رسالة مواطن...توصيات فريق هوبكنز بتطوير وسائل الاتصال ما بين مرضى السكلر ضاعت ما بين بهرجات كلامية وواقعٍ مزرٍ
الوسط - محرر الشئون المحلية
جاء وفد مستشفى جون هوبكنز لمملكة البحرين في 26 إلى 29 من شهر يناير/ كانون الثاني 2015، أي قبل أكثر من عام ونصف، وقد عقد مؤتمراً صحفياً قبل مغادرته.
وقام الوفد بزيارة ميدانية للعيادة المتعددة التخصصات التي تم إنشاؤها من أجل مرضى السكلر، ومركز أمراض الدم الوراثية وإجراء مقابلات مع الطاقم الطبي والتمريضي، بالإضافة لجمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر وبعض مرضى السكلر ممن كانوا متواجدين آنذاك في مركز أمراض الدم الوراثية.
وأشار الوفد في المؤتمر الصحافي الذي عُقد في 29 يناير، على لسان مديرة برنامج العلاج اليومي في معهد جون هوبكنز البروفسور صوفي لاركنزون: "إن التحديات المصاحبة للمرضى في البحرين شبيهة بالتحديات الموجودة في أميركا، وخصوصاً أن مرضى السكلر يشكل تحدياً أمام المرضى وأمام العاملين في المجال الصحي". كما تطرقت لاركنزون إلى علاج السيطرة على الألم، مشيرةً إلى أن الأدوية الموجودة في البحرين هي نفسها الموجودة في أميركا، إلا أن جرعات الأدوية تختلف بين البلدين. وشدد وفد جون هوبكنز على ضرورة تطوير وسائل الاتصال بين مرضى السكلر والطاقم الطبي والصحي، وذلك للحصول على خدمات صحية ذات جودة عالية.
القيادة الرشيدة كانت ومازالت شديدة الحرص على تقديم العلاج الكريم لكل المرضى عامة ومرضى السكلر خاصة؛ بل وضعت ملفهم على رأس أولويات وزارة الصحة، ولكن ما يجب أن يعلمه الجميع بأنه وحتى هذا اليوم لم تطبّق وزارة الصحة أهم توصية، ألا وهي تطوير وسائل الإتصال بين المرضى والطاقم الطبي، وعلى هذا الضوء نكتفي بنقل بعض المواقف التي حدثت للمرضى من بعض الأطباء، ونكرّر بأننا لا نشمل جميع الأطباء، بل البعض منهم فقط ونحن المرضى لا ندّعي الكمال فالكمال لله وحده، وهو القائل: "ولا تَزِرُ وازرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ" (سورة الأنعام، 164).
الطبيب والمريض كلاهما يعلم بحجم الآلام التي يعانيها مرضى السكلر، فحين يكون المريض بنوبة ألم لا يوجد ما يخفف عن المريض إلا الله عز وجل، ثم تعاون الطاقمين الطبي والتمريضي، بالإضافة إلى الوسيلة المؤقتة، وهي ليست علاجاً وإنما وسيلة للسيطرة على الآلام، وهي الأدوية المسكنة (الأفيونية)، فحينما يطلب المريض دواءً لتسكين ألمه ولديه حساسية من أنواع معينة من الأدوية ويرفض أخذها، فإن الطبيب لا يتعب نفسه بوصف دواء آخر للمريض أو يطلب ملف المريض للتأكد من جميع الأدوية، وإنّما يخبر المريض بأنه لا يمكنه صرف أي دواء آخر -يوضح التعقيدات الإدارية وليس تقييم الطبيب- وعندما يبدأ المريض مناقشة الطبيب فإن بعض الأطباء يتركون غرفة العلاج أو يطلب من المريض الخروج من الغرفة، حتى لو كان المريض يناقشه بأدب واحترام!
فهنا الطبيب يخيّره بين خيارين، أخذ العلاج الموصوف حتى لو كان هناك تحسس لدى المريض أو يترك المركز بأكمله، وينزل العقاب الجماعي على جميع المرضى دون ذنبٍ، حيث يتركهم دون معاينة. وهذا ما لم تجرأ وزارة الصحة على ذكره، والتزم المرضى الصمت لعل الوضع يتحسن ولكنه يزداد سوءًا!
