مركز "دراسات" يتناول في إصدار جديد: تأمين الطاقة النووية كخيار استراتيجي
المنامة - مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية
صدر عن مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة (دراسات) العدد الأول من المجلد الثالث (2016) من دورية دراسات عبر طرح عدد من القضايا الاستراتيجيّة، التي تهمّ مملكة البحرين والخليج العربيّ.
ففي ملف الدراسات قُدمت دراستان رئيسيتان الأولى منها بعنوان التغيير في النظام الدولي ومراكز القوى العالمية: رؤية مستقبلية، لأستاذ العلاقات الدولية بجامعة النهرين بالعراق محمد ميسر فتحي، تناول فيها أبرز ظواهر التغيير التي تعترض مسارات وتفاعلات النظام الدولي، ومّا تشكّله الأحداث والمتغيّرات التي تشهدها البيئتان الداخلية والإقليمية، فضلاً عن البيئة الدولية، وما تولّده من دوافع ومحفّزات توجّه حركة التغيير باتجاه إيجاد "حركة تغيير" دولية جديدة، تتبنّاها القوى العالمية الراغبة في إحداث التغيير؛ سعياً منها في ضمان مصالحها وأهدافها.
أما الدراسة الثانية فبعنوان مستقبل العلاقات العربية مع دول أميركا الجنوبية لباحثة مصرية متخصصة في شئون أميركا اللاتينية صدفة محمد محمود، تستشرف الدراسة لمستقبل تطور العلاقات العربية بدول أميركا الجنوبية على مدار السنوات الماضية في شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية، وذلك على إثر التحولات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وأميركا الجنوبية على مختلف الأصعدة.
وفي ملف العدد، فقد خصص ملف هذا العدد لقضية استراتيجية مهمة وهي تأمين الطاقة النووية كخيار استراتيجي، فمع تزايد الحاجة للكهرباء وشح المياه والنقص المتزايد في احتياطات النفط والغاز وتذبذب أسعارها يصبح اللجوء إلى خيار الطاقة النووية كمصدر لتوليد الكهرباء وإزالة ملوحة المياه خياراً استراتيجياً بالنسبة للعديد من الدول العربية ما يستلزم الإعداد له على المدى البعيد المتوسط، والتعرف على المتطلبات والشروط الأساسية والالتزامات التشريعية والمالية والإدارية الأخرى التي تصاحب قرار الشروع في برنامج القدرة النووية.
وأعلنت معظم الدول العربية رغبتها في إدراج خيار توليد الكهرباء وإزالة ملوحة المياه ضمن استراتيجياتها لتنويع مصادر الطاقة، واعتماد الاستراتيجية العربية للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية حتى العام 2020، عبر بناء محطات نووية، والاستخدام السلمي للطاقة النووية وخاصة في توليد الكهرباء وإنتاج المياه، ودراسة واستكشاف القدرة النووية كخيار عربي استراتيجي لأمن الإمداد بالطاقة.
وخصصت الدورية ثلاث مساهمات لتناول هذه القضية المساهمة الأولى بقلم الأستاذ المشارك بكليّة العلوم الاستراتيجية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنيّة بالمملكة العربية السعودية عادل محمد أحمد، حول السيناريوهات المستقبلية المحتملة لتطور سياسات انتشار الطاقة النووية: رؤية استراتيجية فى منطقة الشرق الأوسط، أما المساهمة الثانية فقدمها المدير العام للهيئة العربية للطاقة الذرية عبدالمجيد المحجوب، ومدير إدارة الشئون العلمية بالهيئة العربية للطاقة الذرية ضو سعد مصباح، حول القدرات النووية العربية لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر: الإمكانات والمخاوف، أما المساهمة الثالثة والأخيرة والتي قدمها مدير مكلّف بالالتزامات الدولية والضمانات - رئيس فريق الخبراء الوطني المكلّف بإعداد منظومة تشريعية ورقابية للأنشطة النووية، بالمركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية بالجمهورية التونسية عادل الرياحي، حول أمن الطاقة النوويّة والإشعاعيّة: الإطار التشريعيّ والرقابيّ.
