هل يوجد في زماننا ما يسمى بالتسول الأسود؟ وهل واجهته من قبل؟ وكيف تعاملت معه؟
التسول... هل هي صناعة محلية أم مستوردة من الخارج؟ في رسالتي اليوم التي أوجهها لهذه الفئة التي تزاولها أو تمتهنها، وأتمنى منها الإقلاع عنها، والتوبة إلى الله والندم على ما اقترفت أيديها من كثرة ما جمعت وشحتت الأموال؛ كثرت هذه الأيام في مجتمعاتنا ظاهرة "التسول" ومد اليد السوداء من فئة من أفراد المجتمع تطلب الحاجة أو مبلغاً من المال سلفةً مثلاً، وحينما يحصل على المال لا يُرى المتسول أو "الشحات" غباره، ولو صادفت وشاهدته وطالبته بالسلفة يكاد يبكي أو يبرّر بحرارة الصيف، أو بمرضه أو مرض زوجته حتى ينسل من بين يديك، كما تنسل الشعرة من العجينة! ثم ينتقل إلى شخص آخر وهكذا، أي أن المتسول يظهر للناس بلغة مغلفة جميلة، وأحياناً بدموع تماسيح وقلب أبيض؛ ولكنه في الواقع غير ذلك، بل هي حركات مشبوهة و"جمبزة" وضحك على الذقون، وتسوّل خبيث من نوع آخر، دون وازع ديني ولا حياء ولا خوف من الله سبحانه وتعالى. بل يصرون على مزاولة هذه المهنة وامتهانها مع اختراع أساليب أو ابتكار مبررات كاذبة ليسلبوا أموال الناس الأبرياء العاطفيين الطيبين ليطعموها أولادهم منها. والسؤال المفروض طرحه هو: بما يطعمون أولادهم؟
إنه من المال السحت، أي من مال "الغلابة" الذين ينخدعون من كلامهم الذي يتبدل ويتغيّر في كل مرة حسب موقفهم من المغلوب على أمرهم أو شخصيته، فمثلاً ابنتي مريضة أو زوجتي في الطوارىء، أو إنني مديون والبنك يطالبني، وعليّ أمرٌ بالقبض وهكذا مبررات لا تنتهي. أو يأتيك المتسول ويقرع بابك في وقتٍ حرجٍ يستعطفك في حالة زوجته أو ابنته، ماداً يده إليك متوسلاً بالله حتى سقطتَ أمامه، وأخرجتَ له محفظتك، زاد من نبرة صوته الحزينة التي تتماشى مع كل زمان ومكان، أو حتى يعلو بكاؤه ولا ينقطع ولا يتوقف إلا عندما يرى العشرة دنانير أو أكثر في يده، ليبادر إلى تقبيلك أو حتى تقبيل رجليك إذا استطاع إلى ذلك سبيلاً.
بالأمس أخبرني أحد الأصدقاء أنه أقرض أحد المتسولين مبلغاً لا بأس به، واثقاً منه لسبب بسيط، هو أن المتسول من قراء الذكر الحكيم خصوصاً في شهر رمضان، لكنه ما لبث أن اختفى أو بلعته الأرض، ولم يعد يُرى. وحينما شاهده بعد طول انتظار وطالبه بالمبلغ كاد أن يسمع بكاءه عند "سوق واقف"، لكن صديقنا قطع بكاءه قائلاً له إنه سيشكوه إلى والديه وأخوته، فبُهت الذي كذب وقال له: أمهلني جمعة!
رسالتي التي أوجهها للناس هي الحذر والانتباه إلى مثل هؤلاء الأشخاص الذين يتلونون ويتشكلون كالحرباء، حسب الموقف والشخص وأن لا ينخدعوا بكلامهم.
مهدي خليل