حياة مختلفة والسبب أقوال الناس وكلامهم... تعاسة أم سعادة؟
الوسط - هاشمية السيد
كم مرة أجبرنا أنفسنا على عمل أشياء لسنا على قناعة بها؟، وفي أحيانٍ قد تخالف ما نعتقد به ويفرضه علينا الشرع أيضاً، وذلك من أجل إرضاء الناس، وقد نرجع ذلك إلى الهرب من كلامهم الجارح؟ وكم ساعدت ظاهرة الخجل من قول الحقيقة في تفشي مثل هذه الأمور؟.
فظاهرة الإسراف في الزواج مثلاً، والتي تضج منها المجتمعات ومنهم المجتمع البحريني وتسببت في مشاكل اجتماعية انتهى بعضها إلى الطلاق بين الشريكين.
فبعض أهالي العروس يصرُّون على تكرار ما يقوم به الآخرون على رغم علمهم بما عانى ابنهم "أخ العروس" من مشاكل نتيجة لشروط زوجته في الحفلات ومتطلبات الزواج، وأما العريس فيكونُ في العادة "خائفاً" من قول الحقيقة، لكونه لا يستطيع، فيقولون عنه الناس "بخيل"، فيحمل نفسه فوق طاقتها.
ومن الظواهر الأخرى هي سعي بعض الفتيات في اقتناء فستان جديد لكل مناسبة بغض النظر عن الوضع المالي للأسرة كما قالت ولاء (22 عاماً): "في السابق كنت أخشى من لبس نفس الفستان الذي لبسته في مناسبة سابقة ونفس الحضور سيكونون في المناسبتين، هرباً من كلام الناس".
كذلك قالت أم إبراهيم: "كنت أخشى من كلام الناس من رفضي لبعض المتقدمين لخطبتي من الأقارب قد يسبب بعض الحساسيات، لكن سرعان ما اختفى هذا التخوف مني عندما لاحظت أنهم بدأوا يتفهمون أن الزواج نصيب... سمعت من البعض أن (راسي يابس) لأني كنت أرفض المتقدمين لخطبتي، ولكني لم أعطِ هذا الموضوع أي اهتمام".
أما فاطمة التي أثر كلام الناس على موضوع قبولها للزواج، حيث كان أهلها يصرون عليها قائلين "من هم في عمرك تزوجوا، لمتى بعد؟"، فأدى إلى تسرعها في الاختيار وأدى في النهاية إلى الطلاق، حسبما تقول.
وتحدثنا زينب (21 عاماً) عن إحدى معارفها فتقول "إحداهن عمرها (20 عاماً) تتكلم بكثرة عن الزواج وتريد أن تتزوج والسبب هو خشيتها من نظرة الناس لها بأن تكون "عانساً"، وهذا هو السبب الذي يحتل الأولوية في تفكيرها أكثر من حاجتها إلى الزواج نفسه". وتتحدث أيضاً عن تجربة زواج خاضتها إحدى معارفها قائلة إنها: "تزوجت من شخص مهمل لا يهتم بها، فقررت الطلاق منه وتزوجت مرة أخرى إلا أن الحظ لم يحالفها أيضاً فهو يخونها، لكنها أجبرت نفسها على البقاء معه، لأنها كانت مطلقة في السابق، فهي تفكر بأنها إذا طلبت الطلاق مرة أخرى، فلن يقول الناس بأن الخطأ فيمن تزوجتهما، بل سيقولون إنها هي السبب وسينظرون لها نظرة سلبية".
أما مريم المتزوجة حديثاً، فعبرت عن استيائها من بعض التعليقات على الحياة الخاصة للآخرين كسؤالهم "زوجكِ لم يشترِ لكِ هدية!، لماذا لم تسافروا؟ ، "زوجكِ يتحكم فيكِ"، معتبرة أن مثل هذه الأحاديث تتسبب في خلق جدال بين الزوجين "قد يصل إلى ما لا يحمد عقباه".
وأضافت "حينما يتكلم الناس عن الزوجة التي لا تنجب يجعلونها تفكر في ألف علاج وعلاج خوفاً من كلام الناس حول كونها تعاني من العقم، وأما الزوج فيحاولون إقناعه بالزواج بأخرى حتى لو كان مقتنعاً بزوجته وحياته سعيدة".
وأثارت الموضوع ولاء بقولها: "اختيار الصالون الراقي والمشهور بالنسبة للعروس، فهي تخشى من كلام الناس بعد اختيارها لصالون عادي؟ أو صالة أفراح عادية".
وفي جانب آخر للإسراف، فإن الأكل يحتل مساحة جدلية كبيرة، جراء كميات الأطعمة الكبيرة التي تهدر في الوقت الذي يحتاج فيه آخرون للأكل ليعيشوا، إذ يتعمد البعض شراء وجبة تفيض عن حاجته ويغادر المطعم تاركاً على طاولته وجبة تشبع انساناً آخر أو أحياناً أناساً آخرين، وكل هذا من أجل أن يقول الناس عنه كريم.
ويسعى بعض الناس إلى "شراء كيكة يصل سعرها إلى مئات الدنانير، من أجل التصوير فقط وذلك من أجل "المفوشر".
وفي الملابس، تشير زينب لإحدى معارفها بقولها "تسعى فتاة إلى اقتناء حقيبة تصل قيمتها إلى 800 دينار بعد أن اجتهدت في جمعها من راتب 3 شهور". وتضيف عليها ولاء بقولها "هناك أشخاص أعرفهم يحرمون أنفسهم من تناول الطعام من أجل شراء أفضل العباءات والملابس من أجل المظاهر فقط".
ولا يترك البعض زاوية من زوايا حياة الآخرين إلا وتدخلوا فيها، حتى في تربية أبنائهم، فيصفون الوالدين بأبشع الصفات فقط لأنهم يقومون بتربية أبنائهم، وتقول أم حسن عن ذلك "أحرص على تربية أطفالي تربية صالحة في انتقاء ما يناسبهم من قنوات وأجهزة حديثة، إلا أن بعض الأقارب يقولون لأطفالي أمكم معقدة".
أما زينب فقالت "لا أحاول إرضاءهم لأني وصلت لقناعة بأني حينما كنت أتابع كلامهم كنت إنسانة تعيسة جداً ،لأنني كنت أعيش بشيء لا يشبهني ، حالياً لا أهتم مهما فسرت الناس موقفي".