فرط النشاط لدى أولادك... مرض قابل للعلاج؟
الوسط - محرر الشئون الطبية
يتوخى الأطباء الدقة عند تشخيص فرط النشاط لدى الأطفال.
تصبح العدائية حتمية بالنسبة إلى بعض الأولاد، بينما يميل البعض الآخر إلى التحرك بلا توقف أو يتسارع كلامهم. في مطلق الأحوال، يصعب التحكم بالأولاد حين يصبحون كثيري الحركة أو يعجزون عن تركيز انتباههم أو يستاؤون لأبسط الأسباب، بحسب تقرير لصحيفة "الجريدة" الكويتية اليوم الاثنين (8 أغسطس / آب 2016).
لا يدخل فرط النشاط في خانة الأمراض لكنه قد يصبح كذلك، ويؤثر في أكثر الحالات حدة على مسار الحياة كلها، من ثم يقود إلى دوامة الفشل.
عموماً، يرتبط تشخيص فرط النشاط بمعايير محددة:
- يكون نشاط الطفل الحركي أعلى من مستواه الطبيعي، ويصبح عشوائياً أحياناً: لا يستطيع ملازمة مكانه وينتفض باستمرار ويركض ويتسلق جميع الأماكن... باختصار، لا يكف هذا الطفل عن التحرك حتى في الظروف غير المناسبة (عند دعوته إلى منزل أصدقائه أو أثناء وجوده في الصف).
- يصبح الطفل انفعالياً وعدائياً حين لا تتحقق أمنياته بالإيقاع الذي يريده.
- حين يدخل إلى المدرسة، يجد صعوبة في حصر انتباهه والحفاظ على تركيزه ولو لفترة قصيرة، ما قد يعيق تقدّمه.
- حين يتكلم، نشعر بأنه لا يسمع بدقة.
- يفقد أغراضه غالباً ويجد صعوبة في تنظيم نفسه.
- يكون حساساً جداً تجاه الضغوط الخارجية.
لكن يجب أن يدوم جزء من هذه الأعراض ستة أشهر على الأقل قبل استشارة الطبيب. يمرّ الأولاد أحياناً بمراحل مضطربة لكنها تكون عابرة وغير مؤثرة. أما فرط النشاط، فيشير إلى ظاهرة مزعجة في نظر محيط الطفل، وقد تؤدي إلى مصاعب اجتماعية في بعض الحالات.
مع ذلك، يجب ألا نعتبر الطفل مضطرباً عقلياً أو غير قادر على مواكبة المهمات المطلوبة من الأولاد في عمره عند ظهور أيٍّ من هذه المؤشرات. بل إن فرط النشاط قد يؤدي إلى الفشل الدراسي من دون أن يؤثر في مستوى الذكاء، ما يبرر اكتشاف الحالة منذ مرحلة مبكرة.
أنواع العلاجات
بعد تشخيص الحالة، قد تبرز الحاجة إلى علاج محدد. يجب أن يكون الاختصاصي مطّلعاً على هذا النوع من المشاكل نظراً إلى صعوبة معالجته.
تتعدد المقاربات التي يمكن أن يقترحها الأطباء، وقد تشمل الأدوية. يحتلّ رأي الأهل أهمية كبرى أيضاً ويتأثر بقدرتهم على التحكم بأولادهم.
لا بد من إيجاد علاج حقيقي لأن عدم إدراك المخاطر المطروحة على الأولاد قد ينتج سلوكيات خطيرة.
ما أبرز العلاجات في هذا المجال؟
العلاج النفسي
لا داعي للخوف من هذا العلاج لأنه جزء من المقاربات المألوفة للتعامل مع الأولاد بعد عمر الخامسة. لن يخضعوا طبعاً لتحليل نفسي، بل يدوّن الطبيب ملاحظاته ويقوم ببعض الاختبارات لتقييم قدراتهم في مجالات متنوعة.
يجري الطبيب أيضاً تقييماً شاملاً على المستويات النفسية والحركية واللغوية والنتائج المدرسية ومعدل الذكاء لدى الطفل. تتطلب هذه المرحلة الأولى أسابيع عدة أو أكثر. وبعد التأكد من التشخيص والنتائج، يمكن أن يقترح توصياته.
يحلل الاختصاصي أيضاً أسباباً أخرى للمشكلة، مثل عدم استقرار العائلة أو تعاطي المخدرات أثناء الحمل. تُستعمل علاجات سلوكية في الوقت نفسه غالباً كي يتعلّم الأولاد تغيير سلوكهم.
علاج تربوي مع إعادة تأهيل
يتابع معالجو النطق واختصاصيو العلاج النفسي والحركي غالباً حالة الأولاد المصابين بفرط النشاط لمعالجة جميع الأعراض. تكون هذه التدابير اليومية كلها صعبة بالنسبة إلى الأهالي، لا سيما إذا كانوا يعملون، لكنّ نتائجها إيجابية.
علاج بالريتالين
تبقى هذه الجزيئة مثيرة للجدل لكنها تُستعمل منذ الثلاثينيات في الولايات المتحدة وقد ثبتت آثارها على مستوى الانتباه والتركيز بالنسبة إلى ثلاثة أرباع المرضى. قد يسمح هذا العلاج بتحسين الأداء المدرسي والعلاقات مع الراشدين. لكن يبقى مفعول هذا الدواء قصير الأمد للأسف ويتراوح بين 4 و6 ساعات، ما يعني ضرورة أن يأخذه الأولاد بين مرتين وثلاث مرات يومياً. لذا يكتفي بعض الأهالي بإعطاء العلاج في منتصف الأسبوع كي يتحسن الأداء المدرسي ويتصرف الأولاد في عطلة نهاية الأسبوع أو خلال العطل المدرسية على سجيتهم. يدوم العلاج بين سنتين وأربع سنوات ويبقى الطفل تحت السيطرة على المستويات كافة: الوزن، النوم، ظهور أعراض جديدة... يعطي الريتالين أثراً إيجابياً لكنه لا يشفي من المرض.
تأهيل الأهالي ضروري أيضاً
يقدّم الطبيب ومختلف الجمعيات المعنيّة بهذه الحالة نصائح مفيدة للأهالي لتحديد التصرفات المناسبة مع الأولاد الذين يثيرون استياءهم. تتعدد المؤلفات ووسائل {إدارة الأزمة} التي تسمح بالبقاء على الطريق الصحيح.