قصة قصيرة... عاشق
قصة قصيرة - عثمان بالنائلة (تونس)
همهم وسعل بشدّة وهو يمشي في الطريق المؤديّة إلى العمارة التّي يقطن بها. رأى عماد سبّاك الحيّ عائداً إلى بيته على درّاجته الناريّة. فألقى عليه التحيّة صائحاً: انقطع الماء. فلا تزرنا يا سبّاك الغفلة. ابتسم عماد. وأجابه قائلاً: ستحتاجني يوماً ما. طاب مساؤك. نظر إليه ضاحكاً وهو يقول: وتجيبني يا أبله. وانحنى مادّاً يده إلى الأرض متظاهراً بأنّه يبحث عن شيء يضربه به. فقهقه السبّاك مبتعداً. سمع مواء القطّ "باجيرا" يتهدّد قططاً أخرى. فابتسم؛ إذ كان هو من أطلق عليه هذا الاسم المضحك في الحيّ. فهو قطّ مشاكس عنيد وقويّ. لطالما تابع مشاجراته المتواصلة مع بقيّة القطط الّتي تهابه وتترك له ما تغنمه وتبتعد لا تلوي على شيء. وكان "باجيرا" يحبّه أيضاً. فكلّما كان يراه يقبل عليه ويتقوّس ويتمسّح برجليه مستجدياً منه لمسة. استرعى نظره خروج سلمى من منزلها. فترك القطّ. واستوى واقفاً. وسلّم عليها قائلاً: مساء الخير يا جارة. نظرت إليه بغنج وهي تمشي متمايلة يمنة ويسرة، وقالت: تعود متأخّراً إلى بيتك كالعادة، وتنسى زيارة أبي. فأجابها غامزاً إيّاها بعينه قائلاً: "اشتقت كثيراً إلى العمّ يحيى. ولديّ ما أقوله لك. فمتى ألقاك؟ ضحكت بدلال وقالت: تلقاه أم تلقاني؟ فقال: بل ألقاك. فأحدّثك عمّا يجيش بفؤادي، ثمّ ألقاه فأخطبك منه. قالت مدّعية الاِستغراب: تعلم رأيي. فبماذا ستحدّثني؟ فقال: نلتقي غداً عصراً في الحديقة العموميّة كالمعتاد. تنهّدت... صمتت وأومأت برأسها موافقة. وعاد هو إلى ملاطفة القطّ متأمّلاً تمايل جسمها الممشوق قائلاً بصوت مرتفع: أحبّك يا "باجيرا. فأخفت بسرعة فمها بيدها اليمنى. وسمع صوت ضحكاتها المكتومة.