بعض أطباء النوبات الليلية والذي من المفترض أنه موجود في نفس المبنى للكشف عن أية حالة تمكث بمركز أمراض الدم الوراثية يطلب لأجلها الاتصال (on call) فيسأل الممرضين عن سبب الاتصال به، وبعد إعلامه بأن المريض يقول إنه بحاجة ماسة للطبيب يأمرهم بفحص درجة حرارته وضغطه والأوكسجين ومعاودة الاتصال به مرةً أخرى لإعلامه بالنتيجة، وبعدها يعلم الطاقم التمريضي بأنه سيأتي، وتمضي الدقائق والساعات ولكن يتضح بأن الطبيب قد خرج من المركز بعد تسجيل الحضور، وربما يترك المريض للصباح دون معاينته، أو يقولها لهم بكل صراحة بأنه لن يأتي لهذا المريض بسبب أن جميع المؤشرات الحيوية طبيعية فلا يستدعي ذلك حضوره، وهناك من فارق الحياة ومؤشراته الحيوية طبيعية، فالمؤشرات الحيوية ليست مقياساً للألم.
بعض الأحيان يأتي الطبيب لزيارة المريض في الدورة الصباحية، ويجد المريض يتألم، فيخبره الطبيب بأنه يجب تقليل عدد جرعات الأدوية بسبب مضي خمسة أيام على وجوده بالمركز دون فحص أولي أو إجراء المزيد من التحاليل أو الفحوصات، للبحث عن المشكلة الأساسية التي يعاني منها المريض والتي تسببت بعدم تحسن صحته حتى الآن؛ بل يصر الطبيب على رأيه، وكأن الطبيب يعالج ملفاً صحياً وليس مريضاً، وعند حدوث مشاجرة بالألسن، فإن معاملة الطبيب تتغيّر للأسوأ، وكأنما يريد الطبيب أن يشفي غليله وما سببه المريض في تغيّر مزاجه على باقي المرضى دون مراعاة لحالاتهم الصحية والنفسية، وكأنما كل المرضى كانوا سبباً في حدوث المشكلة.
خلال المؤتمر الصحافي المذكور، أشار الأستاذ المساعد في الطب النفسي والعلاج السلوكي في مستشفى جون هوبكنز باتريك كارول: "ألم مرض فقر الدم المنجلي صعب ومن الصعب تحمله، وخصوصاً أن أسباب الألم متعددة، وعلاجها يتطلب تخصصات طبية كثيرة. من الصعب أحياناً السيطرة على الألم، إلا أن البحرين لديها الكثير من الأدوية المختلفة الأنواع، وإن كانت مختلفة الجرعات".
فمريض السكلر ليس مدمن أدوية أفيونية كما يحاول البعض تشويه صورته، فما ذنبه إن كانت وسيلة التخفيف من آلامه أدوية مختلفة ومتنوعة حسب شدة آلامه ومضاعفات مرضه، فالتواصل بين الطاقم الطبي والتمريضي أهم حلقة وصل لتخف حدة التشنج والتوتر الحاصل، لهذه اللحظة للأسف مجرد بهرجات وفرقعات إعلامية ما تردده وزارة الصحة من إنجازات حازت على رضا مرضى السكلر؛ والكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة والنظر بصورة تليق بإنسان مبتلى بمرض وراثي مزمن تزيد من وقار واحترام المريض للطاقمين الطبي والتمريضي. ونشدّد على ضرورة التواصل، فالمريض بحاجةٍ لعلاج ووسيلة للتخفيف من آلامه. ألم يكفينا فقد 356 أخاً وأختاً خلال عقد واحد من الزمن، وبالأخص أن متوسط أعمارنا نحن مرضى السكلر 40 عاماً. هل نقضيها على الأسرة البيضاء وبين جدران المستشفيات؟ ألا يكفينا كل هذا الذل والهوان والاستخفاف بآلامنا أو النظر لنا بنظرات شفقة أو ارتياب؟
نريد أن نعيش حياةً طبيعيةً بين أهالينا وأحبتنا... ونتقدّم بخالص الشكر والتقدير للقيادة الرشيدة والمسئولين في وزارة الصحة الذين يستمعون لنا والتجاوب معنا برحابة صدر، وللطاقم التمريضي الذي يسهر على راحتنا والطاقم الطبي الذي يسعى للتخفيف من آلامنا. شكراً جزيلاً لكم.
حميد مرهون