(رسالة مواطن)... ماذا تقول بحق أميرتك التي تطهو لإفطارك في شهر رمضان رغم زحمة الأشغال؟
في كل عام يحل علينا شهر الله العظيم بأطباقه الشهية المشهورة، وبجوائزه ومكافآته الإلهية لنا، فخيرات الله ومكافآته كثيرة لا تحصى في كل بيت وفي كل يوم وليلة، خصوصاً في شهره الكريم، حيث تتضاعف الحسنات بمقدار الأعمال... ففي كل بيت يوجد مطبخ أو حتى مطبخان في حال كبر حجم العائلة، لكن الغريب أنه ليس في كثرة المطابخ وكبر حجم العائلة، إنما استغرابي هو من يدخل المطبخ؟ ومن يتحمل طوال الوقت العمل في المطبخ؟ ومن يعد هذه الأطباق الشهية الحارة والعصائر الباردة كل يوم؟ كطبق الشهر المشهور "الثريد بمرقة اللحم والخضراوات"، المرقة التي تبهظ كبار "الشف" في فنادق 5 نجوم والتي تسيل لعابك في كل مساء، وأنت تشم رائحتها من بعد قبل أن يرفع الأذان.
الأطباق الباردة، كالحلويات بكافة أشكالها وأنواعها، والأطباق الأخرى التي لا تعد ولا تحصى، أعتقد أن الهامور الذي أخفيته، ليس له عدو، فجميع أفراد الأسرة أصدقاء وأصحاب له، فحينما يقدم لك طبقه وهو يتوسط صحنك ورأسه الكبير مبهّر ومتبّل بتتبيلة "أم علي" منسدحاً على كبسة الرز، والله لو جاءتك مكالمة أو صاحب صديق لن تلبي طلبه، فلعابك يسيل أمام هذا الطبق، فهل سألت نفسك في حينها من أعدّه؟ لا لن تسأل لماذا؟ فبالك وعقلك راح معه ومع رائحته الطازجة، وقد نسيت حتى أن تقدم الثناء والشكر لليد التي أعدته، إلا حينما تملأ معدتك منه، رميت كلماتك المعسولة "تسلم هاليد التي طهته" ،لأنك اعتدت على أطباقك الشهية كل ليلة، فلماذا تسأل؟
طيب لكن لو في إحدى ليالي الشهر الكريم، حضرتَ إلى بيتك ولم تجد شيئاً، هل ستصمت؟ أم ستخرج عيناك خارجاً، وينتشر شنبك، وتكسر أي شيء أمامك؟ من الطبيعي بمكان أن الإنسان يسأل عن المفقود وليس عن الموجود، ومتى يصبح الكنز عزيزاً وغالياً؟ بالطبع حينما يفقد أو يختفي. أحبتي بالمختصر المفيد من عنده زوجة طباخة ماهرة فهي "أميرة" وأميرة الأميرات، وأميرة الطهاة في فنادق 7 نجوم، وليس كل أميرة هي أميرة، فكم من أميرة متربعة القصر والخدم والحشم يخدمونها وهي لا تفقه أن تعد لزوجها طبق بيض أو فنجان قهوة! لكن أميرتك التي في بيتك وخصوصاً عندما تكون عاملة ذات وظيفة، تعود من عملها لتباشر شئون الطهي فهي أميرة بحق وحقيقة، فلها الكثير من الأجر والثواب، فاشكر ربك على نعمه الظاهرة والباطنة وبالأخص زوجتك التي تعد لك الأطباق الشهية كل ليلة وهي صائمة مثلك، حيث تتعرض لحرارة الموقد وحرارة الطقس، وتصبر على التعب وتتصبر على إعداد أطباقك، حتى تخرج لك ثريداً ولحمة مشوية شهية، أو شوربة دجاج أو كبسة هامور. فلو ذهبت يوماً إلى أحد المطاعم لن تجد أطباقك وستدفع الضعف خالي البطن، إذن ألا تستحق أميرتك الثناء والشكر كل ليلة؟ ألا تستحق هدية طوال الشهر وهي تعيش في المطبخ طوال الشهر الكريم.
مهدي خليل