تقرير صندوق النقد الدولي: سوريا تتراجع 20 سنة إلى الوراء
الوسط – المحرر الاقتصادي
جر الصراع في سورية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية في البلاد عشرات السنين إلى الوراء، راسماً تحديات ضخمة في المستقبل.
ووفقاً لما نقلته صحيفة "القبس"، بحث تقرير حديث تأثير الصراع المستمر منذ خمس سنوات في سوريا، قال صندوق النقد الدولي إن اقتصاد البلاد عاد عقوداً إلى الوراء عن مستويات ما قبل الحرب، وإن إعادة بناء رأس المال الاجتماعي والبشري في سوريا ستكون مهمة مضنية للجميع.
وذكر التقرير أن الناتج المحلي الإجمالي لسوريا اليوم أقل من نصف ما كان عليه قبل اندلاع الحرب، وقد يستغرق الأمر 20 سنة أو أكثر لإعادته إلى مستوياته السابقة. وعلى الرغم من أن اقتصاد البلاد كان قبل 2011 محدوداً لجهة ضعف بيئة الأعمال وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، فإنه كان يشهد حالة من الاستقرار.
وفي حين أشار صندوق النقد إلى أن الأرقام الخاصة بسوريا تخضع لدرجة غير عادية من عدم اليقين، قدر تفاقم العجز المالي للبلاد بأكثر من الضعف مسجّلاً 20 %من الناتج المحلي الإجمالي. في وقت انهارت فيه الإيرادات الحكومية وارتفع الإنفاق مع توظيف المزيد من الأموال في صرف أجور القطاع العام والنفقات العسكرية واستيراد السلع الأساسية.
وارتفع الدين العام لسوريا بشكل كبير، مع تقديرات صندوق النقد الدولي بأنه بلغ أكثر من %100 من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية عام 2015، مقارنة بـ31 % في نهاية عام 2009. كما زاد الدين الخارجي أيضاً من 9 %إلى 60 %من الناتج المحلي الإجمالي خلال نفس الفترة.
وبحسب التقرير ونظراً للدمار غير المسبوق الذي شهدته سوريا، فمن الصعب مقارنة الحالة السورية بغيرها لناحية فرص الانتعاش بعد انتهاء الصراع، ولكن التقرير رجح أن يستغرق الأمر 20 سنة على الأقل، حتى تتمكن البلاد من إعادة ناتجها المحلي الإجمالي إلى مستويات ما قبل الحرب.
وأوضح التقرير أن إصلاح البنية التحتية المدمرة مهمة بالغة الصعوبة، مع ارتفاع تكاليف إعادة الإعمار التي تتراوح بحسب التقديرات بين 100 و200 مليار دولار، أي ثلاثة أضعاف الناتج المحلي لسوريا في عام 2010.
وأشار صندوق النقد الدولي إلى أنه في حال تصاعد الصراع بوتيرة أكبر، كما حدث في النصف الثاني من عام 2015، فستصبح تكلفة إعادة الإعمار أعلى من ذلك بكثير، فيما ستكون مهمة إعادة بناء رأس المال البشري والاجتماعي في سوريا تحدياً أعظم سيتطلب فترة أكبر.
وقد خلفت الحرب ارتفاعاً مهولاً في أعداد الفقراء ودماراً لحق بالخدمات الصحية والتعليمية، ودفعت ملايين السكان للنزوح الداخلي أو للهجرة إلى الخارج.
وتقلص عدد السكان في سوريا بنسبة 20 % – 30 %، فيما نزح 50 % داخلياً وفر عدد كبير من القوى العاملة وذوي المهارات العالية ورجال الأعمال الذين يعيشون الآن في الخارج. بالإضافة إلى ذلك، رأى العديد من الأطفال السوريين النور داخل دائرة الصراع فخسروا التعليم، إذ تقدر منظمة اليونيسف أن سوريا فقدت 10.5 مليارات دولار من رأسمالها البشري.
وختم صندوق النقد تقريره بالقول إن فترة ما بعد الحرب السورية ستتطلب إجراء إصلاحات اقتصادية ضخمة، بما في ذلك برامج تركز على استقرار الاقتصاد وحماية الفئات الأكثر فقراً، فضلاً عن إعادة بناء المؤسسات وتحسين الحوكمة.