بالصور... سماهيج تفقد الوجيه العريس المعروف بإصلاح ذات البين وتزويج العشرات
سماهيج - محمد الجدحفصي
فقدت قرية سماهيج، يوم السبت (21 مايو/ أيار 2016)، الوجيه الحاج حسن أحمد العريس (90 عاماً) المعروف بمساعيه الدائمة في إصلاح ذات البين والمساهمة في تزويج العشرات من شباب القرية. وقد ووري جثمان الفقيد الثرى بمقبرة سماهيج التاريخية وسط مشاركة واسعة من أهالي القرية بتشييعه لمثواه الأخير.
والفقيد من مواليد العام (1925)، تلقى التعليم القرآني على يد أبيه فأتقنه قراءةً وحفظاً، فكان من القلائل الذين يجيدون القراءة بشكل عام، إذ بمقدوره قراءة الأدعية والكتب والصحف بإتقان وليس كسائر من كانوا يتعلّمون القرآن في تلك الفترة، فلا يجيدون إلا قراءة القرآن الكريم معتمدين على حفظهم لرسم الحروف وما تختزنه ذاكرتهم من آيات. وكان الفقيد يمتلك ثقافةً واسعةً وكأنه قد درس في التعليم النظامي بالمدارس، حيث يخوض في الكثير من القضايا العلمية والدينية ولديه اطلاع بأمور السياسة والحراك العالمي.
وقد تعلّم الحاج حسن الخطابة على يد أبيه الخطيب المشهور الحاج أحمد العريس، غير أنه لم يستمر كثيراً فيها، على الرغم من قراءة بعض المجالس الأسبوعية. وقد اشتغل الفقيد بركوب البحر القريب حيث كان متخصصاً في بناء مصائد الأسماك والصيد بطريقة "القراقير"، خصوصاً في منطقة رأس الحد (الكشاشة)، وكان الصيد مصدر رزقه الأساسي، حيث يبني مصائد الأسماك بهندسته الخاصة ويصنع "القراقير" بيديه.
وقد عُرف الفقيد بجهوده الجبارة في إصلاح ذات البين سواءً بين الأفراد أو العائلات أو الجماعات، كما كانت له مساعٍٍ محمودة في تزويج العديد من الشباب والفتيات، حيث كان من الساعين للبحث عن زوجات للعزاب وأزواج للعازبات، ولكم وفقه الله تعالى للتوفيق بين اثنين والجمع بينهما برباط الزوجية، على سنة النبي محمد (ص).
وفي السنوات الأخيرة أصيب بجلطة مميتة نجا منها بفضل إيمانه ودعاء المؤمنين، حيث تلقى العلاج بالمستشفى فصار طريح الفراش وقد تضرر بصره بشكل كبير، خصوصاً أن العملية التي أجريت له في عينيه قبل الجلطة لم تكن ناجحة، ومع ذلك كان يحتفظ بكامل ذاكرته ويعرف كل من يأتيه ويسأل عن الجميع ويتذكر كل القضايا القديمة والمسائل الغابرة، وتم الاستعانة بما لديه في توثيق العديد من المعلومات الخاصة بمشروع "موسوعة سماهيج" التوثيقي الضخم.
وينحدر أصل الفقيد من عائلة وجهاء، فجده الحاج محمد العريس من أشهر تجار اللؤلؤ والخطباء ومعلمي القرآن الكريم والوكلاء لعلماء البحرين الكبار في صلاة الجنائز والجماعة وإجراء عقود الزواج، وكذلك ورثه ابنه الحاج أحمد العريس - والد الحاج حسن - الذي زاد على تلك الوجاهة بتنصيبه مختاراً لقرية سماهيج لفترة طويلة، قبل أن يقعده المرض إلى أن وافاه الأجل ودفن في مقبرة سماهيج التاريخية عقيب صلاة الظهرين، بعد أن لازم الفراش لسنوات دون حراك سوى ذاكرته القوية التي احتفظت بكل شيء إلى آخر عهده، فانطوت صفحة مهمة من تاريخ شخص عظيم ما فتئ في خدمة أهله ومجتمعه ودينه، ولاتزال أياديه معطاءة عبر أبنائه الذين حذوا حذوه في أعمال البر والخير.