غوغل تحتفل بعيد ميلاد المخرجة الألمانية لوتا راينيغر الـ 117
الوسط- محرر منوعات
يحتفل محرك البحث غوغل بالذكر ال117 لميلاد منتجة ومخرجة أفلام الرسوم المتحركة لوتا راينيغر الألمانية المولد واحد أهم رواد فن الرسوم المتحركة في التاريخ.
وقدمت لوتا راينيغر خلال مسيرتها سبعين فيلما، إلا انه وللأسف القليل من أفلامها فقط هو الذي لا يزال صالحا للمشاهدة، للعديد من الأسباب كما أن منها أفلام محفوظة في مكتبة الكونغرس الأميركي على سبيل المثال، لأسباب تتعلق بحقوق العرض، ولم تكن راينيغر مخرجة فقط، ولكنها كانت مبدعة ذات خيال خصب فأغلب شخصياتها رسمتها من وحي خيالها، ومن أهم أعمالها المشهورة "مغامرات الأمير أحمد".
وهي من مواليد مدينة برلين في مقاطعة شارلوتنبورغ فيلمسدورف، في يوم 2 يونيو/ حزيران 1899، وظهر شغفها بالفنون من صغرها حيث أغرمت في طفولتها بمسرح العرائس الصيني والذي يطلق عليه "عرائس الظل" وتمكنت من عمل مسرحها الخاص، والذي قدمت فيه باكورة عروضها للعائلة والأصدقاء.
وابتكرت لوتا راينيغر طريقتها الخاصة في تحريك شخصياتها حيث كانت تقوم برسم الشخصية وقصها وربطها بواسطة أسلاك ليسهل تحريكها على خلفية مناسبة، تساهم في شرح القصة والأحداث، والتي كانت مليئة بالخيال والمغامرات، ومصحوبة بالموسيقى وعوامل الإبهار المتاحة في ذلك الوقت، وإيجاد تفاعل قوي ومؤثر بين عناصر القصة المستخدمة.
وقدمت لوتا راينيغر أفلام هامة من ضمنها "سندريلا" و"الجمال النائم" و"الحقيبة الطائرة" و"الدكتور دوليتل وحيواناته" و"مطاردة الحظ" و"10 دقائق مع موتسارت" و"هانسل اند جريتل" و"الأمنيات الثلاثة" وغيرها من الأفلام التي شكلت بداية هذا الفن الذي شهد تطورا غير عاديا في 100 عام.
وكانت لوتا راينيغر في بداية مشوارها مع الفن تميل إلى التمثيل ودرست هذا الفن مع ماركس رينهارت الممثل المعروف، إلا أن مهارتها في تحريك الرسوم وإبداع قصص ومغامرات لفتت انتباه المخرج المعروف بول ويجنر، حيث طلب منها صناعة أشباح يمكن تصويرها لتظهر في أحد أفلامه، والتي أنتجت في ألمانيا في عام 1916، وقدمها رينجر لمجموعة من الشباب اليافعين والذين اظهروا مهارة في مجال تحريك الرسوم، وقاموا معا بتأسيس أستوديو خاص بالرسوم المتحركة، وبعدها بثلاثة سنوات فقط، أنتجت راينيغر أول أفلامها في العام 1919.
وتزوجت لوتا راينيغر من "كارل كوش" في العام 1921، وهو أيضا كان من المهتمين بفن الرسوم المتحركة، وأسس أستوديو خاص بها، وعمل كمصور ومنتج لأفلامه وحتى وفاته في العام 1963، وحصل الزوجان على الجنسية البريطانية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وسافر الزوجان الموهوبان إلى لندن العاصمة البريطانية، حيث عملا معا في "مركز أبي للفنون" في شمال المدينة وارتبطا بعلاقة صداقة وثيقة بابن مصرفي شهير في ذلك الوقت اسمه لويس هاجن، وهو الذي ساعدهما في إنتاج فيلم "مغامرات الأمير أحمد" وهي أيضا الفترة التي شهدت نشاطا فنيا كبيرا من راينيغر وقدمت العديد من الأعمال التي أثرت هذا الفن الناشئ، ومثلت لها أوج سنوات حياتها الفنية حيث قامت بعمل عشرة أفلام مختلفة في أقل من عامين وكلها تعتمد على القصص الخيالية الكلاسيكية المعروفة منها قصص للأخوان جريم وللكاتب العبقري هانز كريستيان اندرسون ومن كتاب ألف ليلة وليلة العربي الحافل بالقصص الخيالية، ما أهلها بجدارة لإحراز جائزة الدولفن الفضي في مهرجان البندقية في عام 1954.
وشهدت سنوات لوتا راينيغر الإبداعية فترة انقطاع، هي العشرة سنوات التي أعقبت وفاة زوجها والتي كانت حياتها فيها أشبه بحياة الراهبات الزاهدات، إلى أن تلقت دعوة في عام 1969 لزيارة مسقط رأسها في ألمانيا للمرة الأولى منذ أن هاجرت مع زوجها بسبب الحرب، وأعادتها تلك الزيارة إلى الأضواء والى الذاكرة، وخاصة في بلدها الأم ألمانيا – أو ألمانيا الغربية بسبب انفصال البلاد بحائط برلين الشهير – ومنحتها بلادها جائزة ذهبية في العام 1972، كما نالت جائزة الاستحقاق في عيد ميلادها الثمانين في العام 1979.
