وسم سيلفي وعلى مذهبك الأكثر تداولاً في السعودية
الوسط - محرر المنوعات
أثارت الحلقة الثانية من مسلسل «سيلفي» الذي يبث على قناة «إم بي سي» ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي لعزفها على وتر المذهبية. وخطفت هذه الحلقة الأضواء من الحلقة الأولى التي كانت مزدحمة بأكثر من عشرة انتقادات، من تعثر الإسكان، إلى التعصب الرياضي، إلى التشدد في الفتوى، وصولاً الى تكافؤ النسب والرشوة والجمود وعدم التطور.
الحلقة الثانية حملت عنوان «على مذهبك»، وجاءت صادمة وغير متوقعة، خصوصاً مع تسريب صورة منها قبل عرضها للفنان ناصر ناصر القصبي وهو يمثل دور «معمم شيعي»، لتبدأ التأويلات والتوقعات حول أول دور «شيعي» يمثله فنان بحجم القصبي، بحسب تقرير لصحيفة "البيان" الامارتية اليوم الخميس (9 يونيو / حزيران 2016).
وأحدثت هذه الحلقة ردود فعل متباينة، طغى عليها الحسّ الفكاهي، ولم يكن هناك أي تشنج، كما كان متوقعاً، من الجانب الشيعي، بخاصة أنها المرة الأولى في السعودية التي تجسد فيها شخصية دينية شيعية في إطار كوميدي، بل وحتى مع مرور المشاهد على بعض المعتقدات الدينية كان التعاطي معها هادئاً وضاحكاً.
ولعلّ سَّر نجاح حلقة «على مذهبك»، هو جرأة الطرح الذي اعتمد عليه طاقم عمل النسخة الثانية من المسلسل الذي بات واحداً من أهم المسلسلات التي لا تجد حرجاً في الدخول إلى أقصى عمق في انتقاد المجتمع من أجل الوصول إلى مكمن المشكلة. ولعلها المرة الأولى التي يتناول فيها مسلسل سعودي الانقسام الطائفي الذي صور بقالب ساخر كوميدي، بعدما كان من المواضيع المتشنجة التي لا يمكن الاقتراب منها.
ووصلت الحلقة في نهايتها إلى نتيجة حتمية، أن «الإنسان لا يختار انتماءه المذهبي»، وأن الاختلاف موجود وتضخيمه كان بيد الأطراف جميعاً»، ثم ان القبلة التي ختم بها بطلا الحلقة «يزيد» و «عبدالزهرة»، كانت رسالة واضحة للمحبة على رغم الاختلاف، وأرادها القائمون على العمل أن تصل بقالب ضاحك، على رغم اتساع الشق.
وفي هذا السياق، وجه بطل العمل الفنان السعودي ناصر القصبي عبر حسابه في «تويتر» رسالة بدأها بالشكر لجميع متابعيه، بعد ما أسماه «التعليقات الإيجابية» التي تلقاها بخصوص الحلقة، وقال: «الاتصالات تحاصرني من كل الاتجاهات ومن كل مكان، والأجمل الإشادة والإطراء من الطرفين سنة وشيعة»، وختمها بـ «الأعزاء هذه الحفاوة وهذا الثناء محل اهتمامي وتقديري الشديدين».
دارت أحداث الحلقة حول طفلين تربى أحدهما في أسرة سنية والآخر في أسرة شيعية، وبعد مضي عقدين يكتشف الشابان وأسرتاهما أن خطأ طبياً وقع في المستشفى الذي ولدا فيه في التوقيت ذاته، وتم إعطاء كل واحد منهما لأسرة مختلفة في كل شيء والأهم في الانتماء الطائفي، ليعودا الى أسرتيهما الحقيقيتين، ولكن بمعتقدين مختلفين ومغايرين عما تربيا عليه.
ويحاول الشابان اللذان وجدا نفسيهما مرغمين على التعايش مع المعتقدات الجديدة، تغيير الأفكار والمفاهيم الخاطئة التي تؤمن بها كل أسرة ومنها التشكيك في الأسرة الأخرى ورفضها، لتكشف الحلقة أن التباين الموجود ما هو إلا من نسج الخيال، وأن التقارب يمكن أن يحصل في ضوء احترام جميع الأطراف معتقدات الآخر.
حظيت الحلقة بانتشار واسع، من طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وركز مغردون على «حرفية الحلقة التي تناولت الصراع الطائفي في المجتمع ببراعة وإتقان»، والعزف على هذا الوتر الحساس كان من طريق المضحك المبكي. ولم يخف مغردون إعجابهم بجرأة القصبي الذي يفاجئ الجمهور من وقت الى آخر بحلقات مماثلة، إذ لا يزال الجمهور يتناقل مشاهد حلقة «داعش» التي حققت نسب مشاهدة عالية العام الماضي، فيما حقق وسم «سيلفي» و «على مذهبك» مراكز متقدمة في قائمة الأكثر تداولاً في السعودية.
ولم يتوقف التغريد حول هذه الحلقة حتى ساعات الصباح الأولى من اليوم الثاني، ومن تلك التغريدات ما كتبه المغرد عبدالعزيز السبيعي حين قال: «المهم في يزيد وعبدالزهرة أن يتعايشا مع بعضهما بعضاً بعيداً عن الإلغاء والتكفير، علينا تعزيز ثقافة التعايش والاختلاف المذهبي». فيما غرد أستاذ اجتماعيات العلوم والمعرفة في جامعة الملك سعود في الرياض الدكتور عبدالسلام الوايل: «هذا هو الفن الراقي والإبداعي الذي يرتقي بالمجـــتمع، فتــحية كبيرة بحجم الدمار الذي حققه التعصب الطائفي، لناصر القصبي وفريقه الفني»، فيما رأى المغرد جعفر الناصر أن «حلقة اللــيلة هزّت في دقائق حواجز الكراهية والحزبية التي بُنيت خلال عقود».