تركيا تنتقل إلى النظام الرئاسي حتى بدون التعديل الدستوري
أنقرة – رويترز
في الوقت الذي يتهيأ فيه رئيس الوزراء التركي الجديد لإعلان التشكيل الوزاري لا يوجد شك يذكر أن المهمة الرئيسية لهذه الحكومة ستكون الموافقة دون تفكير على أمر أصبح حقيقة واقعة وهو الانتقال إلى نظام رئاسي كامل يقبض فيه الرئيس رجب طيب إردوغان على زمام الأمور.
فقد أكد إردوغان يوم الأحد تعيين بن علي يلدريم حليفه الوثيق منذ 20 عاما وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية الحاكم رئيسا للوزراء ليضمن ولاء الحكومة في سعيه لتغيير الدستور وتحويل تركيا من النظام الديمقراطي البرلماني إلى الرئاسة التنفيذية.
وقال ثلاثة مسئولين كبار في حزب العدالة والتنمية إن تعيين يلدريم سيقضي على أي جيوب للمقاومة داخل الحزب لخطط إردوغان وتوقعوا ألا يضم التشكيل الوزاري المتوقع إعلانه اليوم الثلاثاء سوى الموالين.
وقال أحد المسؤولين "دخلنا فترة نظام رئاسي ‘فعلي‘ ستنفذ فيه سياسات إردوغان بكل وضوح" وتوقع إجراء خمسة أو ستة تغييرات وزارية في الفريق الوزاري الحالي.
وأضاف المسئول الذي طلب عدم الكشف عن شخصيته لأن قرارات التعيين النهائية لم تصدر بعد أن هذه التعديلات "ستؤدي إلى تناغم كامل بين إردوغان ومجلس الوزراء ... وستنفذ قرارات إردوغان دون أن تمس."
ويرى إردوغان وأنصاره أن الرئاسة التنفيذية على غرار النظام الأمريكي أو الفرنسي ضمان يقي البلاد من الانقسامات التي تجلبها الائتلافات الحكومية والتي عطلت التنمية في تركيا خلال التسعينات.
ويخشى خصومه والمتشككون من حلفائه الغربيين أن يتزايد اتجاه تركيز السلطة في يديه. وقد رفع الإدعاء أكثر من 1800 قضية على أشخاص بتهمة إهانة إردوغان منذ أصبح رئيسا للبلاد عام 2014.
وأغلقت صحف معارضة وصدرت قرارات بعزل صحفيين وأكاديميين ممن ينتقدون السياسات الحكومية.
وانتقد مارتن شولز رئيس البرلمان الأوروبي سعي إردوغان لتركيز السلطة في يديه في تعليقات نشرت يوم الاثنين ووصف ذلك بأنه "خروج مثير على القيم الأوروبية" في دولة تتفاوض على عضوية الاتحاد الاوروبي.
وقال لصحيفة كولنر شتاتانتسايجر الألمانية "نحن نرى أن تركيا في ظل إردوغان في سبيلها لكي تصبح دولة الفرد الواحد."
وقال إن البرلمان الأوروبي لن يبدأ في مناقشة سفر الأتراك إلى أوروبا دون تأشيرة دخول الذي تم الاتفاق عليه كمكافأة لتعاون أنقره في الحد من الهجرة غير الشرعية إلى أن تحقق تركيا كل المعايير المطلوبة بما في ذلك تعديل قوانينها الشاملة لمكافحة الإرهاب وهو الأمر الذي يصر إردوغان على رفضه.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي واجهت انتقادات لتوسطها في اتفاق الهجرة مع تركيا رغم سجلها في مجال حقوق الانسان إنها شددت في اجتماع مع إردوغان يوم الاثنين على ضرورة وجود مؤسسات مستقلة قوية.
وقالت بعد الاجتماع على هامش قمة انسانية في اسطنبول "لقد أوضحت في المحادثة التي دارت اليوم أنني أعتقد أيضا أننا بحاجة لنظام قضائي مستقل وبحاجة لإعلام مستقل وبرلمان قوي."
وفي بادرة على ما قد يطرأ على العلاقات مع بروكسل من اضطراب حذر يجيت بولوت مستشار إردوغان للشؤون الاقتصادية من أن أنقرة قد تعلق كل اتفاقاتها مع الاتحاد الأوروبي إذا لم يلتزم بوعوده.
وقد أوضح إردوغان إنه يريد تحقيق الشرعية للنظام الرئاسي الذي يستلزم تعديل الدستور عن طريق إجراء استفتاء شعبي. ولكي يحقق ذلك يحتاج لدعم 330 عضوا على الأقل من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 550 نائبا وتأييد مطلق من القاعدة الشعبية لحزب العدالة والتنمية في حملة الدعاية.
أما رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو فقد كان تأييده باهتا لطموحات إردوغان. وبتغييره يهدف إردوغان لتوحيد الحزب في الوقت الذي تعاني فيه المعارضة القومية من خلافات على قيادتها ذات آثار مدمرة كما تواجه المعارضة المؤيدة للأكراد خطر مقاضاة أعضائها بعد رفع الحصانة البرلمانية عنهم في الأسبوع الماضي.
وقال مسؤول كبير ثان بالحزب الحاكم لرويترز "الآن أصبح طريق تعديل الدستور لتنفيذ النظام الرئاسي مفتوحا بالكامل."
وليس من الواضح مدى التأييد الشعبي لمثل هذا التعديل الدستوري وقدره استطلاع حديث أجرته مؤسسة إبسوس بنسبة 36 في المئة فقط. من ناحية أخرى قالت صحيفة صباح اليومية المؤيدة للحكومة إن استطلاعا أجرته مؤسسة (أو.آر.سي) للأبحاث قدر التأييد بنسبة 58 في المئة.
وقال أوزر سنجار مدير شركة متروبول للأبحاث لرويترز "حكم الفرد الواحد بدأ فعليا حتى ولو لم يكن دستوريا."
ويوم الاثنين قال يلدريم إن قائمة أعضاء مجلس الوزراء الجديد سيتم إعدادها على وجه السرعة وتقدم لإردوغان لاعتمادها بمجرد أن يتيسر ذلك. وسبق أن قال يلدريم إن هدفه الرئيسي كرئيس للوزراء سيكون صياغة دستور جديد.