وألقت لوتا راينيغر محاضرة في أوائل السبعينات في الولايات المتحدة الأميركية، وصفت نفسها فيها بالفنانة البدائية التي تبحث عن الدفء وعن الحنان.
وأعادت لوتا راينيغر تجربتها مع صناعة الأفلام في السنوات الأخيرة من عمرها في كندا حيث قامت بإنتاج فيلمين آخرين، أعادت فيهما اكتشاف نفسها، وأظهرت للجميع أن أناملها الذهبية لم تفقد يوما سحرها الخاص، وأظهرت في فيلم "الوردة والخاتم" براعة متناهية وهو عن قصة الكاتب ثاكيراي.
ولم يقتصر النجاح الذي حققته لوتا راينيغر على أوروبا وأميركا فقط، ولكنها أصبحت اسما لامعا في اندونيسيا والصين أيضا، بسبب عشقها للأساطير والحكايات الخيالية الشرقية.
ويعد فيلم "مغامرات الأمير أحمد" والذي صنعته لوتا راينيغر في عام 1923 ولم يعرض إلا في العام 1926، من أروع وأفضل الأفلام الساحرة والتي صنعت في تلك الحقبة الزمنية، التي كانت فيها الإمكانيات ضعيفة، فهو فيلم رائد فيما يخص أفلام الرسوم المتحركة الطويلة، والذي تمتع بكل عناصر النجاح في أجواء من الكوميديا والرومانسية الخيالية، والغناء والعالم الساحر الذي يظهر فيه الشر والخير وتم تجديد الفيلم في عام 1954 حيث قام الخبراء بتسريع اللقطات فيه وتلوينه كما وضع موسيقاه فريدي فيلبس كبديلا للسيمفونية المذهلة التي كانت مصاحبة للفيلم الأصلي من تأليف الموسيقار وولفغانغ زيلر.
وبعد النجاح الكبير الذي حققه فيلم الأمير أحمد أخرجت لوتا راينيغر فيمها "الدكتور دوليتل" والذي يتحدث عن رحلة احد الأطباء المهتمين بالحيوانات إلى إفريقيا ليعالجهم ويعتني بهم، كما قامت راينيغر في العام 1925 بصناعة فيلمها "الفتي وسحر الأشياء" والذي يحكي عن طفل مشاغب يقوم بتحطيم ألعابه وتمزيق كتبه وتكسير الأطباق، وتعود إليه كل هذه الأشياء لتحاسبه على ما فعله بها، ما يجعله يعترف بذنبه ويتوقف عن أفعاله.
وبالإضافة إلى أفلام الرسوم المتحركة التي نفذتها لوتا راينيغر للأطفال قامت أيضا بتنفيذ بعض الأفلام الدعائية، وأعربت راينيغر في أكثر من مرة عن سعادتها بصناعة أفلام خاصة بالأطفال، لأنها تعتبرهم جمهور حساس للغاية ويكفائك على مجهوداتك باهتمامه بما يتم تقديمه له.
وقدمت لوتا راينيغر عروض الظل واستخدمت الدمى في عروض حية، كما الفت كتابا عن الصور الظلية.
ويعتبر النقاد ان راينيغر هي العبقرية الرئيسية وراء كل أفلامها، وأنها تمتعت بقدرات غير عادية في رسم وقص الشخصيات، وتحريكها، وتحديد الشخصية والمغامرات التي ستقوم بها، وكان زوجها المحرك للكاميرا، في مجموعة عملهم الصغيرة المبدعة.
وعلى الرغم من سوء الطباعة وبدائيتها، إلا أن أعمال رينيغر تستحق المشاهدة على الرغم من مرور كل تلك السنوات عليها، ويوجد بعض من أعمالها محفوظا في "متحف نيويورك للفن الحديث".
وكانت راينيغر وزوجها يساريان رفضا صعود النازية وحاولا ترك ألمانيا على رغم أنهما ليسا يهوديين وواجها الكثير من الصعاب في أن يعيشا في فرنسا بتأشيرة هجرة، وحتى وهما يصنعان فيلم لفرنسا في عام 1933، حيث عملت راينيغر في فيلم "بابست" في هذا العام، إلا أنها اضطرت إلى العودة إلى ألمانيا بعد انتهاءها من تصوير الفيلم.
وفي رحلة بحثها عن اللجوء قدمت ستة أفلام بين اليونان وانجلترا والعديد من البلدان الأخرى، واستقرت راينيغر في انجلترا بتأشيرة سياحية واضطرت للخروج والدخول إليها كل عدة أشهر كما اضطرت مع زوجها للسفر إلى ايطاليا مع بداية الحرب العالمية الثانية، ثم إلى فرنسا، وحتى نالت وزوجها أخيرا الجنسية البريطانية.