وفي قسم القضايا الإقليمية، فقد خصصت الدورية موضوع التحديات الأمنية الإقليمية، من خلال محورين رئيسيين الأول قدمه الأستاذ المساعد بكليّة العلوم الاستراتيجيّة بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنيّة يحيى بن مفرح الزهراني، من خلال قراءة بعنوان المملكة العربية السعودية وتعزيز الوحدة الخليجية: قيادة التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب الجديد ما بين القانون والقوة، أما القراءة الثانية، فقدمها الأستاذ المشارك بالجامعة الأميركية في الإمارات موفق مصطفى الخزرجي بدراسة بعنوان الأزمة السورية ومواقف الدول الكبرى، تناولت تطورات الأزمة السورية واضطهاد النظام لشعبه وبروز الدور الروسي الذي قدّم الدعم السياسي للنظام في مجلس الأمن، واستخدم حقّ الاعتراض (الفيتو)؛ كما قدّمت روسيا الدعم العسكري للنظام السوري، وسلّحت قواته ودرّبتها، وأرسلت الخبراء العسكريين، وتحالفت مع النظام الإيراني.
وذكر رئيس مجلس أمناء المركز رئيس تحرير دورية "دراسات" خالد بن إبراهيم الفضالة، في افتتاحية العدد أن المشهد السياسي للعام 2015 حفل بوجود صراعات، وتطوّرات، وملفّات متتابعة ذات تداعيات عميقة؛ نتيجة لما تعكسه من حجم الاضطراب السياسي، والأمني، والاجتماعي، والاقتصادي، في منطقة الشرق الأوسط بأكمله، وهي بلا شكّ سترسم لنا معالم المشهد السياسي، للعام 2016 والأعوام المقبلة.
فهناك العديد من التحدّيات التي تهدّد الأمن القومي، والتي تتطلّب تحالفات قوية، وحوارات عميقة، برؤيةٍ استراتيجيةٍ واعدة، تتصارع مع أحداث ديناميكية متسارعة، ما يستدعي تشكيل جبهة إسلامية موحّدة، تحارب مختلف الجماعات الإرهابية التي تستغل الدين الإسلامي الحنيف؛ لتبرير ممارساتها التي لا تمتّ لتعاليم هذا الدين بأيّة صلة، وإيجاد نهجٍ أمنيّ متطوّر وموحّد؛ لمواجهة الإرهاب.
هنا يأتي دور مراكز الفكر في إيصال الأفكار والرؤى الجديدة - التي تعمل على تطويرها - إلى صنّاع القرار السياسي؛ عبر تقديم عددٍ من البحوث المبتكرة، والتحليلات السياسيّة المستقلّة، والمتطوّرة الجودة، حول السياسات في الداخل والخارج، ذات الأهمية لمتّخذي القرار، وفي المسائل السياسية والاقتصادية التي تواجه منطقة الخليج العربي والعالم العربي، والقضايا الحيوية على الساحة الدولية والمشهد السياسي المضطرب.
كما حرصت هيئة تحرير الدورية على انتقاء مجموعة من الإصدارات والمؤتمرات والوثائق وثيقة الصلة بالقضايا المطروحة، والتي تتكامل فيما بينها لتقدم معلومات مهمة تكون ذات فائدة لذوي الاختصاص. ومنها تغطية الدورية لوقائع مؤتمر صناعة التطرف: تدابير المواجهة الفكرية، بتنظيم من مكتبة الإسكندرية، في الفترة من 3 ـ 5 يناير/ كانون الثاني 2016، وتغطية ندوة الأزمة السورية: محرّكات الصراع ودور القوى الإقليمية والدولية، بتنظيم من مركز "دراسات" يوم الاثنين (28 ديسمبر/ كانون الأول 2015).
يذكر أن دورية "دراسات" هي دوريّة نصف سنويّة متخصّصة تصدر عن مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة بمملكة البحرين، تعنى بنشر الدراسات والتحليلات السياسية والدولية والاقتصادية والأمنية والطاقة والفضاء الرقمي، ذات الاهتمام بالقضايا الاستراتيجية بمفهومها الشامل، والتي تركّز على الشأنين الخليجي والعربي.