قصة قصيرة... نجمة
قصة قصيرة - فاطمة عادل الأنجاوي
- أترين تلك النجمة هناك؟
- ما بها؟
- تقول جدتي أنها تبتسم هذه الليلة لمن تختاره من سكان الأرض لتحقق أمانيه.
- ولم؟
- إنها ليلة زفافها.. فهي عروس للقمر.
- أحقاً ذلك؟
- ربما.
كم تمنيت في تلك الليلة أن تبتسمي لي يا سيدة المساء.. لأن تنظري لي بأهدابك الممشوقة بأغنيات السمر... لأنظر تماماً في منتصف عينيك وأقول: خذيني إليك.
آه يا عشتار المساء... دعيني أتمسك بطرحتك الطويلة التي تلامس الأرض... دعيني أشاركك في مراسم القربان لأزفك لذلك المذبح... ياه... رائحة عودك قد لامست رئتي... ووصيفاتك ينقشن الحناء بكفيك... أراك هناك في عرش الصمت متربعة... لابد أنك متوترة... دعيني أسامرك بحديثي قليلاً يا عذراء يوليو... دعيني أجدل شعرك الذهبي... لأخبرك لماذا زهدت الأرض وعشقت السماء.
قد تتساءلين ما بها أرضي الزرقاء المشوبة بالخضرة!... إنها جنة الفضاء القرمزي... لابد أنك رأيت أرضاً أكثر رعباً من أرضي.. وربما تضحكين على تبرُّمي وسخطي... ولكن... إن في الأرض ما لم تستطع أشعتك الصغيرة أن تراه... إن في أرضي ما ستسمعين وسترين فيه عجباً.
قبل أن تظهري بدقائق فقط... أذيع في النشرة الإخبارية أن في إحدى صحارى إفريقيا المجهولة وجدت جثة نافقة بدون رأس أو يد أو حتى رجل... بربك... أتوجد نجمة نافقة في عالمك؟! ليست نافقة فقط... بل ناقصة أيضاً.
حسناً... دعينا من الجثة... جارتنا العجوز... فقدت أباها في حرب الـ 67 ومن ثم زوَّجها في الحرب التي بعدها... وأولادها في الحرب التي بعدها. خلاصة الأمر أنها بقيت وحيدة، بشعر أبيض، ونصف عقل؟! بالمناسبة، تلقب بـ "فريدة المجنونة".
أتدرين ما المضحك حقاً؟ ذلك الرجل الذي نسي الأطباء المقص في بطنه أثناء العملية. أتعتقدين أنه من المسموح له أن يعبر الجهاز في المطار دون أن يرن جهاز كشف المعادن؟ وماذا سيقول عندها؟: مقص في أمعائي؟؟
قد تخيفك هذه الحكاية؛ لكن عروساً هوت بنفسها من الطابق العشرين؛ بعد أن اكتشفت خيانة من يفترض أنه عشيقها، في ليلة زفافها!!
يا للمسكينة... اختارت طابقاً على عدد سنوات حياتها لتموت منه.. أه ه ه.. عناوين وعناوين... الطائرة الضائعة... الخادمة القاتلة... شظايا القنابل... يتم وأرامل، وخزعبلات لا تنتهي.. لكن لا تخافي مازلنا نعيش والدنيا بخير.
لحظة... إلى أين ترحلين يا حسناء تموز؟... أنا لم أنته فالمساء طويل، ومأساتي أزلية. هل خفت؟ حسناً، سألتزم الصمت. فقط دعيني ثاوية تحت ضوئك في ظلمة الليل.
- يبدو أنني أخطأت..
- ماذا تقصدين؟؟
النجمة. اختفت. أظنها كانت ضوء طائرة عابرة ليس إلا. آسفة.
- هه.. انسيْ الأمر
ملحوظة: يقال بأن النجمة قد جرَّحت معصمها خوفاً من أن تصيبها لعنة أهل الأرض. تقبل التعازي في سماء المشتري!