نحن نعرف جيداً أن تقاسم إحداثيات GPS الخاصة بموقعنا ليس ضماناً كافياً لحماية موظفينا ومرضانا...نحن لا نحتاج أن يعرف الناس أين نحن موجودون فقط، ولكننا نطلب منهم أيضاً التزاماً صادقاً باحترام حقيقة أننا نعمل بطريقة محايدة ونزيهة".
وقد شنت الولايات المتحدة نحو 30 ضربة جوية على المنطقة على مدار الأسبوعين الماضيين، وفقاً للكولونيل مايكل لورن، المتحدث باسم بعثة منظمة حلف شمال الأطلسي في أفغانستان. وقد ساعد الدعم الجوي الأمريكي القوات الأفغانية في استعادة العديد من نقاط التفتيش من حركة طالبان، التي تكبدت "عدداً من الضحايا".
وقال لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "بشكل عام، الوضع في هيلمند ليس واضحاً تماما".
الوصول إلى الرعاية الطبية
وخلال الفترة من 3 إلى 15 أغسطس، تمكنت منظمة أطباء بلا حدود من علاج 25 من جرحى الحرب في غرفة الطوارئ الخاصة بها، وقد توفي ستة منهم متأثرين بجراحهم. ولكن المعارك الدائرة جعلت السفر بالنسبة للعديد من المدنيين إلى لاشكرغاه، للحصول على العلاج، أمراً صعباً للغاية أو مستحيلاً.
وقال موليني: "المرضى يقولون أن الطرق مغلقة ونقاط التفتيش تؤخر وصولهم إلى المستشفى".
وقد تسببت هذه الظروف في وفاة أحد المرضى على الأقل، إذ توفت فتاة عمرها 15 سنة نتيجة الإصابة بالتهاب السحايا.
وكانت أعراض المرض قد بدأت تظهر على الفتاة عندما احتدم القتال في منطقة ناوا، المتاخمة لمدنية لاشكرغاه. وفي حين أن الرحلة من قريتها إلى المدينة عادة ما تستغرق بضع ساعات، إلا أنها استغرقت أسبوعاً في ظل هذه الظروف.
وعن هذه الحالة، قال الطبيب إرلاند جرونينجن: "لقد كنا نعرف عندما استقبلنا الحالة أنها متأخرة جداً... وعقب مرور أربع وعشرين ساعة على بدء تلقيها العلاج، دخلت في غيبوبة ثم وافتها المنيّة".
وقد يكون هناك آخرون يعانون بل ويموتون من إصابات أو أمراض يمكن علاجها، لكنهم لا يستطيعون الوصول إلى المستشفى.
وقال جرونينجن إن عنابر الأطفال التي عادة ما تكون مزدحمة ومركز التغذية العلاجية المكثفة في المستشفى الحكومي الذي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود تكثر فيها الآن بالأسِرَّة الفارغة.
وأضاف: "رغم أنه من المفترض أن تكون العنابر مليئة بالأطفال الصاخبين والمرضى من الشباب الذي يعالجون من سوء التغذية أو الإصابات المهددة للحياة، إلا أنها هادئة بشكل مخيف".
وفي الوقت الحالي، توزع وكالات المعونة المواد الغذائية والمياه والمواد الأخرى مثل أدوات المطبخ للنازحين الذين نجحوا في الوصول إلى لاشكرغاه، حسبما أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. وإذا ما سقطت المدينة في أيدي حركة طالبان، ربما يجد المدنيون أنفسهم محاصرين، في ظل إغلاق الطريق المؤدي إلى مدينة قندهار في ولاية قندهار المجاورة، بسبب القتال.
كما أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن "المدنيين لا يستطيعون الوصول إلى الطريق السريع الذي يربط لاشكرغاه بمدينة قندهار، الذي قد يتسبب في عرقلة إيصال المساعدات".