العدد 5066 بتاريخ 20-07-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةمنوعات
شارك:


جهود للحفاظ على لغة أباطرة الصين من الاندثار

سانجيازي (الصين)- أ ف ب

كانت الماندشو لغة أباطرة الصين على امتداد ثلاثة قرون إلى حين سقط الحكم الإمبراطوري أوائل القرن العشرين، لكن حفنة قليلة من الصينيين ما زالوا يفهمون هذه اللغة ويتكلمون بها، على غرار جي جينلو البالغ من العمر 71 عاما.

والماندشو شعب من مربي الماشية كانوا يعيشون في ما مضى قرب الحدود الصينية المنغولية، وقد وفدوا إلى الصين في القرن السابع عشر، وارسوا حكم سلالة تشينغ على أنقاض حكم أسرة مينغ التي حكمت البلاد بين العامين 1368 و1644.

وأصبحت هذه اللغة هي السائدة في بكين، واعتمدت في الوثائق الرسمية للإمبراطورية التي كانت واحدة من اكبر القوى في العالم آنذاك.

ولكن مع شيوع ثقافة جماعة هان العرقية، التي تشكل الغالبية في الصين، ذابت لغة الماندشو شيئا فشيئا، ولم يبق من الناطقين بها سوى تسعة أشخاص، من بينهم جي جينلو، يعيشون في قرية سنجيازي.

ويقول جي جينلو "نحن نتكلم اللغة الصينية حاليا، وإلا فان الشباب لن يفهموا ما نقول"، قبل أن يشرع في أغنية بتلك اللغة المندثرة ألفها بنفسه وهو جالس في كوخ في حقل للذرة.

وتقول منظمة يونسكو أن لغة الماندشو "في وضع دقيق"، على غرار ستة آلاف لغة توشك أن تختفي من العالم مع نهاية القرن الحالي.

إزاء ذلك، اتخذت إجراءات لإحياء هذه اللغة بين أقلية ماندشو التي يبلغ عدد أفرادها عشرة ملايين شخص.

في المدرسة الابتدائية في القرية الواقعة في شمال شرق الصين، تعطى الدروس لهذه اللغة، وترتفع في ممراتها لافتات مكتوبة بها.

في إحدى قاعات المدرسة، يجتهد طلاب صغار في ترديد حروف أبجدية ماندشو، ثم ينطقون بعض كلماتها.

يقوم على تدريس اللغة شي جوامغوانغ، وهو تعلمها من كبار السن في القرية، وسجل لهم مقاطع مصورة قبل أن يفارقوا الحياة.

وإذا كان هذا الأستاذ يرتدي الزي التقليدي لشعبه القديم، باللونين الأحمر واللازوردي، إلا انه لا يعقد آمالا كبيرة جدا على إحياء ثقافته كما كانت.

ويقول "لم نعد نعرف شيئا عن خصوصيتنا كشعب، لا من حيث اللباس ولا من حيث الطعام...الشيء الأساسي الذي بقي لنا هو اللغة".

إحياء اللغة

في عهد أسرة تشينغ، شهدت الصين توسعا في أراضيها، ثم عادت وانحسرت في القرن التاسع عشر تحت وطأة الحروب الأهلية والفساد وضغط القوى الأوروبية واليابان.

وتحت تأثير ثقافة الهان، تراجعت ثقافة الماندشو وأبدلت لغتهم بلغة الماندارين.

وفي ظل التمييز الذي كان يعاني منه من ليسوا من شعب الماندشو، اندلعت ثورات عدة أدت في العام 1911 إلى سقوط حكم أسرة تشينغ، وقيام الجمهورية.

تعرض الماندشو لردات فعل ممن كانوا تحت حكمهم، حتى أن مؤسس الجمهورية سون يات سن تعهد بدفع "هؤلاء الهمج الماندشو" إلى الأراضي التي أتوا منها قبل قرون.

دفع ذلك الكثير من أبناء هذا الشعب إلى إخفاء لغتهم، وفاقم من ذلك حكم ماوتسي تونغ الذي شن حملات للقضاء على الثقافات التقليدية والغريبة.

ويقول جي "في زمن الماوية، لم يكن أحد يتكلم بهذه اللغة... من كان يجرؤ على ذلك أصلا؟".

ومع موت ماوتسي تونغ في الثمانينات عادت الثقافات المحلية للأقليات العرقية لالتقاط أنفاسها.

ويقول المؤرخ يانغ يوان المقيم في بكين، وهو نفسه من شهب الماندشو "عاد الشعور بالانتماء إلى شعب الماندشو يظهر ويقوى".

وتعمل السلطات على تعزيز هذه الثقافة. فقد صارت اللغة مدرجة على قائمة اللغات المدرسة في عدد من الجامعات الصينية، وفي بعض المدن الكبرى تعقد حلقات لتعليم هذه اللغة للمهتمين.

إضافة إلى ذلك، تدعم الحكومة مشروعا كبيرا يرمي إلى ترجمة الوثائق المكتوبة في عهد أسرة تشينغ.

"نتكلم الانجليزية بشكل أفضل"

لكن في قرية سانجيازي، ليس من السهل إعادة نشر هذه اللغة، فمعظم الشباب منهمكون بالانترنت، وطامحون إلى مغادرة هذه القرية النائية.

يقول مارك اليوت أستاذ التاريخ في جامعة هارفرد "هذه القرية مهمة جدا، انها آخر مكان تستخدم فيه هذه اللغة، وان لم تبذل جهود لجعلها لغة مستخدمة في الحياة اليومية فانا أشك في أن تكلل الجهود الرامية لإحيائها بالنجاح".

على باب إحدى المدارس، يودع التلاميذ بعضهم بعبارات من لغة الماندشو، لكن احدهم سرعان ما يقر قائلا "بصراحة، نحن نتكلم الانكليزية أفضل".




أضف تعليق



التعليقات 1
زائر 1 | 8:27 ص كأنها حروف عربية بس بالمقلوب رد على تعليق