"رسالة مواطن"... ماذا نقول بحق كل من فقد حبيباً غالياً على قلبه في يوم العيد؟
ها قد جاء العيد يا أبي وأرى الناس يتسابقون لاستقبال صباح مزهر يحمل في طياته أملاً وحلماً جميلاً، لكن ما بال هذا العيد حزين كئيب... أراه يتقدم نحو بيتنا بخطى بطيئة ثقيلة، إنه يخجل من دخول بيتنا، لأنه يعلم تماماً أن سر الفرحة وهي أنت يا حبيبي قد ولت ورحلت وانتقلت إلى بارئها.
لم يعد هناك ما يسعد. وجودك يا والدي واستقبالك للمهنئين هو كان العيد لنا، هو كان فرحة العيد، لكنك هذا العيد يا أبي لن تكون موجوداً كما تعودنا.
اليوم سآتي وأزورك ولكن سآتي إلى قبرك لأقرأ لك الفاتحة، وأدعو لك الدعاء، وأضع على قبرك الزهور.
جاء العيد ومنزلنا حزين، وأنا جالسة أراقب كرسي والدي المعهود، وأمامي فقط صورة واحدة، إنها صورة أبي الذي استرخى أمامي جثة هامدة دون حراك.
أبي أقوى رجل بعزة نفس، رأيته أمام عيني يرضخ للموت ولا يقوى على عناده بحركة أو بهمسة أو بلفتة. كنت أنظر إليه وأحاول المساعدة، ولكنني كنت عاجزة عن فعل أي شيء.
كنت أناديه وأصرخ لأوعيه، لكنه لا يسمع ولا يحرك ساكناً. في كل عيد نلتقي في منزلنا، ولكن في هذا العيد من أعايد؟ من أهنّئ؟ ورأس من أقبّل؟
وكيف أستقبل عيداً ينقصه أبي؟ كيف أفرح في عيد ليس فيه أبي؟
كيف أتهيأ، وسر قوتي اختفى من دنياي وأصبح ماضياً ولن يعود؟
أنا مؤمنة إلى أبعد الحدود، ولديّ إيمان كبير أن الموت نهاية حتمية لكل منا، لكن الموت كان قاسياً عليَّ جداً جداً.
اليوم سآتي وأزورك لأعايد عليك، ولكني سأزورك في قبرك لأقرأ لك الفاتحة، وأدعو لك الدعاء، وأضع على قبرك الزهور.
لا أحد يستطيع نسيان ضحكتك وروحك المرحة وطيبتك اللامتناهية وعهدك ووفائك وصمودك يا من أسميتني نضال، تيمُّناً بنضالك. كم أنا فخورة بك يا والدي حيّاً وميتاً فلو كان للمعاملة الحسنة نموذج لكنت أنت، تعجز الكلمات يا أبا وليد.
صراخ بداخلي لو خرج، لأسمع كل من في الأرض، دمعة محبوسة في عيني لو نزلت لحفرت فوق خدّي مجراها، رحمك الله يا أغلى الناس يا أبي.
وكل عام والجميع بخير.
نضال السلمان