بصراحة ودون تزييف، كيف أثرت عليك وسائل التواصل الاجتماعي سواء من جانبها السلبي أم الإيجابي؟
أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي من الأدوات المهمة التي أولع الشباب بها، ودخلوا عالمها الخاص، عالم "الفيس بوك" و"التويتر" و"اليوتيوب" و"الانستغرام" و"السناب" و"الواتس اب" وغيرها، فاعتبرت وسيلة للتعبير عن النفس وتبادل الآراء والأفكار في مجتمعات مكبلة ومقيدة للحريات، حيث كسرت مواقع الاتصال القيود والحدود الجغرافية وتقارب الأفكار والأخبار، ونمت العلاقات بين الناس على اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم وبيئاتهم.
لقد أصبح الاتصال السريع محركاً أساسياً وقوياً بين الناشطين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين مع بعضهم البعض. وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا من حياة الإنسان، لا يمكن الاستغناء عنها حتى وصل عند البعض درجة الإدمان على رغم محاولة البعض الابتعاد؛ ولكن دون جدوى. هذه التقنية سلاح ذو حدين، إذا أُحسن استخدامها تعتبر وسيلة ناجحة في نقل الأخبار والتعليمات والوثائق والصور والأبحاث والأزمات والاحتفالات والأحداث بأسرع وقت وأقل تكلفة، حتى وسائل الإعلام مثل التلفزيون وغيره أخذت تعتمد على مواقع الاتصال في نقل الحدث من مكان الحدث بأقصى سرعة.
لقد نجحت شبكات التواصل الاجتماعي في التغيير والتعبير عما يكنه الشباب بداخلهم، متأثرين بثقافة العصر والانفتاح على الثقافات العالمية. أما إذا أسيء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بدون حسيب ولا رقيب، تتراجع منظومة القيم، وتصبح أداة خطرة عندما تزوّر الوقائع عن الحقائق وتفبرك الأحداث، وتنشر الشائعات، فهي ذات آثار سلبية على الفرد والمجتمع المحافظ على تقاليده ومبادئه وعاداته وثقافته؛ بل إن الإفراط في الاستخدام يؤدي إلى انعزال الفرد عن أسرته وجماعته، والبعد عن المشاركة الفاعلة مع أفراد أسرته ومجتمعه. كما أن غياب الرقابة الأسرية والمجتمعية على الأبناء، دافع قوي في إحداث سلوكيات غير مرغوبة وأفعال غير مقبولة.
كم من عقول لوثت بأفكار واتجاهات غريبة، فأصبحت مشوشة، مخربة، ومدمرة لتحقيق مصالح خاصة لفئات معينة بالتأثير عليها، واستغلال قواها بسقف مفتوح من الحريات اللامسئولة، وضرب الوحدة الوطنية، وقيم وعادات المجتمع، وإدخال أيدلوجيات وثقافات دخيلة ظاهرها جميل وباطنها خراب وتدمير.
لقد ركز بعض الأبناء والشباب في البحرين طاقتهم وعقولهم وأوقاتهم بمتابعة الأفكار والإشاعات والأحاديث المثيرة للفتنة، والمشجعة عليها لإثارة البلبلة، وتصيد الأخطاء. كما استخدمت العبارات المحرّضة على العنف والتمرد، والاستهزاء والتشهير والسخرية، وخدش كرامات البشر، بغرض إثبات الذات والتحدي، وتوسيع دائرة الخلافات وعدم احترام الآخرين، وتقدير آرائهم وتوجهاتهم بحجة حرية التعبير عن الرأي.
كم من جماعات تفرقت، وأسر تشتتت، وعلاقات انقطعت، وقضايا رفعت. لقد شغلت الأبناء والشباب عن الدراسة، وأصبح التعليم مع الأسف عنصراً ثانوياً بالنسبة لهم على رغم أهميته. لقد أهدرت طاقات الشباب عماد الوطن وثروته الحقيقية.
وعليه تتحمل الأسرة والمجتمع والدولة بكافة مؤسساتها مسئولية رعاية الأبناء والشباب وتعليمهم وتثقيفهم وتدريبهم لمواجهة المد الخطير، المثير للفتنة والتخاصم والعداء، والعمل على الرقابة وسن القوانين، وفرض الجزاءات للحد من إساءة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي. كما يجب نشر برامج التوعية وإقامة الندوات واللقاءات والحوارات وورش العمل التي تهدف إلى توجيه استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لأجل حماية أمن واستقرار الوطن وتنميته. فيا ترى ما التوقعات المستقبلية التي ستفرزها شبكات التواصل الاجتماعي على الأفراد والمجتمع؟ وما نوع المستقبل المنظور الذي سنواجهه؟
نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا
وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا
نبيهة النشابة